رضا البطاوى البطاوى Ýí 2024-04-17
قراءة فى توهم فريجولي .. الواحد يساوي الجميع
صاحب المقال وليد الشهري وهو يدور حول التوهم الكاذب وقد استهله الشهرى بذكر حكاية مختلقة فقال :
"ما هو هذا التوهّم؟
وما أصل التسمية؟
في ليلة من ليالي مارس العاصفة، وقد أخذ المطر في الانهمار بغزارة، يخرج فهد من أحد المتاجر مدفوعًا بذعرٍ شديد، حتى يصل إلى طرف الشارع، فيرفع يديه بحركاتٍ تبدو متسرّعة وعبثيّة في محاولةٍ لإيجاد من يقلّه إلى المنزل بسيارته، لكنّ نوبة الذعر تلك لم تمهله حتى ينهي المهمّة دون مخاطرة، فاضطرّ إلى اعتراض الطريق على رجلٍ مسنّ كان يقود سيّارته بهدوءٍ أصلًا، وانطلق نحو السيارة يريد الركوب في حين لم يبدُ على قسمات الحكمة للرجل المسنّ ما يشي بخوفه أو مبالاته.
بعد أن نجح فهد في ركوب السيارة، ومغالبة أنفاسه للإدلاء بعنوانه إلى السائق المسنّ، يبدو أنّ الأخير قد اعتراه شيءٌ من الفضول تجاه الراكب المذعور أثناء سيرهم، ليبدأ الحوار التالي:
الرجل المسنّ: هل يجب أن أزيد من سرعتي؟ يبدو أنّ لديك أمرٌ طارئ.
فهد: في مثل هذه الأجواء، فإنّ الأمر طارئٌ بالنسبة للجميع.
الرجل المسنّ: في مثل هذه الأجواء؟ ماذا تقصد؟
فهد (بشيءٍ من الهلع): ألا تدرك أنّ تساقط الأمطار قد يجلب معه أرتالًا من النيازك الضخمة التي تدمّر كلّ ما يمكن أن تقع عليه؟!
الرجل المسنّ: لقد عشتُ ثمانين حولًا في هذه الدنيا، ولم أسمع أو أشاهد قط ما تدّعي، ماذا عنك؟! هل رأيت أو سمعت شيئًا من ذلك؟!
فهد: لا، ولكنّي أعتقد أنّه يحدث.
الرجل المسنّ (بعد برهة من الصمت): نعم يا بني، الأمر يحدث بالفعل، ولكن في مخيّلتك فقط!"
ويحلل الشهرى خوف فهد بأنه يعتقد بلا برهان علمى أن النيازك تسقط مع المطر مع أن أحد غيره لم يقل بذلك فيقول:
"بشيءٍ من التأمّل في القصّة - المختلقة - أعلاه، سنجد أنّ فهد يعتقد جازمًا بما يفتقر إلى أدنى دعم من الأدلّة العلميّة أو الشواهد الواقعيّة، فلم يشهد تساقط النيازك مع الأمطار، ولم يسمع بشيءٍ من ذلك طوال حياته، لكنّه بالرغم من ذلك ما يزال يتشبّث باعتقاده متجاهلًا كلّ البراهين التي قد تنقضه، وهو ما يمكن تسميته في علم النفس بالتوهّم."
وقام الشهرى بتعريف ذلك النوع من التوهم مسميا إياه توهم فريجولى مبينا أصل التسمية فى علم النفس الغربى فقال :
"يوجد العديد من أنواع التوهّم المصنّفة في علم النفس، من بينها ما يُعرف بـ "توهّم فريجولي" (fregola delusion)، وهو محور حديثنا في هذه المقالة، فما هو هذا التوهّم؟ وما أصل التسمية؟ لنتابع ..
توهّم فريجولي (fregola delusion) اعتقاد المصاب أنّ الشخص الذي يطارده يتمتّع بقدرة وبراعة فائقة على التخفّي
توهّم فريجولي هو اضطراب نفسي نادر، يزرع في نفس المضطرب الاعتقاد بأنّ ثمّة شخصٌ - واحد في العادة، وقد يكون العدد أكثر- معروف بالنسبة له، يطارده ويترصّد له في كلِّ مكان .. "
هذا النوع من التوهم سماه الشعبيون فى أمثالههم الخوف من الظل فقالوا :
بيخاف من ظله
وهو الخوف من الشىء الذى لا يخيف
وأحيانا يسمونه:
اللهو الخفى
وتحدث عن أن المتوهم يشك فى كل شىء حوله فقال :
"لا، ما خطر ببالك إزاء ذلك النوع من المطاردة التقليديّة غير صحيح عزيزي القارئ ..
