بمجرد الإعلان عن نتيجة الجولة الثانية لإنتخابات رئاسة الجمهورية ، وفوز الدكتور محمد مرسى بمنصب الرئيس ، فتحت قوى سياسية " عتيقة " النار على الرئيس الجديد ، وتحالفت تلك القوى - المعروف عنها عداؤها التاريخى والدفين لجماعة الإخوان المسلمين - ضد الرئيس المنتخب ، والذى ينتمى لتلك الجماعة ، بل وتحالف تلك القوى تحالفا شيطانيا مع الفلول وبقايا النظام الفاسد ، وأطلقت حملة إعلامية مشبوهة ضد الرئيس ، ونشرت محموعة من الأكاذيب ضده ، وشككت فى قدرته ونواياه ، وإستعملت فى ذلك إسطوانة مشروخة وبالية ، وإتهامات مضحكة ، خلطت فيها تاريخا مغلوطا بالواقع ، وتفسيرات ركيكة و" عفا عنها الزمن " ، وتحليلات سياسية عقيمة ، تجاوزتها الأحداث الراهنة بمراحل ، ولغة خطاب سياسى ودينى لاتخلو من الحقد والكراهية ، ومليئة بالقصور السياسى والفهم الصحيح للواقع والمتغيرات الحالية المتلاحقة خاصة بعد ثورة يناير ، وتلك المدافع الكلامية " الفشنك " تهدف إلى تعويق عمل الرئيس المنتخب بإرادة شعبية ، قبل أن يبدا نشاطه الفعلى ، وإحداث بلبلة سياسية ، من إجل تقويض الإستقرار السياسى والمجتمعى ، المهتز فى الاساس ، وإهالة التراب على العملية الديمقراطية الوليدة ، لغرض فى نفس يعقوب ، ولتصفية الحسابات السياسية الضيقة ، حتى ولوكان على حساب وطن منهك سياسيا وإقتصاديا ، ومن أجل أن نظل جميعا ندور فى " حلقة مفرغة " ويدفع فى النهاية الشعب المطحون الثمن ، رغم إدعاءات تلك القوى أنها تعمل لصالح " الشعب المصرى المقهور " منذ سنوات طويلة ، وهى فى الحقيقة تسعى إلى عكس ذلك بتصرفاتها الحمقاء ورؤيتها الضيقة الحزبية ، وهؤلاء هم خارج " الحسابات السياسية " لأنهم لايفحلون سوى فى الهدم بقنابلهم الكلامية وصوتهم العالى ، وأثبتت الإنتخابات الأخيرة فشلهم سياسيا .
قد يكون مبررا أن تشن تلك القوى " العالية الصوت " والتى لاتملك سوى الكلام واللعب بالألفاظ " أى ضجيج بلا طحن ، هذا الهجوم على الدكتور محمد مرسى ، أثناء حملته الإنتخابية ، فهذا مباح فى إطار المنافسة السياسية ، بل أن يختار حزب يسارى الوقوف فى جولة الإعادة إلى جانب المرشح الرئاسى المهزوم أحمد شفيق كبير الفلول ، وأحد رموز النظام السابق ، فهذا حقه ، ولكن لايوجد مبررا الأن بعد فوز الرئيس مرسى بكرسى الرئاسة ، أن تنصب له المشانق السياسية من اليوم الأول ، ويحاسب على مالا يفعله ، أو يشن هجوم إستباقى عليه ، بحجة إنه من الممكن أن يصدر قرارا ما ، إستنادا إلى مرجعيته السياسية والدينية ، أو يكون منصب الرئاسة سببا فى الهجوم على تيار الإسلام السياسى بل الدين الإسلامى نفسه وليس الإخوان المسلمين فقط ، وتلك الحرب الشعواء الحالية على رئيس الجمهورية الذى لم يمض على توليه المسؤلية سوى أسبوع واحد فقط ، ورائها ويساندها ويقوم بها متربصون حاقدون ، و" متلككون " فاشلون ، لم يفعلوا شيئا يذكر لهم طوال تاريخهم السياسى ، سواء كأغلبية برلمانية أو فى صفوف المعارضة أو فى منصب الرئاسة ، وتحولت بعض الرموز اليسارية إلى مايشبه " عواجيز الفرح " الذين لايقدمون ولايؤخرون ، والذين ينتقدون كل شىء ولايقدمون جديدا.
