المنشور فى موقع الجزيرة بتاريخ الأحد 25/3/1427 هـ - الموافق23/4/2006
قراءة فى بيان ابن لادن الأخير
آحمد صبحي منصور
في
الأحد ٠٦ - أغسطس - ٢٠٠٦ ١٢:٠٠ صباحاً
جاء هذا البيان الأخير فى موقع الجزيرة ، وننقل فقرات منه ونعلق عليه.
1 ـ تقول الجزيرة ( واستهل بن لادن الخطاب بالحديث عن الرسوم المسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم بالقول "إلى الأمة الإسلامية عامة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، حديثي هذا إليكم لمواصلة الحث والتحريض لنصرة رسولنا (ص) ولمعاقبة أصحاب الجريمة النكراء التي ارتكبها بعض الصحفيين من الصليبيين أو من الزنادقة المرتدين بالإساءة إلى سيد الأولين والآخرين نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم".)
التعليق
قول ابن لادن يفصح عن وقوعه فى الشرك الاعتقادى حيث جعل خاتم النبيين الاها مع الله تعالى، اذ جعله ( سيد الأولين والآخرين ) وليس هناك من سيد الأولين والآخرين سوى رب العزة جل وعلا. انه يؤمن أن محمدا عليه السلام هو سيد لكل الأنبياء والمرسلين ـ عليهم السلام ـ لأنهم يدخلون ضمن قوله ( الأولين والآخرين ).
هذا القول من ابن لادن يناقض عقيدة الاسلام التى لا اله فيها الا الله تعالى وحده ، والتى تؤكد أن خاتم النبيين محمدا كان تابعا لملة أبيه ابراهيم عليه السلام مأمورا بالتمسك بها ، ونحن أيضا مأمورون باتباع ملة ابراهيم كالنبى محمد تماما ( البقرة 130 135) ( آل عمران 95) ( النساء 125) ( الأنعام 161) ( النحل 123) (الحج 78 ) كما كان عليه السلام مأمورا باتباع هدى الأنبياء السابقين من قبله عليهم السلام ( الأنعام 90 )
هذا القول من ابن لادن يجعله فى موقع العصيان لرب العزة جل وعلا الذى نهانا عن التفريق بين الرسل ، بل وجعل من يقع فى التفريق بين الرسل كافرا بالله تعالى : ( البقرة 136 285) ( آل عمران 84 ) ( النساء 150 : 152 ) بل ان الله تعالى أمر خاتم النبيين أن يعلن أنه ليس بدعا من الرسل ، وأنه لا يدرى ماذا سيجرى له أو لغيره ، وانه مجرد نذير مبين متبع للوحى القرآنى ( الأحقاف 9 ).
المفاضلة بين الرسل حق لله تعالى وحده ( البقرة 353 الاسراء 55 )، فهو وحده الذى يعلم عددهم وسرائرهم وجهادهم ومدى التفاضل بين أعمالهم . وبالتالى فان من يتصدى لتفضيل نبى على الأنبياء السابقين فقد جعل نفسه فوق الأنبياء حكما بينهم ، أى جعل نفسه الاها مع الله ، ويكون قد خرج عن الاسلام الذى لا اله فيه الا الله تعالى.وهذا ما أوقع فيه ابن لادن نفسه.
