هل من الحكمة والمعقول أن نبقى مكتوفي الأيدي في انتظار وصول المه

يحي فوزي نشاشبي في الإثنين ١٢ - مارس - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

بسم  الله  الرحمن  الرحيم

 

هــــل  من  الحكمة  والمعقول  والواجب

أن  نبقى  مكتوفي  الأيدي  ومعقودي الألسن في  انتظار  ظهور  ووصول  كل  من  المهدي  والمسيح  الدجال وأخيرا  عيسى  بن  مريم  - عليهما  السلام - ؟؟؟

 

من المدهش والمذهل حقا أن  نلاحظ  من خلال  كل ما  كتب وما  تحمله  كتب " التراث " وما يسمع مما  يردده  وباعتقاد جازم المرشدون والخطباء ، وفي  الأدعية  إثر كل صلاة ، وما تعجّ  به  شتى المواقع الدينية في بحر  لشبكة العنكبوتية " الأنترنيت " من أن ما  ينتظر الإنسانية، لاسيما المسلمين في هذه الدنيا هو بلاء جديد ، وليس كـكل بلاء ، واختبار عسير، وليس بالهزل، وذلك في استقبال ومواجهة وفود ثلاث سيفدون علينا، وكل على  حده ، وهم : المهدي المنتظر، وذلك الرجل الذي  سيدعي نفسه - كاذبا -  بأنه هو المسيح ، وأخيرا سيدنا عيسى بن مريم (عليهما السلام) ، أي المسيح الحقيقي الصادق ، وبالتالي لا  يمكن  أن  يكون  إلا  منتظرا  هو الآخر.

وحسب أنصار انتظار هذا الإختبار وهذا البلاء  المنتظر، والمعتقدين بحماس منقطع النظير، فإن المهدي المنتظر سيعمل جاهدا في سبيل محاربة الشرك  والمشركين ، وسيهدي  الأقوام  وسيملأ  الأرض إخلاصا وطاعة وعدلا وحبا. وإن  هناك  اعتقادات  أخرى  تؤمن  بذلك ولكن باشتراك  بين المهدي والمسيح عيسى بن مريم – عليه  السلام – وهذا يعني  أن  الرجلين  البشرين سيصلان وسيلتقيان معا في عصر واحد وسيعملان جنبا إلى  جنب  لنفس الأهداف، وهي محاربة الشرك والمشركين، وفي سبيل انتشار وازدهار الإخلاص  والطاعة  والعدل  والحب .

وحسب  المفهوم  من  أحداث  هذه  القصة  التي  لم  تنطلق  تفاصيلها  بعدُ، وهي  ما زالت في العالم النظري، حسب المفهوم  فإن ذلك  الشخص  الذي  يلقب بالمسيح  الدجال  سيأتي  إما قبل المهدي نفسه، أو في  فترة  ما  بين  المهدي  وعيسى  بن مريم  المسيح  الصادق.

وإذا حدث  ووصل فعلا هذا الدجال ،  فبماذا يا ترى  يكون داعيا  الناس ؟ فإذا  فرضنا أنه  جاء ليدعو إلى  ما يتناقض مع الخير والإيمان الصادق  والحب  والعدل  فهل  يتصور أنه  سيكون  ذا  غباء  ويطمع  أن  يكون متبوعا  ويكون  له  أنصار، أو أن  يُـهتـمّ  به ؟

*ولنفرض الفرض الآخر، وهو أنه يأتي ليدعو هو الآخر الناس إلى العدل والإيمان  الحقيقي والحب،  وهل  من  العدل والإنصاف أن  نبخس  جهده ؟ أو أن نلصق به  صفة  الكذب ؟ وهو داع  إلى كل ما يكون دعا أو سيدعو إليه  كل  من المهدي  المنتظر  وعيسى  ابن مريم ؟ .

وأما ما لا مفر منه ، فهو أن نستعد  بكل جدية لمواجهة تلك التساؤلات  التي تقف  مزدحمة  مصطفة  في  طابور  طويل  تنتظر الردود  الشافية  الكافية ، ومنها  :

  1. الآية  القرءانية  رقم 41  في  سورة الأحزاب  ((ما كان محمد أبا  أحد  من رجالكم  ولكن رسول  الله وخاتم  النبيئين  وكان الله بكل شئ عليما )) .  
  2. الآية  رقم 31 في سورة الفرقان : (( وقال  الرسول يا  ربّ  إن  قومي  اتخذوا  هذا  القرءان مهجورا )).
  3. الآية رقم 03  في سورة  المائدة :(( اليوم أكملت  لم  دينكم وأتممت  عليكم  نعمتي  ورضيت  لكم  الإسلام  دينا )).

