انتهى عصر الحضيض ، وأبشروا بعصر أسفل السافلين ..

آحمد صبحي منصور في الإثنين ٠٩ - يوليو - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

 

أولا :

1 ـ فى مقال منشور هنا عن حوار لى مع جريدة ( المصرى اليوم ) سئلت : ( هل ترى ان صعود الاخوان المسلمين الى الحكم اذا فاز محمد مرسى يجهض فكرة حرية الاعتقاد فى مصر أم من الممكن ان يعلن اصحاب المذاهب المختلفة عن نفسهم ويطالبوا بحقوقهم ؟)، وقلت : ( نعم لو إنفردوا بحكم مصر . والمشكلة أنهم لو وصلوا الى نفوذ قدره 40% سيطورونه ليصل الى 90 % ثم الى التحكم التام . وهذا يعنى الوصول الى أسفل سافلين ) كان الحوار قبل الانتخابات وقبل نجاح مرسى . واليوم الرئيس الاخوانى محمد مرسى يتحدى المجلس العسكرى و المحكمة الدستورية والقضاء ويأمر بعودة مجلس الشعب المطعون فى شرعيته ، والذى يسيطر عليه الاخوان والسلفيون بهدف الحفاظ على سيطرتهم على تأسيسية الدستور لتصنع دستورا سلفيا سنيا وهابيا طلبانيا . أى كما قلت من قبل ، ( انهم لو وصلوا الى نفوذ قدره 40% سيطورونه ليصل الى 90 % ثم الى التحكم التام . وهذا يعنى الوصول الى أسفل سافلين ).

ابشروا .. فقد بدأ عصر ( أسفل السافلين ).!!

السبب الرئيس فى نجاحهم هو أن ثقافتهم الوهابية هى التى خلقت لهم المناخ المواتى لتحقيق طموحهم وتطبيق شريعتهم السنية الوهابية . ولقد قلت فى نفس الحوار المشار اليه : ( قوة الاخوان والسلفية ليس فى كونهم جماعة أو عدة تنظيمات سلفية وعدة أحزاب . قوتهم فى كونهم ثقافة دينية تم نشرها خلال الاعلام والتعليم والأزهر والمساجد طيلة حكم السادات ومبارك ،أى نشأ عليها معظم المصريين وتشربوها على أنها الاسلام. لذلك يوصفون بأنهم (اسلاميون) مع أنهم فى معتقداتهم وشريعتهم وسلوكياتهم وخلطهم السياسة بالدين يتناقضون مع الاسلام .). واليوم الاثنين 9 يولية 2012 يبدأ ما تنبأت به،إذ يقوم الاخوان ( بتوسيع نفوذهم من 40% وسيطورونه ليصل الى 90 % ثم الى التحكم التام .وهذا يعنى الوصول الى أسفل سافلين ) .  وهذا إرهاص يعنى أن ما تنبأت به فى المقال السابق ( الفخّ ) قد يتحقق وتتدمّر مصر .!!

2 ـ ففى المقال السابق ( الفخّ ) حذرت بأقصى لهجة من تسيد الوهابية الحياة الدينية للمصريين بحيث تحوّل المسلم المتدين البسيط الى مجرم عريق يقتل الأبرياء باسم الاسلام ظلما وبهتانا ، وذلك فى التعليق على قتل شاب فى السويس كان يسير مع خطيبته فعوقب بالقتل أمامها فى الطريق العام . ووجهت لوما شديدا للقوى الليبرالية استلزم عتابا من ابنى شريف منصور ، الذى يرى أن هجومى على الليبراليين المصريين يمنع مقدما من قبولهم دعوتى للعمل سويا ضد ثقافة الوهابية . وقلت له إن أباك مؤرخ لعصره وباحث تاريخى وناشط فى الاصلاح . والباحث التاريخى المؤرخ لعصره المشارك فى أحداث عصره يعيش واعيا بالأجيال القادمة وما ستقوله مهتما بتسجيل موقف أمام الأجيال القادمة ، أى هو يكتب لإبراء الذّمة مقدما ، وليجعل الأجيال القادمة شهيدا على خنوع وسقوط  الليبرالية المصرية التى تتنازع حول الحطام فى سفينة تتأهب للغرق وهى تحمل قنبلة متفجرة تتأهب لتدمّر الجميع . من هنا أعلن براءتى مقدما من صغار الليبرالية المصرية وهى تتصارع على فتات بينما  تترنح مصر فى هذا المنعطف الخطير فى أوائل القرن الحادى والعشرين قبيل السقوط ، والذى ستدفع ثمنه أجيال مصرية قادمة فى هذا القرن ا.أشهدهم من الآن ببراءتى من مسئولية حمامات دم قادمة.راجيا أن يخيب توقعى .!!.