2 ـ وتقول الجزيرة عن بيان ابن لادن (وتحدث عن منزلة الرسول الكريم في الآيات والأحاديث "لقد جاءت الآيات الكريمات والأحاديث النبوية الشريفة مبينة ما يجب لرسول الله صلى الله عليه وسلم من محبة وتكريم واتباع وتعظيم فقد حرم الله تبارك وتعالى أذاه فقال في القرآن العظيم "إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذاباً مهيناً". وقال تعالى "يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون" وقد ثبت في الصحيح عن نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال "والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين" )
التعليق
هنا يستشهد ابن لادن بقوله تعالى ( إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذاباً مهيناً ) وهو ما ينطبق عليه لأنه ـ ابن لادن ـ هو الذى بفعله وقوله يؤذى الله تعالى ورسوله. لتوضيح ذلك نقول : إن أكثر الناس ايذاءا للنبى محمد هم أولئك الذين نسبوا اليه أكاذيب تخالف القرآن ، وتقوّلوا عليه ما يخالف الدين ، والذين جعلوه الاها مع الله وهو الذى عانى ما عانى لكى يؤكد أنه لا اله الا الله. هذا هوأفظع الأذى. وتخيل أنك قضيت عمرك كله تحارب الفساد ثم يأتى آخرون يتهمونك عيتهمونك عبر أحاديث ينسبونها لك بعد موتك بأنك كنت رئيس عصابة تفسد فى الأرض .!! أهناك ايذاء لك أكثر من هذا الاتهام الباطل؟ على أن الآية الكريمة تتحدث عمن يؤذون الله تعالى ورسوله. وايذاء الله تعالى ورسوله يعنى أساسا الافتراء على الله تعالى كذبا والتكذيب بآيات القرآن الكريم ، وقد تتابعت آيات القرآن تؤكد أنه ليس هناك أظلم ممن افترى على الله كذبا و أو كذّب بآياته : (الأنعام :21، 93، 144، 157) (الأعراف :37) (يونس :17) ( هود: 18 ) (العنكبوت: 68 ) (الزمر :32) ومن يزعم تلك الأحاديث الضالة وحيا من الله تعالى فقد افترى على الله تعالى كذبا وكذّب بآياته. ومن يؤيدهم فى هذا الزعم فقد آذى الله تعالى ورسوله الكريم. وهذا ما ينطبق علىى ابن لادن.
المضحك أنهم قد كتبوا هذه الأحاديث بعد قرنين وأكثر من وفاة النبى ونسبوها له باسناد كاذب عبر رواة ماتوا من قبل دون أن يعرفوا شيئا عما نسبه اللاحقون لهم.
المؤسف انهم حين جعلوا تلك الأحاديث جزءا من الاسلام انما يتهمون محمدا عليه السلام بأنه لم يبلغ الرسالة كاملة ، وأنه ترك جزءا منها للعصر العباسى الثانى لكى يتطوع آخرون بكتابته. أى ظل الاسلام ناقصا الى أن أكمله العصر العباسى الثانى وما تلاه فى عصور الفتن والانحلال العقيدى والاستبداد السياسى والظلم الاجتماعى.
المؤسف أيضا أنهم بذلك يكفرون بقوله تعالى ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الاسلام دينا. ) (المائدة 3 ) فطالما اكتمل الاسلام بانتهاء القرآن الكريم نزولا فان ما يكتبه المسلمون ليس جزءا من الاسلام وانما هو فكر بشرى يعبر عن مدى تمسك المسلمين بالاسلام أو ابتعادهم عنه ، وفى النهاية فهم مساءلون أمام الله تعالى يوم القيامةعن الافتراء كذبا على الله تعالى ورسوله، وهى أفظع شهادة زور ارتكبوها فى حق الله تعالى ورسوله. هذا هو الايذاء العظيم.
3 ـ وتنقل الجزيرة عن ابن لادن قوله (وقد أجمعت الأمة على ردة وقتل من تعرض له بالشتم أو التنقص، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله "إن سب الرسل والطعن فيهم ينبوع جميع أنواع الكفر وجماع جميع الضلالات وكل كفر متفرع منه". وقال القاضي عياض رحمه الله "من شبه رسول الله (ص) بشيء على طريق السب له والازدراء عليه أو التصغير لشأنه أو الغض منه أو العيب له هو ساب له والحكم فيه حكم الساب له". وتابع "وقال الإمام أحمد رحمه الله من شتم النبي صلى الله عليه وسلم أو انتقصه مسلماً كان أو كافراً فعليه القتل".)
