الانتخابات المصرية لرئيس للجمهوية

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ٢٣ - مايو - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

 

أولا

1 ـ أكتب هذا المقال فى الساعة الثالثة مساء يوم الآربعاء 23 مايو بتوقيت واشنطن ، أى قبيل انتهاء أول يوم فى الانتخابات المصرية لاختيار رئيس للجمهورية بعد خمسة آلاف عام تقريبا من حكم الفراعنة . هى انتخابات تعدل فى أهميتها انتخابات الرئاسة الأمريكية من حيث تأثيرها المحلى والاقليمى والدولى . فى هذا يتفق الجميع ، ولكن يختلفون فى توقعاتهم فيمن يفوز .

2 ـ كان الشغل الشاغل هو نزاهة الانتخابات ، وحتى الآن فالنزاهة واضحة ، ليس فقط فى الحياد الواضح من المجلس العسكرى ووزارة الداخلية ، ولكن فى حرص الجماهير المصرية على أن تكون الانتخابات نزيهة نظيفة . صحيح أن أهم مراحل النزاهة فى عمليات الفرز ومن ثم إعلان النتيجة ، إلا إن مؤشرات ما يحدث اليوم يطمئن باستمرار النزاهة ، فالجماهير لن تسمح بالتجاوزات ، ولقد جرّب المصريون لأول مرة حقهم فى انتخابات حرة ، ويريدونها هكذا الى النهاية ، ولن يتسامحوا مع عودة التزييف الذى تميز به حكم العسكر قبل ثورة 25 يناير 2010 .

السؤال الذى يراود الجميع من سيفوز فى النهاية .

ثانيا :

أتوقع ـ وأرجو أن يكون توقعى صائبا  ـ أن الانتخابات سيتم حسمها فى الجولة الثانية ، وأن مرشحى الدين السّنى ( محمد مرسى ، أبو الفتوح ، وسليم العوا ) لن ينجحوا فى الجولة الأولى . هو توقع محاط بالأمانى والأمل فى إنقاذ مصر من الخطر الوهابى السلفى الاخوانى .

مبررات خسارة أولئك المرشحين فى الآتى

1 ـ الأغلبية الصامتة صوتت من قبل للإخوان والسلفيين فاكتسحوا مجلس الشعب ، وكانت الشكوك تلاحق صدقية الانتخابات مما جعل أطرافا كثيرة من معتادى السلبية يحجمون عن المشاركة فى الانتخابات ، ففوجئوا بالنتيجة المرعبة . وخان الاخوان وعدهم بعدم الترشح للرئاسة  مما أشعل الخوف من سيطرة الاخوان على مصر بأكملها . أكّد هذا ما تناثر من تصريحات على لسان السلفيين والاخوان لا تبشّر بخير فيما يخص حرية الفكر والدين .

2 ـ أنقسام الاخوان والسلفيين والسنيين فى نزاع حقيقى حول القادة الثلاثة ( مرسى ، أبو الفتوح والعوا ) ، مما يفتت أصواتهم ، ويعرقل أن يتصدر أحدهم السباق فى الجولة الأولى .

3 ـ هناك من الأغلبية الصامتة التى بدأت تتحرك خوفا من سيطرة الاخوان ، وتتكاثف بكثرة وقوة لتدلى بصوتها ، وهذا الحضور المكثف فى حد ذاته يقلل من فرص التزوير . أهم  القوى الأقباط وهم ما بين 10 الى 15 % من تعداد الناخبين .. فقد تحرّر الأقباط من تسلط البابا شنودة وتدخله السياسى فى حياتهم ، بل لا يوجد الآن بابا لهم ، أى هم  أحرار من السيطرة البابوية ، وهم  على المستوى الفردى يستشعرون خطر الاخوان والسلفيين ، وتأتيهم فرصة للنجاة من هذا الخطر لانقاذ ما يمكن إنقاذه . ولو أضفنا اليهم الأغلبية الساحقة من الصامتين وهم الصوفية ، وأغلبهم يكره الاخوان والسلفيين ، ولو تحرّكوا بقوة فإن النتيجة ستكون مفزعة للاخوان والسلفيين. ولكن هذا مرتبط بتحرك هذه الأغلبية ووعيها .

ثالثا :

1 ـ أتوقع أن ينحصر السباق فى الجولة الثانية بين إثنين من ثلاثة : عمرو موسى وحمدين صباحى واحمد شفيق.

أحمد شفيق يحقق أمل الأغلبية الصامتة فى استتباب الأمن ، وهو بخصومته المعلنة للإخوان والسلفيين يمثل أملا للأقباط ، وهذا مؤهله فى احتمال البقاء للجولة الثانية .

عمرو موسى يعطي الأغلبية الصامتة والرأسمالية المصرية الاحساس بالاطمئنان بمرحلة سلسة فى انتقال السلطة خصوصا وهو لن يتجاوز بحكم السّن مدة واحدة ( أربع سنوات ) .

حمدين صباحى الذى ظهر بقوة يحرّك خيال الشباب فى إقامة دولة عصرية وطنية تجمع بين الحرية والعدالة الاجتماعية .  

2 ـ يتمنى الليبراليون ومؤيدو الثورة المصرية أن ينجح حمدين صباحى لأنه أصلح من يمثل ثورة 25 يناير ، ولقد عمل وضحى بالكثير قبلها ، ثم كان فيها حاضرا ومتألقا بينما وقف ضدها شفيق ، وتلاعب على الحبال عمرو موسى ، واستغلها أبشع استغلال الاخوان والسلفيون .

يمتاز حمدين فوق ذلك بنقاء لا تشوبه شائبة ، فهو برغم انتمائه لجيل السبعينيات فقد تمرس بالسياسة ودخل السجن وتعرض للتعذيب وكان عضو مجلس الشعب الذى يمثل دائرته من فلاحى البرلس ، ويدخل السجن دفاعا عن حقوقهم . وقد أعلن حمدين أنه سيكوّن مجلس رئاسة يشاركه فى اتخاذ القرار ، وكان ناجحا فى مقابلته التليفزيونية بدرجة أخافت شفيق و أبا الفتوح من مناظرته . حمدين صباحى عريق فى وطنيته وانتمائه للكادحين،ودفع الثمن سجنا واضطهادا ، ولم يكن من الفلول مثل عمرو موسى وشفيق . أعتقد أنه لو أرتفع مؤشر الوعى لدى الأغلبية الصامتة فسينجح حمدين صباحى فى الجولة الأولى . إتهام حمدين بالناصرية قام هو بالرد عليه بأنه يأخذ منها ما يوافق العصر وبما يعيد لمصر ريادتها مع التمسك بالديمقراطية والحرية والعدل ، وهو واضح فى معايشته العصر عكس الاخوان والسلفيين الذين يريدون العودة بمضر والعرب الى ظلام العصور الوسطى . وهوأيضا ليس مثل مرشحى الفلول ممن أمضوا شطرا كبيرا من حياتهم فى خدمة مبارك .

أخيرا

هى مجرد توقعات ..والله جل وعلا هو الأعلم .!!

اجمالي القراءات 11326