مليونية فى التحرير أم " سوق الجمعة " ؟

حمدى البصير في السبت ٢١ - أبريل - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً


ملحوظات عديدة رصدتها خلال مشركتى لبعض الوقت فى مليونية تقرير المصير يوم الجمعة الماضى 20 إبريل فى ميدان التحرير ، بعض تلك الملحوظات إيجابية ، والبعض الاخر سلبى ، بل وأزعجنى أن السلبيات أكثر وقد تمس كيان أو هيبة ميدان التحرير رمز اثورة المصرية ، والذى أصبح ملتقى لكل التيارات السياسية ، بل أنه أصبح " دولة الحريات " وقلعة الديمقراطية فى أرض الكنانة .
فقد وقفت امام جميع المنصات " التسع " فى ميدان التحرير بعد أن أديت صلاة الجمعة هناك ، بداية من منصة أنصار المرشح الرئاسى المستبعد حازم صلاح أبوأسماعيل ، المقامة أمام مجمع التحرير من ناحية شارع قصر العينى ، وحتى منصة مصلحة الضرائب المقامة بجوار المتحف المصرى وأمام ميدان عبد المنعم رياض .
فمن الإيجابيات التى لفتت نظرى فى مليونية " تقرير المصير " هى مشاركة ووجود كل التيارات السياسية والاحزاب والجماعات والإئتلافات والحركات والقوى الوطنية تقريبا فى ميدان التحرير ، وعدم هيمنة تيار أو جماعة على المشهد السياسى هناك ، ووجود حالة " سلام سياسى " بين تلك القوى المشاركة فى المليونية رغم تعدد وإنقسام " المنصات "، وكانوا مثل العائلة الكبيرةالواحدة التى تقطن مكانا واحدا ولكنها شبه متخاصمة أو جيران يسكنون فى مسكن واحد ولكن " كل واحد فى حاله " ورغم ذلك كان هناك شبه إجماع على إنقاذ الثورة وإستمراريتها وإستكمال اهدافها ومنع ترشيح الفلول للمناصب السياسية خاصة رئاسة الجمهورية ، وتفعيل قانون العزل السياسى ، والتوافق على الدستور الجديد ، وضرورة تسليم المجلس العسكرى للسلطة المدنية المنتخبة فى 30 يونيو المقبل ، دون تأجيل ، أو ربط ذلك بالإنتهاء من إعدادا الدستور.
بل إن التحرير تحول إلى ملتقى لأبناء مصر من القرى والنجوى المختلفة ، من قبلى وبحرى ، والذين يشاركون بإيجابية ولو بشكل رمزى فى مستقبل بلادهم بعد سنوات طويلة من العزلة والتهميش والإقصاء السياسى ، بل شاهدت عقد قران لعروسين من محافظة الغربية على منصة الشيخ صفوت حجازى ، مما يرسخ المكانة السياسية والإجتماعية المميزة لميدان التحرير بعد ثورة يناير.
ولكن من السلبيات التى شاهدتها فى الميدان ، وكادت تشوه ذلك " العرس " السياسى هى حالة الفوضى التى تسبب فيها وجود الباعة الجائلين بكثرة فى الميدان والذين يبيعون كل شىء هناك ، من الشاى والعصيروزجاجات المياه ، وحتى الكشرى وحمص الشام و" الممبار " ، ووجود خيام لمعتصمين مجهولين لايشاركون فى المليونية ، بل تحولت تلك الخيام فى وسط الميدان " الصينية " إلى سكن ومأوى مجانى للباعة الجائلين والبلطجية والمتسولين واطفال الشوارع ، ونتج عن وجود عربات صغيرة لبيع المثلجات والممبار ، قذارة شديدة فى بعض الأماكن بالميدان ، والتى تحولت إلى مايشبه " سوق الجمعة "، بل بعض هؤلاء الباعة يطاردون ويصطادون بعض المشاركين فى المليونية من أبناء الريف الذين يصطحبون عائلاتهم من أجل " زيارة " ميدان التحرير واداء واجباتهم السياسية ، من اجل بيع بضاعه لهم " بالإلحاح " وذلك بضعف الثمن ن وكأنهم سائحين جاءوا للتنزه فى ميدان التحرير .
ولكن الذى أقلقنى أكثر من وجود الباعة الجائلين الذين يشوهون جمال ميدان التحرير، هوتعدد المنصات ورفع بعضها للافتات تطالب بمطالب " خاصة " وإلقاء خطب من عليها تدعم مواقفها ومطالبها السياسية ، وتختلف عن باقى المجموع ، فمثلا كانت منصة أنصار حازم صلاح أبواسماعيل تندد بإستبعاده من الترشح للرئاسة ومطالبة بحل اللجنة العليا المشرفة على إنتخابات الرئاسة ، ومنصة الإخوان تندد بإستبعاد خيرت الشاطر وتؤكد إن الدكتور محمد مرسى المرشح البديل ، سيستكمل المشوار ويتبنى مشروع النهضة ، أما منصة القوى الثورية ، فقد صبت جام غضبها على المجلس العسكرى وطالبت ، بتسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة ومجلس رئاسى ، رغم أن هناك أياما تفصلنا عن غنتخابات الرئاسة ، بل الأغرب هو وجود منصة " فئوية " لموظفى مصلحة االضرائب ، والذين كانوا يكالبون بتطهير المصلحة من الفساد وسقوط حكم " العسكر " فيها ، وكانوا يقصدون إقالة رئيسة المصلحة زوجة الفريق سامى عنان نائب رئيس المجلس العسكرى .
أتمنى أن تقام المليونيات القادمة فى ميدان التحريربعد تشاور كل القوى السياسية ، وأن تكون لأسباب محددة وواضحة حتى ولو أقيمت كل شهر ، أوعلى فترات طويلة ، وأن تكون هناك وحدة فى الهدف ، حتى تؤتى بثمارها ، ولاتفقد بريقها ، وحتى لاتنقسم وتتفتت " دولة التحرير الديمقراطية " ويكون هناك شروخا فى قلعة التحرير للحريات ، والأهم من ذلك كله هو تطهير ميدان التحرير من الإنقساميين والباعة الجائلين ، بدلا من أن يكون مثل سوق" عكاظ " أو سوق " الجمعة "فى الأرياف ، وحتى يظل رمزا نظيفا وجميلا وموحدا للثورة المصرية المباركة .

حمدى البصير

Elbasser2@yahoo.com
اجمالي القراءات 9702