هذا خطأ. ومرجع الخطأ في الاستشهاد بالآية الكريمة إلي عدم الفهم لكلمة " ثقفوا" فهذه الكلمة ومشتقاتها معناها الاصطدام الحربي والتقاء جيشين علي أرض المعركة وبهذا المعنى وردت الكلمة في القرآن الكريم في مواضع القتال .. ونتتبع ورود هذه الكلمة في القرآن :
1- في تشريع القتال وكيف أنه للدفاع ورد الاعتداء ، يقول تعالي " وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولاتعتدوا إن الله لا يحب المعتدين" ثم يقول تعالي بعدها " واقتلوهم حيث ثقفتموهم2/190، 191 أي اقتلوهم حيث تقابلتم معهم في المعركة حال كونهم معتدين عليكم..
2- وعن المشركين الذين ينقضون العهد ويعتدون علي المؤمنين يقول تعالي" الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون" ثم يقول تعالي بعدها " فإما تثقفنهم في الحرب فشرد بهم من خلفهم لعلهم يذكرون:8/56: 57" أي حين تقابلهم في أرض المعركة فاجتهد في هزيمتهم حتي يكونوا عبرة لغيرهم من مؤيديهم لعلهم يذكرون وينتهون.
3- وإذا كان المسلمون مؤمنين بالله تعالي حقا ومؤمنين بكتابه ورسوله صدقا فلن يهزمهم اليهود ، وهذا وعد الله تعالي الذي لا شك فيه ، يقول تعالي عن اليهود " لن يضروكم إلا أذي وإن يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون" ثم يقول تعالي بعدها عن اليهود" ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا : 3/111: 112 " أي كتب الله عليهم الذلة أينما التقى بهم المسلمون في أرض المعركة وذلك طبعا إذا نصرنا الله تعالي في عقيدتنا ولكننا نكذب بآيات القرآن إذا تعارضت مع بعض الأحاديث المكذوبة المنسوبة للنبي فكيف ينصرنا الله؟
4- ويقول تعالي عن المشركين للمؤمنين " إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء :60/2" أي حين يلقوكم في المعركة تظهر عداوتهم لكم برغم أنهم أقاربكم..
5- وجاءت كلمة " يثقف" أو مشتقاتها بالنسبة للمنافقين في موضعين وبنفس المعني أي الاصطدام الحربي .
جاءت بالنسبة للأعراب البدو حول المدينة وكانوا أشد الناس كفرا وأشدهم نفاقا وبعضهم كان ينافق المؤمنين ثم يتآمر عليهم ويتحالف ضدهم ويقطع الطريق علي المدينة فقال تعالي فيهم " ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم ويأمنوا قومهم كلما ردوا إلي الفتنة اركسوا فيها فإن لم يعتزلوكم ويلقوا إليكم السلم ويكفوا أيديهم فخذوهم واقتلوهم حيث ثقفتموهم:4/91"
أي إن اعتزلوا القتال وركنوا إلي السلام وكفوا أيديهم عن الحرب فهم منافقون سالمون لا يجوز قتالهم أو قتلهم أما إذا شنوا الحرب فعلي المسلمين أن يقاتلوهم حيث التقوا بهم في الميدان .. وفي غزوة الأحزاب اشتدت حركة المنافقين داخل المدينة وكان منهم من يعوق المسلمين عن الحرب ومنهم من يروج الإشاعات وكانوا قاب قوسين أو أدني كمن رفع السلاح ضد المؤمنين في ذلك الوقت العصيب فقال تعالي يحذرهم " لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلا ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا :33/60: 62"
أي إذا لم ينته المنافقون عن تآمرهم وعملهم طابورا خامسا للمشركين وهم يحاصرون المدينة فسينزل الأمر من لله بقتالهم ومعني ذلك أن تنتهي الحرب بهزيمتهم وخروجهم من المدينة لأن سنة الله تعالي لا تتبدل هي نصر المؤمنين علي المعتدين الكفار إذا كان المؤمنون مؤمنين حقا.. فقوله تعالى عن المنافقين" ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا " يعني الحكم عليهم باللعنة والهزيمة إذا التقوا مع المؤمنين في معركة كانوا فيها ظالمين معتدين ..
وقوله تعالي بعدها " سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا " يؤكد أن الموضوع هنا موضوع قتال بين جيشين وسنة الله وحكمه هي نصر الذين ينصرونه ويقيمون منهجه ونظير ذلك ما يقوله تعالي " ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لا يجدون وليا ولا نصيرا سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا:48/22"
والمهم أن قوله تعالي " ملعونين أينما ثقفوا أخذوا وقتلوا تقتيلا " تتحدث عن منافقين دخلوا حربا مع المؤمنين ولا علاقة لها بمنافق أو مرتد مسالم لا يرفع سلاحا ..
ويبقي بعد ذلك أن نقول أن الله تعالي أمر بجهاد المنافقين والمشركين في آيتين في القرآن " يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير : 9/73، 66/9" فهو أمر بالجهاد وليس أمر بالقتال والجهاد قد يكون بالكلمة والموعظة وقد يكون بالسيف وفي حالة السيف والحرب فله قواعد وتشريعات تؤكد أنه لدفع الاعتداء وليس للاعتداء والله تعالي بقول للنبي في سورة مكية عن القرآن" فلا تطع الكافرين وجاهدهم به جهادا كبيرا:25/52" فالنبي يجاهد المشركين في مكة بالقرآن فقط وكان ذلك جهاداً كبيراً.