مشكلتنا في مصر أننا ساذجون إلى حد البلاهة أحيانا، وبلهاء إلى حد العباطة!
الحكاية ليست حكومة جديدة أو برلمان أو مشروع نهضة أو مئة يوم، ولكن الانتظار حتى يعود اللص، ويعتذر لك، ويعيد إليك ما قام بسرقته.
نبدأ من البداية!
- هل تثق أن محاكمة مبارك كانت حقيقية، وهو يستحق قضاء ما بقي من عمره في مشفاه الفاخر؟
الاجابة: قطعا لا أثق في المحكمة أو رئيسها.
- لماذا؟
لأنه أفرج عن جمال مبارك .. الحاكم الحقيقي بروح أبيه لعدة سنوات.
- ألا يعرف المستشار أحمد رفعت تفاصيل حياته؟
نعم يعرف، لكن النائب العام لم يمده بالمعلومات اللازمة.
- ولماذا لا يثور المصريون؟
لأن الإخوان المسلمين سرقوا الثورة وتبعهم السلفيون.
- هل تثق في المشير؟
إنه الساعد الأيمن للسفاح مبارك لأكثر من عشرين عاماً.
- ولماذا تسكت عن سرقته للثورة لأكثر من عام ونصف العام؟
لأنه تحالف مع القوى الإسلامية الوصولية للتغطية على نظام المخلوع.
إن الإخوان المسلمين والسلفيين لهم أتباع بالملايين يؤمنون أنهم يتقون الله، وأن الحل بين أيديهم.
- ما هي وظيفة الرئيس محمد مرسي؟
حتى الآن لا أعرف!
- على أي أساس يختار رئيس الوزراء وأعضاء الحكومة؟
هذا تقسيم لا نفهم فيه، لكن الأولوية لمن يُصــَــلـّـي الفجر مع البواب.
- كيف تصف المشهد المصري الآن؟
لو عاد إلى الدنيا أي حاكم مصري منذ بناة الأهرام وألقى نظرة واحدة عليه لتملَّـكَـهُ الغَمّ والحزن حتى يوم القيامة.
- لماذا يدافع ملايين من الهووسين عن الرئيس محمد مرسي، بل إن ألسنتهم السليطة تخلط الكذب بالحماقة، وترفض الاعتراف أن الإخوان المسلمين وصوليون، وطائفيون، وأن تحالفهم مع السلفيين سيمزق مصر، وتحالفهم مع العسكر سيجعل المصريين يندمون على خلع الطاغية مبارك؟
لأن المصريين يستخدمون الدين في التغييب والتخدير، وليس في التقدم والنظافة والشرف والعمل والثقافة والأخلاق الحميدة.
- من هم أعداء الشعب؟
المخلوع والفلول والمشير والمجلس العسكري والإخوان المسلمون والسلفيون والقضاء المصري وأجهزة الأمن والإعلاميون وكل قيادات الأحزاب المصرية وكل مرشحي الرئاسة والبرلمانيون والمحكمة الدستورية والنائب العام والمستشار أحمد رفعت!
- أراك لم تترك جهة إلا وضممتها إلى أعداء الشعب المصري، فمن هم الخائفون على مصلحة مصرنا الطيبة؟
إنهم الغائبون عن المشهد المصري. ثوار 25 يناير الذين صمتوا على سرقة ثورتهم. الثوار الذين لم يطمعوا في الكعكة، ولم يترشحوا لانتخابات تشريعية، ولم ينضموا إلى أحزاب أو جماعات دينية أو حزبية.
- هل هناك خلاص من هذا الجحيم؟
نعم، لكن المصريين لن يعترفوا به لأنهم أصبحوا متفرقين بين ثمانين مليون رأي و .. رأي مضاد.
- كيف يعود الثوار إلى وطنهم الأصلي، أي ميدان التحرير الذي يمثل مصر رمزا وقوة؟
هذا يتوقف على تعريف الثوري بنفسه!
- ومن هو الثوري؟
هو المصري الرافض لكل القوى السياسية والدينية والحزبية والعسكرية والفلولية والإعلامية الموجودة على سطح مشهد سقوط الدولة.
المصري الثوري هو الذي لا تعرف دينه أو مذهبه أو طائفته أو قبيلته أو أيديولوجيته، ولا يرفع شعار زعيم أو مرشد روحي، ولا يؤيد أي مرشح من الثلاثة عشر الذين أصبحوا اثنين واختار نصف الشعب واحدا منهما نكاية في الثاني.
المصري الثوري هو الذي إذا ذكرت اسم مسؤول أو رئيس أو مشير أو مخلوع أو قاض أو رئيس تحرير صحيفة كبرى انفجر جهازه العصبي غضباً وحرقة وكمداً وغيظاً.
من يضع ثقته في أي من سارقي ثورتنا الطاهرة فهو منهم، حتى لو أقسم بأغلظ الإيمانات أنه يحب مصر، ويعشق ترابها.
الآن، يمكنك أن تعرف إنْ كنت ثوريا طاهرا متطهرا، أو عدواً لشعب مصر حتى لو كنت مغرقا في حُسن النية، فالطريق إلى الجحيم مفروش بنوايا الساذجين ولو كانوا من الرُكــَّـعِ السجود!
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
أوسلو في 2 أغسطس 2012