وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُمْ بِهِ.

عزمت بسم الله،

إن أكثر المسلمين ارتدوا على أعقابهم مباشرة بعد وفاة النبي وقبل دفنه، اجتمع بعض الصحابة في سقيفة بني ساعدة، وكان اختلافهم فيمن يخلف النبي، أي من يكون الحاكم الآمر الناهي، وتقلد أبو بكر منصب الخلافة، مع رفض لبعض الصحابة المقربين للنبي بنته فاطمة وصهره علي بن أبي طالب وغيرهما، استمرت الخلافات من ذلك اليوم واشتد الخلاف بين الصحابة المقربين فكان مصيرهم القتل، بدأ بأبي بكر الصديق الذي توفي مسموما ( حسب بعض الروايات) كان ذلك سنة 13 هـ فخلفه عمر بن الخطاب ثم قتل سنة 23 هـ فخلفه عثمان بن عفان إلى عام 35 هـ فخلفه علي بن أبي طالب ثم استولى الأمويون على الحكم وعلى رأسهم معاوية بن أبي سفيان، فقد كان المشارك في الفتن الكبرى، معركة الجمل التي وقعت عام 36 هـ وجاءت بعدها معركة صفين عام 37 هـ والمتقاتلين فيها هم من كبار الصحابة مع كل أسف، وقتل علي بن أبي طالب سنة 40 هـ وبعد ذلك أصبح المسلمون فرقتان شيعة أهل البيت وأتباع معاوية، ومن ذلك اليوم بدأ التحزب والفُرقة وكل يدعي الحق معه والباطل مع غيره، ونشأت المذاهب برعاية من الخلفاء والحكام بقي الصراع بين المسلمين إلى يوم الناس هذا، كل هذا الاختلاف كان من أجل السلطة والحكم وجعلوا الدين مطية للاستيلاء على الحكم، ولم يكن ذلك من أجل تبليغ رسالة الله تعالى التي تركها الرسول محمد عليه وعلى جميع الأنبياء السلام، أمانة بين أيدي الصحابة، فقد بدَّلوا وغيرَّوا في شرع الله تعالى حسب ما ورد في كتب التاريخ، إلى أن جاء محمد بن إسماعيل (البخاري) الذي ولد عام 194 هجري وتفي عام 256 هجري أي أنه عاش 62 سنة و( استطاع) أن يجمع فيها حوالي 600 ألف حديث، كان من المفروض أن تكون الأحاديث مطابقة لما أُنزل على محمد من الوحي، لكن الحقيقة غير ذلك فأكثرها تتناقض مع ما أنزل الله تعالى على رسوله من الحق. قال رسول الله عن الروح عن ربه: قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلْ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ(19). الأنعام.
والطامة الكبرى فقد أخذ ( العلماء) تلك الأحاديث على أنها من الوحي وأنها صحيحة، ولا يجوز نقد حديث واحد من تلك الأحاديث الواردة في ( صحيح البخاري)، لأن ( العلماء) أجمعوا على صحة ما بين دفتي كتاب البخاري، لكن إذا رجعنا إلى كتاب الله تعالى القرآن العظيم نجد أن الله تعالى أنبأنا بقاعدة مهمة، وهي أن نتدبر القرآن وننظر في ما ورد خارج القرآن، فإن وجدنا فيه الاختلاف معه عرفنا أن ذلك ليس من عند الله تعالى. أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا. النساء 82. نعم يا رب إننا نجد اختلافا كثيرا بين ما أنزلت على رسولك وما جمع البخاري ونسبه إلى قول أو فعل الرسول، ومن ذلك مثلا فقد حرم الله تعالى مباشرة النساء في المحيض وعدم القرب منه حتى يطهرن ويتطهرن. أنزل الله تعالى القرآن بعد أن تساءل الصحابة عن المحيض فقال: وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ. البقرة 222. إن هذه الآيات المحكمات ضرب البخاري وغيره بها عرض الحائط، واتهم الرسول بأنه يباشر زوجاته في المحيض وفور حيضها بعد أن تتزر، وحرم على الحائض الصلاة والصوم رغم أن الله تعالى لم يحرم ذلك أبدا، فقد حرم القرب من الصلاة على السكران حتى يعلم ما يقول وعلى المجنب حتى يغتسل. يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ وَلاَ جُنُبًا إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا غَفُورًا. النساء 43. لا توجد آية ولا إشارة في القرآن تحرم الصلاة والصوم على الحائض، إنما هي روايات متناقضة نسبت إلى قول الرسول.
ونجد أن البخاري وغيره من كتب البشر جاء فيها ما يلي: باب مباشرة الحائض 295 حدثنا قبيصة قال حدثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت ثم كنت أغتسل أنا والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد كلانا جنب وكان يأمرني فأتزر فيباشرني وأنا حائض وكان يخرج رأسه إلي وهو معتكف فأغسله وأنا حائض 296 حدثنا إسماعيل بن خليل قال أخبرنا علي بن مسهر قال أخبرنا أبو إسحاق هو الشيباني عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عائشة قالت ثم كانت إحدانا إذا كانت حائضا فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يباشرها أمرها أن تتزر في فور حيضتها ثم يباشرها قالت وأيكم يملك إربه كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يملك إربه تابعه خالد وجرير عن الشيباني 297 حدثنا أبو النعمان قال حدثنا عبد الواحد قال حدثنا الشيباني قال حدثنا عبد الله بن شداد قال سمعت ميمونة ثم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يباشر امرأة من نسائه أمرها فاتزرت وهي حائض ورواه سفيان عن الشيباني.
صحيح البخاري ج 1 ص 115 قرص 1300 كتاب.

