سلّم لى على الانتماء

خالد منتصر في الأحد ١٩ - فبراير - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

كيف نتحدث عن الانتماء ومن يحب هذا البلد يُدهس بالأحذية؟! كيف نطالب عالمة وطبيبة وباحثة بالانتماء وجهدها يُسرق وأحلامها تُهدر وعشقها لهذا الوطن يُغتال مع سبق الإصرار والترصد؟! هذه قصة باحثة حاصلة على جائزة الدولة كل جريمتها أن الجنون قد أصابها وسعت إلى الحصول على منحة أوروبية مالية لمصر لتنمية أبحاث الخلايا الجذعية فتم طردها من فريق البحث والاستيلاء على المنحة!! إليكم القصة بتفاصيلها من رسالة د. هبة عبدالرازق، الأستاذة بـ«طب القاهرة»، وللوزير حق الرد.

«بعد حصولى على درجة الدكتوراه فى أمراض الدم والمناعة سنة ٢٠٠١ من جامعة القاهرة، لفت انتباهى الاهتمام المتزايد بالخلايا الجذعية والاتجاه العالمى نحو دراستها والاستفادة منها مما دفعنى للسعى إلى الحصول على منحة دراسية فى هذا المجال، وقد نجحت فى الفوز بمنحة فى إحدى أهم الجامعات الأوروبية وهى جامعة جنوة بإيطاليا، وبالفعل حصلت على دكتوراه أخرى منها، وخلال تلك الفترة قمت بنشر العديد من الأبحاث المهمة فى كثير من الدوريات العلمية العالمية، وقد حرصت دائما على وضع اسم جامعة القاهرة على هذه الأبحاث، ونتيجة لهذا الجهد والعمل المتصل استطعت أن أحصل على أكثر من عشر جوائز عالمية فى مجال العلاج بالخلايا الجذعية.

لقد أتاحت لى هذه الفترة التعرف على العديد من التقنيات الجديدة التى تمنيت أن أنقلها لجيل جديد من الأطباء المصريين، وقد استثمرت خبرتى وسعيت للحصول على منحة مقدمة من الاتحاد الأوروبى فى صورة مشروع يهدف إلى تدريب شباب الباحثين على التقنيات الحديثة الخاصة بأبحاث الخلايا الجذعية، وقد اخترت أن أوجه هذه المنحة لجامعتى الأم وبالأخص لمستشفى الأطفال الجامعى (أبوالريش)، وفى يناير ٢٠١٠ تم قبول المشروع بقيمة ٣٥٠٠٠٠ يورو، وتعد هذه من أكبر المنح العلمية التى حصلت عليها كلية الطب فى الآونة الأخيرة، وبعد ١٨ شهراً من العمل الدؤوب وتكوين فريق بحثى يشمل ٦ من شباب الباحثين استطعنا أن ننشئ معملاً خاصاً لأبحاث الخلايا الجذعية، ونجحنا فى نشر بعض النتائج البحثية فى إحدى أهم الدوريات العلمية العالمية.

فى تلك الأثناء سعيت للحصول على منحة أخرى من الحكومة الألمانية لتدريب اثنين من الباحثين فى المشروع بجامعة كولن، وأثناء تواجدى بألمانيا أُبلغت بحصولى على جائزة الدولة التشجيعية للعلوم الطبية وجائزة جامعة القاهرة التشجيعية، وبالرغم من كل ذلك فوجئت باستبعادى من المشروع بواسطة نائب رئيس الجامعة السابق وزير التعليم العالى حالياً دون إبداء أسباب، علماً بأن التعاقد بين جامعة القاهرة والاتحاد الأوروبى على النموذج الخاص بالاتحاد الأوروبى ينص على أننى أنا الباحث الرئيسى والمسؤول الوحيد علمياً وفنياً عن هذا المشروع، وصُدمت حين تم استبدالى كباحث رئيسى للمشروع بإحدى أساتذتى وهى على المعاش ولم يسبق لها نشر أبحاث عن الخلايا الجذعية فى أى من الدوريات الإقليمية أو العالمية، وقد تم اختيارها بواسطة بعض أعضاء المشروع بناء على صلة القرابة التى تربطها بنائب رئيس الجامعة.

بناء على ذلك تقدمت بشكوى لرئيس الجامعة ووزير التعليم العالى الأسبق لتصل فى النهاية إلى يد عميد كلية الطب، ولكن لأن المشكو فى حقه هو الآن وزير التعليم العالى فلايزال التحقيق مستمراً وصرف أموال المشروع مستمراً، ومن مفارقات القدر أن يتم استبعادى من مشروعى البحثى فى الوقت الذى يتم فيه تكريمى واختيارى (المعلم الإقليمى) على مستوى الشرق الأوسط وأفريقيا فى مجال الخلايا الجذعية.

إن هذه الأحداث المؤسفة كان لها أعمق الأثر على سير المشروع البحثى، حيث تفرق الفريق البحثى وتوقفت الأبحاث والتجارب مع ما يصاحب ذلك من إهدار لأموال المشروع، وكانت الأمانة تقتضى أن أقوم بإبلاغ الاتحاد الأوروبى ولكن انتمائى لجامعة القاهرة يمنعنى إلى الآن، حيث سيؤدى ذلك إلى سحب المشروع ووقف التمويل الحالى والإضرار بسمعة الجامعة.

إن أكثر ما يؤلمنى بجانب الظلم الذى تعرضت له أننى عدت إلى مصر بعد ثورة يناير آملة أن يسود العدل وتنتصر الكفاءة وتختفى المحسوبية، ولكن يبدو أن ذلك لم يكن سوى حلم ما زال بعيد المنال».

اجمالي القراءات 9637