د. شاكر النابلسي Ýí 2011-07-09
ليست هناك فرحة لشعب من الشعوب المظلومة، والمسلوبة خيرات وطنها، والمحكومة بالحديد والنار عقوداً كثيرة، والشعوب التي لم يجد أبناؤها فرصاً للعمل، مثل فرحتهم لنجاح ثورة في بلادهم، حيث تأتي هذه الثورة مبشرةً بالسمن والعسل، وإقامة العدالة، وتوفير فرص العمل للشباب المنشور على الأرصفة والمقاهي، وإصلاح التعليم، وإقامة المجتمع المدني، وإتاحة هامش كبير للحريات العامة، واحترام قيم الديمقراطية، واستقلال القضاء، ومساواة المرأة بالرجل والرجل بالمرأة في الحقوق والواجبات.. الخ. ولكن ما أن تمضي عدة أيام، وفي بعض الأحيان عدة شهور، على قيام الثورة، وسقوط النظام القديم، حتى تُفاجأ الشعوب بأن الثورة لم تأتِ بغير الكساد، والتراجع الاقتصادي، والفوضى الأمنية، والانفلات في الإدارة, وأن الحكومة التي تتولى الحكم في الفترة الانتقالية، لا خبرة لها في إدارة شؤون البلاد والعباد، وأن الجميع يطالبون بزيادة رواتبهم، وأن الدولة تكاد تعجز عن دفع الرواتب السابقة. وأن الجميع يدعي بأنه هو من أشعل الثورة، ولا أحد يعتبر نفسه من الممتطين، أو الخاطفين للثورة. في حين أن الفرد لا دور له في أية ثورة وأن العقل الجمعي والعمل الجمعي، هو الذي يحرك أمور الوطن. وربما كانت الثورة عبارة عن تراكمات تاريخية وجغرافية وسياسية. وربما هي كبرميل البارود، أو برميل البنزين، الذي ينتظر من يقذفه بالشرارة الأولى لكي يشتعل. ولو كان هذا البرميل فارغاً من البارود أو من البنزين لما انفجر، ولو أُلقي فيه نار جهنم الحارقة. ولذا، اعتبر هيجل أن "الفلسفة تأتي دوماً في الهزيع الأخير من الليل بعد اكتمال الحدث". ووجد هيجل مصاعب جمة في بلورة مسالك الخروج من الثورة، الذي هو في الواقع مفارقة عصية، بما هو خروج إرادي من حالة الحرية المطلقة المجردة إلى حالة الانتظام المؤسسي، الذي يقتضي إضفاء الشرعية على علاقات السلطة.
2- ومن أوهام وأحلام الثورات القضاء على الفقر. فمن المعروف أن الثورات يشعلها الفقراء. الأغنياء لا يثورون، لأن لا دوافع لديهم للثورة. فلا شكوى للبطون المتخمة شبعاً. البطون الخاوية والجائعة هي التي تثور طلباً للخبز. والقضاء على الفقر لا حل سياسياً له. وإنما حله يكمن في رجال الاقتصاد، وفي النخب الاقتصادية. والفقر يُشكِّل عائقاً لتفوق معدلات النمو الاقتصادي على معدلات النمو الديمغرافي. وأن لا ديمقراطية للجياع، حيث أن معظم سكان البلدان العربية الكبرى، يعيشون تحت خط الفقر. والفقراء تعاملوا حتى الآن مع الانتخابات الديمقراطية إما بالاستنكاف عن التصويت (مصر)،وإما ببيع أصواتهم (المغرب، والهند، ولبنان) ،وإما بالتصويت الاحتجاجي لأكثر الحركات تعصباً وعنفاً (الجزائر). إن الديمقراطية لا تتأصل إلا في مجتمعات الوفرة،إلى درجة أن رئيس البنك الدولي السابق يقدر، أن بلوغ متوسط الدخل الفردي السنوي عشرة آلاف دولار، هو الشرط المناسب لتوطين الديمقراطية. عندئذ، تتضاءل إمكانية التصويت الاحتجاجي، والعنف السياسي،ويختفي بيع الأصوات. والفقراء هم عادة ضحايا الأميّة والجهل. وهذا لا يساعدهم على وعي أهمية الديمقراطية كعامل استقرار سياسي، يساعد على التنمية الاقتصادية باستقطاب الاستثمارات الخارجية، وبإقناع الرساميل الداخلية بعدم الفرار. ولا يساعدهم فضلاً عن ذلك على وعي أهمية حقوقهم المدنية. "وهم الذين لم يترك مطلب توفير لقمة العيش في رؤوسهم مكانا لأي مطلب سواه." كما يقول المفكر التونسي العفيف الأخضر في مقاله "عوائق توطين الديمقراطية في المجتمعات العربية".