والله تعالى أوحى إلى رسوله القرآن لينذر به، وليس ليتقول على الله من عنده فلا يمكن لرسول الله أن يخالف أمر الله تعالى أبدا، لكن البخاري أراد أن يجعل رسول الله محمدا عليه وعلى جميع الأنبياء السلام، عاصيا لأمر ربه ومخالفا أمره. قال رسول الله عن الروح عن ربه: وَمَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرَى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ لَا رَيْبَ فِيهِ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ(37). يونس.
إن الله تعالى أنزل القرآن وتولى حفظه بقدرته من عبث العابثين، فلما لم يستطيعوا أن يغيروا آية أو الإتيان بمثله وقد تحدى الله تعالى الإنس والجن مجتمعين ليأتوا بمثل القرآن فلم يستطيعوا ذلك.
قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا. الإسراء 88.
إن المستمسك بالقرآن وحده، سيكون يوم الفرقان من المطمئنين الآمنين لأنه لم يتبع السبل التي نهى الله تعالى من اتباعها. وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ* الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ. الأنعام 82. وكلمة (وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ) لأن الله تعالى يعتبر الشرك ظلما عظيما ولا يغفر لمن أشرك به. إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً بَعِيدًا. النساء 116.
قال رسول الله عن الروح عن ربه:
إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا(9). الإسراء.
وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا(89). الإسراء.
وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِنْ جِئْتَهُمْ بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ(58). الروم.
والدليل القاطع الذي لا يؤمن به إلا المتقون هو ما سيقول الرسول يوم الحساب والجزاء بأن قومه اتخذوا القرآن مهجورا واتبعوا غير سبيل المؤمنين.
وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا(30). الفرقان.
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أُوْلَئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ* الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ* أُوْلَئِكَ لَمْ يَكُونُواْ مُعْجِزِينَ فِي الأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاء يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ مَا كَانُواْ يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُواْ يُبْصِرُونَ* أُوْلَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُواْ أَنفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ* لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الأَخْسَرُونَ. هود 22. صدق الله العظيم.
ختاما بلَّغ رسول الله عن الروح عن ربه: قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلْ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ(19). الأنعام.
إذن ما دمت أيها القارئ الكريم حيا ترزق، ويمكنك استدراك ما فاتك من العمر لتعود إلى كتاب الله العظيم، ويمكنك البحث والتدبر في الكتاب بالوسائل المتاحة لكل الناس فتختار لنفسك حياة ما بعد الموت والبعث والحساب لتكون من الفائزين برضا الله تعالى ووده وما وعد به المتقين الآمنين. قال رسول الله عن الروح عن ربه: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا* فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُّدًّا. مريم 97.
ولا تكن من الذين كفروا ولم يؤمنوا بالقرآن وحده. لأن الله تعالى أخبرنا فقال: وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلَوْ تَرَى إِذْ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ(31). سباء.

والسلام على من اتبع هدى الله تعالى فلا يضل ولا يشقى.