المتربصون بالرئيس الجديد ، أو "عواجيز الفرح " بدأوا نضالهم " الحنجورى " ضد الرئيس محمد مرسى منذ بداية نشاطه الرسمى أى بعد حلف اليمينالقانونية أمام المحكمة الدستورية ، ووصلت الحماقة " وقلة الأدب " السياسية بالبعض إلى أن يقول أنه تم إقناع الرئيس بأداء القسم على الهواء وليس مسجلا ، وتم الرد عليه بقوة عندما ناقش الحكم المحكمة الدستورية الخاص بعدم دستورية قانون الإنتخابات وحل مجلس الشعب ، وكإن الرئيس " ألعوبة " فى يد هؤلاء ، أو أن " رئيس الجمهورية " قليلة الخبرة السياسية والإدارية ، كما قالت إحدى عضوات المحكمة الدستورية " المحترمات " !
وهناك من فسر قول الرئيس فى خطابه بجامعة القاهرة أنه سيسعى إلى عودة المؤسسات المنتخبة ، بأنه سيستهين بأحكام القضاء ، خاصة أحكام المحكمة الدستورية ، وإن تلك بداية لإنهيار مؤسسات الدولة ، وبالطبع هؤلاء لايهمهم السلطة القضائية ، بقدر رغبتهم فى عدم عودة مجلس الشعب المنتخب ، لإن أغلبية أعضائه من الإسلاميين ، الأعداء الطبيعيين والتاريخيين للشيوعيين ، بل إن إعتراض شيخ الأزهر على عدم تخصيص مكان مناسب له فى قاعة الإحتفالات الكبرى بجامعة القاهرة ، قبل أن يلقى الرئيس خطابه ، وإنسحابه من الإحتفال ، إن ذلك موقف مقصود من جماعة الإخوان المسلمين ضد شيخ الازهر ، لأنها تريد النيل من مكانة الازهر ومن شيخه ، الذى إعترض على وجود مليشيات من طلبة الإخوان فى جامعة الأزهر ، ومنع عروضهم العسكرية فى الجامعة ، وهذا تفسير تأمرى خبيث ، لواقعة برتوكولية بسيطة .
وتوسع " عواجيز الفرح" فى تفسير إنسحاب شيخ الأزهر من الإحتفال ، بأن الإخوان لايريدون مرجعية الأزهر ، وأن مليشياتهم تدل على تاريخهم الأسود فى الإرهاب وإستمرارا للتنظيم السرى ، وتدور الإسطوانة المشروخة المملة سياسيا!.
أنا لا أدافع عن الرئيس مرسى ، لأننى معارض بطبيعتى ، ولم أنافق أحدا فى حياتى ، ولست من الإخوان المسلمين ، كما أننى أعطيت صوتى فى الجولة الأولى للإنتخابات للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح ، بل عارضت ترشيح خيرت الشاطر أو أى مرشح إخوانى فى أنتخابات الرئاسة فى الوقت الحالى ، لأنه سيحارب من قوى عديدة فى الداخل والخارج ، وكتبت مقالا فى ذلك ، ولكن مادامت نتيجة الإنتخابات قد أسفرت عن فوز مرسى بمنصب الرئاسة ، فلابد أن أدعمه ، لأن الواجب الوطنى يقتضى ذلك ، ولابد أن أفكر معه من أجل حل المشكلات المتراكمة ، والسعى نحو مستقبل أفضل لبلدى ، لإن المرحلة الحالية تتطلب البناء لا الهدم ، والسمو والترفع عن الخلافات وليس تصفية الحسابات ، كما أننى لا أحب أبدا أن أكون مثل "عواجيز الفرح " الذين يشاركون صوريا ودون ضرورة فى الأفراح ، وينتقدون اى شىْ، ولايعجبهم أحد ، بل ولايشعر بهم المعازيم !
حمدى البصير