3- ومن أوهام وأحلام الثورات القضاء على البطالة، أو تخفيف نسبتها العالية في العالم العربي. (بلغت نسبتها 20- 30 %) وانتشار البطالة بهذه النسبة العالية في العالم العربي، ووجود هذه الملايين من العاطلين عن العمل، والذين يحملون شهادات مدرسية وجامعية، لا قيمة لها في سوق العمل المحلي والإقليمي والدولي، دليل واضح على تخلُّف التعليم، وانتشار الفساد السياسي والمالي في العالم العربي، وبالتالي تخلُّف هذا العالم. وهذا الواقع قائم، رغم ازدياد عدد الجامعات في العالم العربي (10 جامعات في 1950 إلى 175 جامعة في 1995)، ورغم زيادة الإنفاق عليها ( وصل في 1996 إلى 9و6 مليار دولار)، ورغم زيادة حاملي الشهادات العالية (وصل عددهم في 1990 إلى 500و80) من حملة شهادة الدكتوراه، والذين يعانون هم أنفسهم أيضاً من البطالة، حيث تظاهر في الأردن أخيراً أكثر من خمسين شخصاً من حملة شهادة الدكتوراه في مختلف التخصصات، أمام مبنى مجلس الوزراء مطالبين بإيجاد عمل لهم.كما أن البلدان العربية تعاني فائضاً في الموظفين، في وظائف متدنية الكفاءة ومنخفضة القيمة في قطاع الخدمات. والبطالة في العالم العربي آخذة بالازدياد. فماذا يمكن للثورات والثوار، أن يفعلوا في مثل هذا الواقع الصعب والبالغ التعقيد في ظل الضعف الاقتصادي في بعض الدول العربية، مما يشير إلى استغراق الثورات لزمن طويل لحين البدء بحل مشكلة البطالة في البلاد الثائرة.
وبعد، فإن الثورات ليست – كما يُظن - هي "الريموت كنترول"، الذي سوف يفتح كل القنوات الفضائية السياسية والاقتصادية والتعليمية وغيرها.
هل أصبحت مصر دولة "مدنية" لأول مرة ؟
هل مستقبل مصر السياسى فى ( الشوقراطية )
دعوة للتبرع
رقيب وعتيد: (مايل� �ظ من قول إلا لديه رقيب عتيد)� �قيب عتيد...
فجر: ما هى الليا لى العشر والشف ع والوت ر فى سورة...
فليمدد له الرحمن مدا: ما معنى فَلْي َمْدُ دْ لَهُ...
فيلم شيعى عن فاطمة: جمع الشيخ الشيع ي المتو اجد في لندن ياسر...
more
أختلف معك في أن الثورة المصرية ، فمن أشعل الشرارة الأولى فيها لم يكن الفقراء ، بل كان شباب الفيسبوك المرفهين ، لكنهم في نفس الوقت متشوقين للحرية يعانوا من النظام الاستبدادي ، يرون يصيص امل فيما شاهدوه في تونس ، وهذا ليس معناه أن الفقراء لم يكن لهم دور، لكن بعد أن اشتعلت وأخذت في الانطلاق ، بل كانوا قابعين تحت إمرة المستبدين حتى في أوج اشتعال الثورة ! يهبطون الهمم ويبثون روح الخنوع ، فالجوعى كان الأولى بهم أن يثوروا لأوضاعهم ، لكن أن ينتظروا لقمة العيش المعجونة بالمهانة مع مسامير وزلط وما تيس من دقيق !! هذا ما أراه يمكن أن نقول إن أكثرهم كان مغيبا مضحوكا عليه خائفا يترقب لقمة الغيش سالفة الذكر . والذي ساعد في تلك الهبة الشعبية متعددة الأطراف هو غباء النظام القمعي ، ودماء الشباب ، والعنف غير المبرر لأجهزة الشرطة !!