إلى أم الشهيد في عيد الأم

في الأحد ٢١ - مارس - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

 

إلى أم  الشهيد في عيد الأم

   د/ سعاد سالم السبع[1]

لست من الذين يربطون طاعة الأم بالمناسبات، لأن الأم أعظم من أن يخصص لها يوم للطاعة، لكني لا أنكر أن يحتفل الأبناء بأمهاتهم في عيد الأم ، وأن يعبروا لهن عن فرحتهم بهذا اليوم بهدية بسيطة، بقبلة حب أبدي، برسالة عرفان بخط الأبناء والبنات، بتنفيذ أوامر الأم دون مناقشة، بتجهيز أكلة تحبها الأم ، بالجلوس مع الأم أطول فترة ممكنة، بإخراج الأم لفسحة خاصة بها، بأي شيء استثنائي يشعر الأبناء أن الأم تحبه وتفرح به. 

جميل أن تشعر الأم بأن لها عيد يحتفل به العالم كله، والأجمل أن تكون الأم في مقدمة اهتمام الأبناء والبنات في كل الأيام.

    كل أم -لا شك -سعيدة في يوم عيد الأم؛ حينما تجد أبناءها وبناتها حولها يحتفلون بها ،فما حالك يا أم الشهيد في يوم عيد الأم؟! نريدك أن تحتفلي بالعيد على طريقتك الخالدة، نريدك أن   تفرحي وتسعدي لأنك أعظم من كل الأمهات ، فقد آثرت الوطن على نفسك وقدمت فلذة كبدك فداء للوطن ولمبادئ الوحدة والجمهورية، أنت صنعت مثالا لكل الأمهات في التضحية والصبر والاحتساب، وتحملت فراق كل كيانك من أجلنا ؛ فماذا نستطيع أن نهديك في يوم الأم؟!!  أنت التي صنعت الأمن والأمان لكل الأمهات ، ومكنتنا من الفرحة بأبنائنا على حساب حزنك، فماذا يمكن أن نقدم لك أيتها الأم العظيمة؟! ؛ يا أم الأبطال كلهم!!  لو اجتمعت كل الأمهات من أجمل تكريمك فلا يمكن أن تفيك حقك، ولو رصدت لك كل أموال الدنيا فلن تعوضك ابنك، لكننا نتوجه إليك باسم ابنك الشهيد بأن تكوني سعيدة فخورة بأمومتك الاستثنائية، ولتعرفي أن كل أم يحتفل بها أبناؤها فقط،  وأنت يحتفل بك كل الوطن برجاله ونسائه وجباله ووديانه،  ويحتفل بك وبصبرك الملائكة في السماوات العليا ، لأنك قدمت سندك في الحياة ، حبة قلبك التي تشعرك بالوجود، وفضلت أن تعيشي الحزن الدائم ، وتتحملي قلبك النابض بألم الفراق من أجل أن يسعد الوطن والمواطن ، من أجل أن تفرح كل الأمهات بأبنائهن وبناتهن.

لولاك يا سيدتي ما نمنا بملئ جفوننا ، ولا أمنَّا  في بيوتنا، ولا ركنا على أبنائنا في مدارسهم، وأماكن لهوهم، ولا بنينا الآمال الطوال، لولاك يا أم الشهيد ما وقف الأعداء عند حدهم، ولا خاف المجرمون ، ولا ارتفع علم اليمن على كل جبال اليمن، لولاك يا أم الشهيد لعاث الجبناء في الأرض فسادا، لكنك أنجبت أبناء غير كل الأبناء، وأرضعتهم معاني البطولات، وعلمتهم طريق الخلود، فنشؤوا  لا يعرفون الخوف، ولا يرهبون الموت، أبناء لم يلبسوا غير أكفانهم، ولم يتطلعوا إلى غير كرامة الدين والوطن.

لك أن تفخري – يا أم  الأبطال- بابنك الشهيد، فكل الأبناء يقدمون لأمهاتهم هدايا قابلة للاستهلاك، إلا ابنك فقد قدم لك هدية خالدة لا يبليها زمان ولا يستهلكها إنسان ، قدم لك هدية غير كل الهدايا، روحه الطاهرة تخلدك معه في الفردوس الأعلى ، وتجعلك قدوة لكل الأمهات الصابرات في الدنيا والآخرة.

 فلك من كل الأمهات جميع الورود والزهور بكل ألوانها وعطورها، ولك من كل الآباء التعظيم والتقدير والعرفان، ولك من الوطن الخلود في تاريخ الأبدي، ولك من الله جزاء الشهداء يا أم الشهيد!!.

 



[1]suadyemen@gmail.com   عضو الجمعية اليمنية للعلوم التربوية والنفسية

 

اجمالي القراءات 3864