وفيات 82
المهلب بن أبي صفرة
وكان اسم أبي صفرة ظالمًا، ويكنى المهلب أبا سعيد ، وقد أدرك عمر( ابن الخطاب ) لكنه لم يرو عنه، وروى عن سمرة وغيره. وولي خراسان ، وكان جوادًا.
أخبرنا ابن ناصر قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا محمد بن عبد الواحد بن محمد بن جعفر قال: أخبرنا أبو عمرو بن حيوية. قال: حدثنا ابن دريد قال: أخبرنا المعلى عن حاتم قال: أخبرني حفص بن عمر قال: نزل المهلب في دار محمد بن مخنف فلما شخص قال: دعوا لهم المتاع فترك لهم بسطًا وغيرهابثلاثمائة ألف درهم.
أخبرنا المبارك بن علي الصيرفي قال: حدثنا شجاع بن فارس قال: أخبرنا محمد بن علي بن الفتح قال: أخبرنا ابن أخي ميمي قال: حدثنا ابن صفوان قال: أخبرنا أبو بكر القرشي قال: حدثني هارون بن أبي يحيى السلمي قال: حدثني مسامر بن جميل: أن المهلب مر بقوم فأعظموه وسودوه ( أى جعلوه سيدا وبالغوا فى مدحه ) فقال رجل: ألهذا الأعور تسودون ؟ والله لو خرج إلى السوق ( أى إذا بيع عبدا فى السوق ) ما جاء إلا بألفي درهم. فقال ( المهلب ) لبعض من معه: أتعرف الرجل ؟ قال: نعم . فلما انتهى إلى منزله أرسل إليه ألفي درهم ، وقال: أما أنك لو زدتنا في القيمة لزدناك في العطية.
قال القرشي: وحدثني محمد بن أبي رجاء قال: أغلظ رجل للمهلب بن أبي صفرة فسكت فقيل له: أربا عليك( أى زاد وبغى عليك وتطاول ) قال: لم أعرف مساوئه فكرهت أن أبهته ( اواجهه بالتهمة ) بما ليس فيه.
قال علماء السير: انصرف المهلب من وراء النهر يريد مرو ، فمرض ، فجمع من حضر من ولده، ودعا بسهام فحزمت ، فقال: أترونكم كاسريها مجتمعة؟ قالوا: لا. قال: أفترونكم كاسريها متفرقة ؟ قالوا: نعم . قال: فهكذا الجماعة.. فأوصيكم بتقوى الله عز وجل وصلة الرحم وأنهاكم عن القطيعة واعرفوا لمن يغشاكم حقه وكفى بغدو الرجل ورواحه إليكم تذكرة له، وآثروا الجود على البخل وعليكم في الحرب بالأناة والمكيدة فإنها أنفع من الشجاعة، وعليكم بقراءة القرآن وتعلم السنن وآداب الصالحين وإياكم وكثرة الكلام. ومات في ذي الحجة من هذه السنة بمرو الروذ واستخلف على خراسان ولده يزيد فأقره الحجاج. ومن العجائب: أنه كان للمهلب ثلاثة أولاد: يزيد وزياد ومدرك ولدوا في سنة واحدة وقتلوا في سنة واحدة وأسنانهم واحدة عاش كل واحد منهم ثمانية وأربعين سنة.(
التعليق
المهلب هذا أحد القواد الكبار فى الدولة الأموية وترك أسرة نافذة فى تلك الدولة و تاريخها، وقد تزعم وبنوه القبائل العربية اليمنية القحطانية خصوصا الأزد. ، وامتد تأثير آل المهلب الى أوائل العصر العباسى. من المؤهلات الت وصل بها المهلب بن أبى صفرة للرياسة: روايته للحديث ، وكان ذلك ( شهادة ) بالثقافة والعلم وقتها، والكرم والشجاعة والحلم والفصاحة والحكمة. وبهذه الصفات اشتهر كثيرون فى العصر الأموى فاصبحوا زعماء لقبائلهم ، وبالتالى كان لهم نفوذهم السياسى فى الدولة الأموية. وبينما انتقلت الدولة الأموية الى متحف التاريخ فان ما يبقى وينفع الناس هو الكلمة الطيبة والعمل الصالح. وهذه هى مهمة التاريخ الذى يحفظ تجارب و أفكار و وعظات السابقين لكى نتعلم منها ، سواء كانوا قالوها وفعلوها أم نسبها لهم الرواة.
ولا ننسى أن تاريخ الدولة الموية قد تمت كتابته فى الدولة العباسية.
وفى النهاية فالتاريخ حقائق نسبية تحتمل الصدق والكذب ، وليست مثل القرآن الكريم محلا للايمان والاعتقاد.