فتأسّوا بها وتحلـّـوا، ما استطعتم
ولمحمد رسول الله الأخلاق العظمى

يحي فوزي نشاشبي في الجمعة ٠٣ - فبراير - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

 

ولمحمد رسول الله الأخلاق العظمى

فتأسّوا بها وتحلـّـوا، ما استطعتم

    تابـــع

ولنحاول إبراز بعض الصفات من ذلك الخلق العظيم الذي يتحلى به رسول الله الذي صلى عليه هو وملائكته : 

01) (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّاغَلِيظَ الْقَلْبِلانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْف عَنْهُمْ
وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْعَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ...) آل عمران رقم 159.

فهذه الآية كما هو واضح كريمة بأخلاقها العالية التي هي نبراس لكل المهتمين بالتربية، والحرية والديموقراطية والمهتمين بالمغزى الحقيقى لماهية التوكل المسبوق حتما بالعزم والإرادة واتخاذ جميع الحسابات والأسباب والإحتمالات .

02)  ( ... ولا  تستوي  الحسنة  ولا  السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا  الذي  بينك  وبينه  عداوة كأنه ولـي حميــم ، وما  يلقاها  إلا  الذين  صبروا وما يلقاها  إلا  ذو  حظ  عظيم .) فصلت رقم : 35،34.    

03)  ( ... وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ  والعافين عن الناس والله  يحب  المحسنين ) سورة آل عمران : 133-134.

إنه خلق عظيم حقا، وصعب، وليس بالهين، لاسيما تخطي  عقبة العداوة ( ذلك العدو الحميم ) ولي عنقها هي والغيظ ، والخروج أخيرا بنصر مبين وهو العفو عن الناس ، وذلك ما لا يقدر عليه إلا ذو حظ عظيم والمتمتع وروح رياضية وعضلات معنوية أو ذهنية مفتولة.

04) ( ... يــبنيّ أقم الصلاة وأمر بالمعروف وانه عن المنكر واصبرعلى ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور ولا تصعّر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير ) . سورة لقمان : 16/19.

05) (لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ).

06) (وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ )

       07)  ( وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ )

       08)  (وَإِن يُرِيدُواْ أَن يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ ) (الانفال  ، 60 ، 61 ، 62 ).

       09) (وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا )  الأحزاب-48.

       10) (لاَّ خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا )   

سورة  النساء – 114.

      11) ( ... وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا  التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم  واتقوا الله لعلكم ترحمون يا أيها الذين ءامنوا لا يسخر قوم  من قوم عسى أن يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكنّ خيرا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب  بئس الإسم الفسوق بعد الإيمان ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون يا أيها الذين ءامنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم  يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير.) -9-13- سورة الحجرات .

وأما عن هذه الصفات التي تتجلى عبر هذه الآيات فما هي إلا غيض من فيض .

*  ولنفتح باب  الخيال، ونتصور  أن سيدنا  محمد بن عبد الله رسول الله ( عليه الصلاة والتسليم ) أنه حي يرزق وهو معنا في هذا العصر ، أو لنتصور  أنه رجع ليعيش معنا فترة من الزمن ، ولنتصور أننا وجهنا له هذا السؤال عن موقفه الذي يقفه إزاء نوعين اثنين من الإيذاء والهجاء :

الهجاء والإيذاء الأول:  عندما يصدر من ملحدين أو كفار أو مشركين ،وهم  يرسمون أو يكتبون مشهدا ساخرا كاريكاتوريا يلمز المسلمين ويلمز بالذات ومباشرة رسول الله ، كما قد حدث  فعلا مرات عديدة

ولم يسلم منه أي  أحد  من رسله .

وهــل  سيفهم رسول الله مواقف أولئك المنتسبين إلى  الإسلام  والإيمان  الصادق وهم ينفجرون غضبا وصراخا وتجمعات واعدة  ومهددة  ومضرمة نيرانا على الساحات لتحرق الأعلام  والرموز  وتدوسها ، وربما يتلو ذلك من يفجر نفسه تفجيرا ليذهب بأرواح عشرات من الأبرياء ؟

الهجاء  والإيذاء الثاني: وهو ذلك الهجاء  والإيذاء  المكتوب حبرا على ورق منذ  مئات  القرون ومحفوظ  بغيرة  غريبة ومبالغ  فيها بين دفتي تلك الصحاح المشهورة التي لا ينبغي أن يأتيها الباطل ولا الشك حسب اعتقاد  مروجيها  ومؤيديها إلى درجة الإدعاء بأنها تنافس حديث الرحمان الرحيم وتكمل النقص وتسلط الضوء على الغامض وتزيح أي  ارتباك  أو  أي  اختلاف ، وتقوّم أي  اعوجاج ، وباختصار إلى درجة اعتبارها أصح كتاب بعد  كتاب  الله العظيم .

أما عن ذلك الهجاء والإيذاء الموجة  صراحة وتلميحا إلى شخص محمد بن عبد الله رسول الله ، فهو أمر وارد لا ريب فيه ، وهو إيذاء وهجاء من العيار  الثقيل الذي لا ولن يقبله العقل ، ومع ذلك  فهو  ما زال ضاربا أطنابه في تلك  الساحات الشاسعة  من صحارى أذهان المسلمين ( إن صح هذا التعبير) .

  ولنخش نحن أن نضل  ضلالا  بعيدا من حيث ندري أولا ندري، ولنحذر أن تطأ  أقدامنا تلك الألغام المزروعة بكل براعة وبكثافة في صحارى دفتي عديد من  تلك  الصحاح ، وكذلك في تلك الآلاف المؤلفة من تلك الأبيات المادحة الواصفة .

وأخيرا  فكيف  يا  ترى  يكون رد  رسول الله عليه الصلاة والتسليم  على  تساؤلنا ؟ وهو من هو ؟ وهو الذي يحمل بحق وعن جدارة  تلك  الشهادة  الممنوحة له من لدن رب  العالمين ؟

وماذا سيفعل  - يا ترى – هذا الرسول بالنصيحة أو بالأمر الذي وجهه الله له  إزاء  مثل هذه الأفعال أو الأقوال الظالمة  الجارحة  المؤذية  حين قال له : (وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا )  الأحزاب-48.

اجمالي القراءات 10311