يعتقد المصاب بذلك النوع من التوهّم أنّ الشخص الذي يطارده يتمتّع بقدرة وبراعة فائقة على التخفّي وانتحال الشخصيّات البعيدة أو المقرّبة من المتوهّم، فقد يبدو في مظهر موظّفة استقبال في أحد الفنادق، أو شخصٍ عابرٍ في الطريق يودّ الاستعلام عن شيءٍ ما، وربّما تقمّص شخصيّة الأخ أو الجار."
وتحدث عن تدخل نوع أخر من الوهم مع وهم الخوف من الخفى سماه توهم كابجراس فقال :
"وفي حالة تقمّص شخصيّة أحد المقرّبين على وجه التحديد، يحدث شيءٌ من التداخل مع نوعٍ آخر من التوهّم يُعرف بـ "توهّم كابجراس" (Capgras delusion)، وهو الاعتقاد بوجود شخصٍ محترف ومخادعٍ قام باختطاف أحد الأقارب أو الأصدقاء ليتّخذ هيئته ويلعب دوره في حياة المتوهّم، وربّما ساعدت مشاهدة فيلم " the son" على تكوين صورة أوضح حول ذلك الاضطراب - مع اختلاف بعض تفاصيل الفيلم التي ستكتشفها بنفسك دون أن أضطر لإفساد متعة مشاهدتك له-.
بالنسبة إلى أصل النسبة، فإنّه يعود إلى شخصٍ يدعى "ليوبولدو فريجولي"، وهو ممثّل مسرحي إيطالي، اشتهر ببراعته في تغيير مظهره على المسرح أثناء التمثيل! كل الاشخاص الآخرين هم عبارة عن شخص واحد متخفي"
ويعيد الشهرى السبب فى هذا الوهم بناء على علم النفس الغربى إلى حادثة جسدية فى الدماغ فيقول :
"وعادةً ما يكون لدى المصاب بهذا الاضطراب نوعًا من التضرّر المسبق في الدماغ نتيجة التعرض لاصطدام عنيف، أو نوبات الصرع، أو الإصابة بالزهايمر، إلى غير ذلك."
قطعا الخوف عملية نفسية لا علاقة لها بالجسم وحتى الرسل(ص) أنفسهم يصابون بالخوف كما خاف موسى(ص) من تحول العصا إلى حية كما قال تعالى :
"وألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى لا تخف إنى لا يخاف لدى المرسلون إلا من ظلم ثم بدل حسنا بعد سوء فإنى غفور رحيم"
واستعرض الشهرى حالات شهيرة من المتوهمين فى علم النفس الغربى فقال :
"الحالة الأولى التي تم تشخصيها بهذا التوهّم كانت عام 1927 لامرأةٍ في السابعة والعشرين من عمرها .. اعتقدت تلك المرأة القابعة في لندن أنّها تتعرضّ للاضطهاد من قبل اثنين من الممثّلين الذين سبق وأن شاهدتهما على المسرح، من خلال استمرارهما في تجسيد الشخصيّات التي تصادفها في حياتها بغرض تعقّبها!
وبما أنّها ليست الحالة الوحيدة التي شُخّصت بهذا الاضطراب، فسوف نستعرض بعض الحالات المشابهة فيما يلي.
حالة الشاب روبرت
مازال يعتقد انها قريبة منه لكن متخفية روبرت هو شاب يبلغ من العمر 21 عامًا، دخل المصحّة النفسيّة ليتم تشخيص حالته بانفصام الشخصيّة في مرحلته الأولى، وإصابته بنوع من عمى التعرّف على الوجوه، وهو ما أوصله إلى أحد فروعه المسمّى "توهّم فريجولي".
كان روبرت يستخدم نوعًا من "الكريمات" الخاصّة بالوجه قبل خروجه، ويعتقد أن الفتيات لا يملكن إلّا الافتتان به من أجل ذلك، وكأنّ ذلك "الكريم" قادر على تغيير مظهر الوجه بصورة جذريّة .. في الحقيقة، من هنا بدأت المشكلة أصلًا، إذ تطوّر ذلك الاعتقاد لدى روبرت إلى الجزم فعلًا بأنّ "الكريم" قادر على تغيير مظهر الوجه بصورة جذريّة!