وعند تأملنا وتدبرنا هذه الآيات، وقد تكون هناك غيرها في نفس الموضوع،  ألا يصعب  علينا  الـردّ  على  هذا  السؤال ؟ :

  • إذا كان محمد بن عبد الله الذي بعثه الخالق سبحانه وتعالى رسولا للعالمين ،  متصفا  بذلك الخلق العظيم في أداء المهمة، وإذا  كنا نحن  نؤمن  بذلك  ونؤمن بأنه خاتم النبيئين وأن لمعني خاتم  النبيئين صورة  واضحة  ومفهوما دقيقا في الألباب،  فهل  يبقى لهذا الوفد الثلاثي  المنتظر أي محل  من الإعراب  أو أي مبرر لأي  انتظار ؟
  • ثم إن اعتقادنا وثقتنا العمياء  وتصديقنا  لحتمية  وقوع  الحدث ،  أي  حدث  وصول هذا الوفد، وحدث خضوعنا الحتمي لمواجهته ، ألا نكون بذلك الإعتقاد وتلك الثقة  ألا  نكون هجائيين لمحمد بن عبد الله - رسول الله – من حيث  التشكيك  في  كونه  هو الخاتم للنبيئين  كما أقر به سبحانه  وتعالى ؟  ومن  حيث  كونه  هو  رسول الله الذي  بلغ  ما  أمر به  وأدى  المهمة على أحسن وجه  وبدليل  قاطع ، وهو تركه  بين  أيدينا  فحوى  الرسالة  الكاملة، أي  القرءان  العظيم  ؟  ذلك  الرسول  الذي  يقر الله  سبحانه  وتعالى  بأنه  حافظ  له ، وبأنه يصاحب  الإنسانية إلى  يوم  الدين؟
  • وهناك تعليق ملفت أدلى به  بعض المتحمسين بشدة  لهذا  الوفد الثلاثي المنتظر: المهدي – والمسيحين:  الدجال ، والصادق، حيث جاء مفاد تعليقه  أنه  لا ينبغي  أن  نفهم أن هناك تناقضا في أن يحضر المهدي أو عيسى الحقيقي بعد وفاة محمد  رسول الله وخاتم النبيئين ، لأن  كل واحد  منهما  أو  كليهما معا  متحدين  سيدعوان  بالضبط  إلى ما كان  يفعله  محمد  بن عبد الله  الرسول  الذي  كانت  مهمته  التبليغ تبليغ  ما  أوحي  إليه  ليس إلاّ ، وأن حضور المنتظرين لا  يعني أي تشكيك أو  أي  اصطدام  بحقيقة  كون  خاتم  النبيئين  هو  محمد  بن  عبد  الله .
  • وبالتالي  إذا دعا  المهدي، والمسيح الحقيقي إلى ما كان يفعله قبلهما  محمد  الإنسان  الرسول وهو  تبليغ  ما  أمره  الله، وهو  الوحي المنزل  الموجه  بواسطته  للعالمين   وإذا  كان كل منهما أو كلاهما لا  يزعمان أن  حضورهما  بعد  محمد هو  لتصحيح أو لإتمام  أي  نقص أو أي  تقصير،  فما هي الفائدة إذن ؟ ما دامت  مشيئة الله وإرادته  قررت  أن  تترك حجة  معنا  وبيننا  وضدنا  إلى  يوم  القيامة – أي القرآن  العظيم  - ذلك  الرسول - ؟

وأخيرا  من  المطلوب  والرجاء: أن لا  يعتبر هذا المقال المتواضع  الذي جاء  كالعادة  عبارة عن تساؤلات، وأسئلة  مثيرة ، وبنية تفجير  الحقيقة  تفجيرا وتسليط  الضوء بدون أي حرج  على  أي موضوع  مهما كان مسكوتا  عليه أو مكبلا في فكي " الطابوهات " أن لا يعتبر تطاولا على أحد، أو على أي اعتقاد مهما كان  أو تأييدا للواقفين المشرئبـي  الرؤوس ، المتطلعين إلى تلك الآفاق التي يلتمس منها في كل حين بزوغ  ظل  وهالة  كل  من المهدي المنتظر أو عيسى  بن  مريم  المسيح  -عليه السلام - أو لأولئك  الواقفين  بالمرصاد الذي  يستعدون  لمواجهة  ذلك  المسيخ  الدجال .

*والمرجو كذلك أن لا يعتبر هذا  المقال  تأييدا  لأولئك  الشاكين  المديرين  ظهورهم  لهذا  البلاء لأنه إذا  كان الناس مخيرين وبكل حرية في أن  يؤمنوا أو أن يكفروا، ما جاء  ذل  واضحا مبينا  في  القرءان العظيم ، فما بالكم  بهذا  الموضوع  الذي  أهدر من الوقت الثمين ما أهدر،  وما زال فاعلا ومبذرا تبذيرا ، ولأن السؤال الكبير الذي لا يمكن أن  يتملص  منه  أي فريق فهو التالي :

*وسواء  حضر الوفد  الثلاثي  حقا  أو  لم  يحضر،  فإن حضور  هذه  الشخصيات – على الأقل المهدي وعيسى بن مريم – عليه السلام – يعني  تأكيد حديث  الرحمن الرحيم المنزل على رسوله محمد بن عبد الله ، ويعني الدعوة إلى تدبره والسعي في سبيل  هضمه  بدون شريك  مهما  أو  أي كان .