3 ـ كنت ولا زلت مقتنعا تمام الاقتناع باستحالة أن يتعاون معنا الليبراليون المصريون ، فالثقافة مختلفة والنوايا مختلفة والأهداف مختلفة ؛ نحن أصحاب مبدأ تعودنا التمسك به والمعاناة من أجله ، وتعودنا القدرة على الاستغناء كى نتحرر من أن نطمع فى جاه أو مال ، فلا نتنازع على الوصول الى سلطة ولا نبيع مبادئنا بالدولار أو بالريال . وليس لدينا ما نخسره أو ما ننافق من أجل الحصول عليه أو الابقاء عليه. تلك القدرة على الاستغناء هى الغنى الحقيقى، وهى الحرية الحقيقية التى تتيح لصاحبها قول الرأى بجرأة يفزع منها الأصدقاء والأعداء والأعدقاء . لذا فهم فى حساباتهم السياسية يخشون العمل معنا ، لأن المناخ الوهابى الردىء يتربص بهم الدوائر ولن يرحمهم إذا ظهر أى تعاطف بينهم وبين أهل القرآن ، ولأن الريال السعودى يلعب تحت المائدة وفوقها، وقد ظهر سرّه الباتع حين قامت مظاهرات ضد ملك السعودية فتقاطر أرباب الليبرالية الى عتبات قصره يعتذرون و يتملقون وعيونهم على شيكات قادمة تطفىء الظمأ . حتى أصحاب البلايين من الليبراليين تحتّم عليهم مصالحهم المتشابكة عدم إغضاب السعوديين والخليجيين . فالليبراليون ـ الفقراء منهم والمتخمون ـ لهم سقف أعلى فى مواجهة الوهابية حرصا على مطامح سياسية ومطامع دولاية وريالية (من الريالة ). ويخيفهم  منّا أنه ليس لدينا سقف أعلى فى حرية القول ، وهم لديهم حسابات وسقوف ورفوف و( ظروف ).  لا أمل فى تحالفهم أو تعاونهم معنا ، ولكن هذا لا يعنى أن نكفّ على تذكيرهم وتجديد دعوتنا لهم بالتعاون والتحالف ، لأنه تذكرة ، والتذكرة تنفع المؤمنين وقد تنفع المنافقين والمسيحيين والملحدين ..!!

4 ـ ولكن بعض الليبراليين يقعون فى الأسوأ ؛ بالتحالف مع بعض السلفيين ، أى يسيرون على أقدامهم الى السيّاف كى يقطع رقابهم . الثابت فى عقيدة السنيين المشتغلين بالسياسة والثابت فى تاريخهم أنهم يعتبرون الآخر الذى يضطرون للتعاون معه مجرد وسيلة مواصلات ـ أى دابة أو مطية يركبونها لتحقيق غرضهم ثم يتكرمون بالاجهاز عليها بعد الوصول أو لو لو حدث إختلاف أو أى شك . هم لا يتصورون شريكا لهم فى السلطة. ومن عداهم وما عداهم فهو مسخّر لهم ومطية للركوب . لذا فلضرورة الصدق مع النفس ننصح أى ليبرالى يسعى للتعاون مع السلفيين الاخوان الوهابيين أن يهيىء ظهره مقدما للركوب ، وأن يكتب وصيته .!

5 ـ قلت فى المقال السابق ( الفخّ ) ( إحذروا من نبوءاتى . ليس هذا علما بالغيب ، فلا يعلم الغيب إلا الله جل وعلا . ولكنه وعى بتاريخ وعقلية الدين الوهابى السّنى ، يجعل المفكر يستشعر الخطر فيحذّر قومه منه . وكم كتبت محذرا ولم أجد من يسمع فوقعت الكارثة .. وكل هذا مسجل ومنشور ، وتعداده يستلزم مقالا كاملا .) وقلت ( ا: أحذّر من خطر أعظم سيدمر مصر إذا لم تتم مواجهة إعلامية وثقافية وفكرية اسلامية للوهابية . إن لم يتحرك قادة الليبراليين للدفاع عن أنفسهم فسيلقون مصير د فرج فودة ..! )،  

أخيرا

لا أرجو أن يتحقق هذا ..مع أنه كابوس يلحّ على قلوب أكثر الناس تفاؤلا ..ولكن مع احتمال واحد فى المائه من تحقق وقوعه ، فهل ستغنى عن الليبراليين حساباتهم أو حتى بلايينهم ؟

لقد انتهى عصر المعزول ، عصر الحضيض ، وأبشروا بعصر أسفل السافلين ..

اجمالي القراءات 14462