فمن خلال موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، نشأت علاقة بين روبرت وإحدى الفتيات على تلك المنصّة، وكان روبرت متحمّسًا لأن تأخذ العلاقة خطواتٍ إلى الأمام، إلّا أنّ الفتاة تركته في نهاية الأمر وأعلنت رحيلها!
منذ ذلك الحين وروبرت يعتقد أنّ تلك الفتاة لم تهجره بالفعل، بل إنّها ما تزال قريبةً إليه من خلال تقمّصها للشخصيّات المحيطة به، وقد سُئل عن آليّة تقمّصها لتلك الشخصيّات، فأجاب بأنّها تفعل ذلك باستخدام "الكريم" نفسه الذي يستخدمه هو!
حالة الفتاة باسكال
تعتقد بأنها متزوجة من رجل .. لا وجود له اصلا! .. في عامها الثالث والعشرين، تم إدخال باسكال إلى المشفى من قبل أهلها الذين صرّحوا بأنّ ابنتهم أخبرتهم بدخول رجلٍ في حياتها منذ 6 أشهر، وقد أحبّته، وباتت تريد الزواج منه وتكوين أسرة سعيدة، بل إنّها قد تزوّجت منه منذ شهر مضى.
لعلّك تتساءل أيها القارئ الكريم: وهل يستحق الأمر إدخالها إلى المصحّة النفسيّة؟!
حسنًا، ربما سترى أن الأمر يستحقّ إذا أخبرتك بعدم وجود رجلٍ في حياتها أصلًا، فهي لا تملك أيّة معلومات عنه، وكل ما تعرفه هو أنّه يتنكّر في صورة المقرّبين منها ليراها ويتواصل معها!
من الجدير بالذكر، أنّ باسكال وعائلتها ليس لديهم أي تاريخ مرضي نفسي، ولم يسبق لها التعرّض لإصابة في الرأس أو نوبات من أي نوع، والتي من شأنها أن تعزز من ترجيح الاضطراب النفسي أو العصبي، مع العلم بأنّ الفحوصات البيولوجيّة أظهرت وجود بعض العلل مثل فقر الدم ونقص بعض الفيتامينات، وأُعطيت الأدوية اللازمة. مؤخرًا تم وصف حالتها بأنّها "على ما يرام"، وذلك بعد متابعة طبيّة استمرّت لشهور - على الأقل -."
وحالة باسكال تضاد ما قاله الشهرى من كون المتوهمين لابد أنهم تعرضوا لحادثة دماغية
العملية لا تعدو أن تكون عملية تخيل وتصديق للتخيل وكما قال السابقون :
من خاف من عفريت طلع له أو:
اللى يخاف من عفريت يطلعله
وأنهى الشهرى كلامه بالدعاء بهؤلاء المرضى بالشفاء فقال :
"في الختام ..
بعيدًا عن التوهّم المَرَضي، وبعد التضرّع إلى الله تعالى بالشفاء التام والعاجل لجميع المرضى، أعتقد أنّ الإنسان بما يملك من قدرة على الخروج عن المنطق وإطلاق العنان لخياله الجامح، فلا بدّ أنّنا جميعًا قد وقعنا بطريقة أو بأخرى في التوهّم .. أتذكّر خلال طفولتي المبكّرة أنّني كنت أفكر أحيانًا فيما لو كان الناس من حولي عبارة عن ممثّلين، وليسوا بشرًا حقيقيّين - كما لو أنّني آخر قِطعة من سلالة آدم -، ماذا عنك؟! .. "
قطعا كل واحد يمر بشىء ما من الأوهام فى حياته والكثيرون يعبرون المرحلة بسلام عندما يفكرون فيجدون أنه لا داعى لأى خوف لعدم تحقق الوهم
نظرات فى كتيب إذا عصاني من يعرفني سلطت عليه من لا يعرفني
دعوة للتبرع
الزهد والتصوف: اريد الفرق بين الزهد و التصو ف ...
المهدى غير المنتظر: ايه حكايه المهد ي المنت ظر عند اهل السنه...
سورة الانعام: القرأ ن الكري م كلام الله تعالى واقدر واجله...
الحج أم صدقة ضرورية؟: انا سيدة في منتصف الستي نات من عمري - جهزت...
ابى وعمى وأختى : ابويا الله يرحمه بقى كان غنى وصاحب عمارة...
more