التشيع فى مصر

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ١١ - أبريل - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
هل يمكن لمذهب التشيع أن ينتشر ويسود في مصر ؟
آحمد صبحي منصور

الإجابة لا يمكن .. وإليكم الأسباب:

  1. صحيح أن الخميني قال عن مصر إنها شيعية الهوى ، وصحيح أن المصريين يحبون آل البيت ، وصحيح أيضا  أن العوام من المسلمين يقدسون ضريح الحسين وضريح السيدة زينب ( مع أن الحقائق التاريخية تؤكد أن السيدة زينب لم تأت إلي مصر أبدا، كما أن رأس الحسين لم تدفن فيها مطلقا)، كل ذلك صحيح فلا جدال في حب المصريين لآل البيت ، ولا جدال في أن الصوفية المصريين يتمسحون بآل البيت ويزعمون الانتساب إلى ذرية علي كرم الله وجهه.     لكن ذلك كله لا يكفي لأن يتحول المسلمون المصريون إلي التشيع، لأن التشيع يستلزم ( بالإضافة إلي حب " علي " وذريته وتقديسهم ) شيئا آخر لا يستطيع المصريون القيام به ،وهو كراهية أبي بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وأم المؤمنين عائشة وغيرهم والتبرؤ منهم . وقد يصل بعض المصريين في حب " علي"  إلي التقديس والتأليه ، لكن ذلك لا يعني عندهم التولي بالمفهوم الشيعي، لأن التولي أو الموالاة بالمفهوم الشيعي أن تكون  " مع" علي "ضد" الآخرين . ذلك يرتبط التولي  بالتبري في عقائد الشيعة . ونتيجة لذلك فإنه من المستحيل على المصريين التبرؤ من أبي بكر وعمر وعثمان وأم المؤمنين عائشة ، بل إن المصري يقشعر جسده إذا قرأ أو سمع لعن الشيعة لأولئك الصحابة الأخيار ، وكل ما يقوله المصري التقي عن أولئك الصحابة جميعا : " تلك أمة قد خلت لها ماكسبت ولكم ما كسبتم ، ولا تسالون عما كانوا يعملون" ( البقرة : 134-141).
  2.   ثم إن الفرس كانت لهم أسبابهم القومية والشعوبية في كراهية الصاحبين أبي بكر وعمر ، لأن انهيار المجد الكسروي تم في عهدهما وأكمله عثمان الذي قتل يزدجر الثالث في عهده، وهو يهرب إلي الشرق . فارتبطت لدي الفرس مشاعر الحقد على ضياع ملكهم بكراهية أبطال الفتوحات الإسلامية ، وكان حتما أن يجدوا صيغة دينية سياسية لإظهار هذه المشاعر فاخترعوا التشيع مذهبا دينيا وسياسيا ، وكان سهلا عليهم أن يضعوا على قمة التشيع رمزا عربيا إسلاميا فاختاروا عليا ، ثم اختاروا بعده الحسين ، لأن الحسين – في رواياتهم – قد تزوج إحدى بنات يزدجر الثالث وأنجب منها . أي أن ذرية الحسين عندهم قد جمعت بين شرف آل البيت وشرف الانتساب الكسروي. وتتابعت الروايات والمقولات تحت رمز " علي " و" الحسين " وذريتهما لترسم شخصية مقدسة لأولئك الأئمة تبتعد عن الإسلام الذي لا تقديس فيه  لغير  الله جل وعلا ، بقدر ما تقترب من العقائد الفارسية التي تتزاحم فيها الشخصيات والآلهة  المقدسة.      وإذا كان تقديس الأشخاص عادة مصرية أصيلة  لا تختلف فيها مصر عن إيران ، فإن المصريين لم يكن لديهم ثأر قومي أو شعوبي بسبب الفتح الإسلامي العربي لمصر ، بل إن المصريين ساعدوا العرب المسلمين في الفتوحات كراهية في البيزنطيين المستعمرين . وبينما احتفظت فارس بلغتها وأدبها وشخصيتها القومية ، فإن مصر تكلمت العربية وأصبحت شخصيتها القومية معبرة عن كل العرب والمسلمين .    وقد كانت إيران أولي بهذا الدور من مصر ، حيث التقارب الجغرافي الشديد بين إيران والجزيرة العربية ، في مقابل العوائق الجغرافية التي تفصل بين مصر والجزيرة العربية والمتمثلة في البحر الأحمر والجبال المحيطة به علي الجانبين لكن مصر اختارت العروبة واندمجت فيها واختارت الإسلام بالفكر السني وتعمقت فيه.   لهذا نعرف السبب الحقيقي في إخفاق الدولة الفاطمية الشيعية في تحويل المصريين إلي المذهب الشيعي ، هذا مع نفاقهم الشديد للمصريين ومع دخول أغلبية المصريين للإسلام في العصر الفاطمي وتعلمهم الإسلام بالطريقة الشيعية .وزالت الدولة الفاطمية وبقيت العادات الشيعية لدى المسلمين المصريين في المواسم الإسلامية ، لكن دون الآثار الجانبية الأخرى للتشيع مثل تكفير الصحابة .
اجمالي القراءات 17252