*وعليه، فلماذا لا ننطلق نحن من اليوم في  سبيل أن نتدبر هذا القرءان، ولا نبالي في أن نكسّر تلك الأقفال المكبـّلة  لتلك القلوب ؟ . وفي  حالة  ثبوت  حضور الوفد  سنكون – على الأقل – بصفة  أو  بأخرى  ساهمنا  في  تيسير  وتعبيد  السبيل  الذي  سيسلكانه  بعد  حضورهما. 

*ثم  إن أولئك  الذين  يتحمسون لاعتماد القرءان العظيم وحده لا شريك له ، وتنزيه  رسول الله وتبرئته من كل ما يحاول الظالمون اتهامه به ، نعم إن أولئك المتحمسين لاعتماد  القرءان  وحده  الواثقين  فيه  الثقة  المطلقة ،  والآخذين مهمة  رسول الله  مأخذ  جد مطلق  عندما  جاء  مبلغا ما  أوحي إليه ، ألا يكونون يفعلون ذلك  ويدعون  وينذرون  ويبشرون  بالضبط  إلى  ما  كان  يفعله  محمد  الرسول ؟  وإلى ما  قد سيفعله  لا محالة  كل من المهدي المنتظر ومعه المسيح - عليه  السلام –  إذا  حضر أحدهما أو كلاهما ؟ وهو الدعوة  إلى  حديث  الرحمان  الرحيم ؟

*وإن أخوف ما يخاف هو أن يقع  في ورطة لا يحسدون عليها، أن يقع  فيها أولئك  المتحمسون المنتظرون وصول  المهدي أو عيسى  المسيح – عليه السلام -  نعم  الورطة المنتظرة هي  الأخرى ويمكن أن  تكون  بحق هي  الورطة  المتربصة  بأولئك  المنتظرين نعم المتربصة  بهم ،لأن المفاجأة التي ستلقيها عليهم  هي  ليست  كأية  مفاجأة  وقد  يكون  حجمها  وثقلها  من  ذلك  العيار  الذي  لا  يبقي  ولا  يذر  .

*نعم  إن الورطة هي في أن يدعو المهدي ومعه سيدنا  المسيح  - عليه السلام -  أن  يدعوا  إلى اعتماد  القرءان  وكفى، وأن  يلغيا  ويحاربا  بشدة  تلك  الأكوام  الهائلة  المهولة  من  الأنقاض التي ما  أنزل  الله  بها  من  سلطان – وهي بمثابة  البناء  الفوضوي العشوائي –

*نعم  كيف  يا  ترى  يكون  فعل أو رد  فعل أو موقف  أولئك  المتحمسين  الذين كانوا منتظرين ؟

*وفي الأخير، وبكل صراحة، فإن  ما  ولـّـد  هذه  الملاحظات وهذه  التساؤلات  هو  خبر  ورد  في  يومية  في  وطن  عربي  بتاريخ 09/مارس 2012  مفاده  ما  يلي : ملخص الخبر : تمكن رجال الأمن في فضح وتفكيك جماعة دينية متطرفة تسمى (الجماعة  المهداوية ) ذات " إيديولوجية " غريبة  مدهشة ، وهي تنشط  بمختلف  المدن،  ومنها  الساويرة ، ووجدة،  وتاوريرت ، ولروي ( بالمغرب الأقصى). ويخضع أنصار هذه  الظاهرة  خضوعا  تاما  وبثقة  عمياء  إلى رئيسها  ورائدها  الذي يقدم  نفسه  ويزعم  أنه  هو  المهدي  المنتظر

وأما عن أنصار هذا المهدي ودرجة  ثقتهم فهي  لا  تكاد  تتصور وهي  بدون  حدود  إلى درجة أنهم يأتمرون بأوامر هذا المهدي – اعلى الرغم من أنه لم يكن في الحقيقة هو المنتظر- ويسارعون إلى تغيير أسمائهم الشخصية  بدعوى أن أسماءهم الأصلية  هي أسماء  ملطخة ملوثة غير طاهرة ، كما أنهم لا  يترددون في  بيع  ممتلكاتهم  أو سكناتهم للتبرع  بقيمتها لصالح هذه الجماعة المهداوية ،علما أن هذا  المهدي  -  المزعوم -  يتلقى  تبرعات  أو مبالغ مالية من الخارج، ويوزعها على أتباعه لتقوية  وضمان طاعتهم لأوامره ومزاعمه  الغريبة، بل إن أنصار هذا المهدي وصل بهم  الأمر إلى أن الواحد منهم لا يجرؤ على  معاشرة زوجته جنسيا – مهما بلغ  به الشوق والشبق - إلا بعد أن يحصل على الإذن  المقدس من  لدن  هذا المهدي  الذي  قد حضر وجعل  حدا  نهائيا  لأي  انتظار.   

 

اجمالي القراءات 12534