التعليق
يكذب ابن لادن حين يقول : (وقد أجمعت الأمة على ردة وقتل من تعرض له بالشتم أو التنقص )
اذ لا وجود للاجماع أصلا فى تاريخ المسلمين الفكرى والعقيدى. فقد اختلفوا فى الأصول الى شيعة وسنة وصوفية بعقائد مختلفة ، ناهيك عن الفرق الكلامية من معتزلة ومرجئة وخوارج وغيرها. وفيهم صنف أبو الحسن الأشعرى كتابه ( مقالات الاسلاميين واختلاف المصليين) ووضع ابن حزم كتابه ( الملل والنحل ) والشهرستانى ( الملل والنحل ) والملطى ( التنبيه والرد ) وغيرهم كثيرون. والاختلاف المذهبى داخل كل طائفة أكثر مما يعد ويحصى. ففى السنة مثلا هناك مذاهب فقهية أربعة. وداخل كل مذهب فقهى اختلافات فرعية. بل فى بعض الصفحات فى الكتاب الواحد تجد المؤلف يختلف مع نفسه ومع غيره . ومن العبارات المأثورة قولهم ( اختلف فيها العلماء ) تقال داخل المذهب الفقهى الواحد. فى هذه الغابة من الاختلافات يكون من المضحك أن يقال (أجمعت الأمة) فهذه الأمة لم تجتمع الا على الخلاف والاختلاف، كانوا كذلك منذ الفتنة الكبرى ولا يزالون . والمضحك أن ابن لادن ـ الذى أصبح مفتيا فى هذا الزمن الأغبر ويتكلم فيما لا يعرف ـ يستشهد بابن حنبل مع ان ابن حنبل قد أعلن نفى الاجماع ، بقوله : ( من ادعى الاجماع فى شىء فقد كذب، ومن أدراه أن الناس اختلفوا وهو لا يعلم ) اى أن ابن حنبل يرمى ابن لادن بالكذب حين زعم ان الأمة أجمعت على قتل المرتد.
لقد قرأ ابن لادن بعض كتابات الفقه السلفى فحسبها كل ما أجمعت عليه الأمة، متناسيا أن تعبير الأمة التراثى يشمل كل مختلف فرق المسلمين من عصر النبوة حتى الآن ، وليس السلفيون المعاصرون الا نقطة فى هذا المحيط الشاسع. بل تناسى ابن لادن أنه حتى فى داخل المذاهب السنية الحالية من ينفى قتل المرتد. وليرجع الى الفتاوى الحديثة التى اضطر الأزهر الى قولها بعد عشر سنوات من صدور كتابى (حد الردة ) الذى يثبت أنه لا وجود لما يسمى بحد الردة فى الاسلام.
المضحك أيضا أن ابن لادن يتهم غيره بالكفر حتى من السلفيين السنيين ثم الشيعة والصوفية وكل المسلمين غير الارهابيين. ثم بعد هذا يتحدث عن " أمة الاسلام " فى العالم بأسره جاعلا نفسه مهموما بأمرهم. فكيف يجعل نفسه زعيما متحدثا باسم أمة الاسلام كلها وفى نفس الوقت يقوم بتكفير 99 %منهم ؟
4 ـ نعود للجزيرة وهى تقول عنه : (كما هاجم كل من يحاول الإساءة للنبي قائلا "فالزنادقة والملحدون الذين يطعنون في الدين ويسيئون إلى رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم قد وضح حالهم وحكمهم الإمام ابن القيم رحمه الله، وضح أن جريمة الزنديق أغلظ الجرائم ومفسدة بقائه بين أظهر المسلمين من أعظم المفاسد، وأنه يقتل ولا تقبل توبته وكان مما قال فإن الزنديق هذا دأبه دائما فلو قبلت توبته لكان تسليطا له على البقاء في الزندقة والإلحاد فكلما قدر عليه أظهر الإسلام وعاد إلى ما كان عليه، ولا سيما وقد علم أنه أمن بإظهار الإسلام من القتل لا يزعه خوفه من المجاهرة بالزندقة والطعن في الدين والمساس بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم فلا يكف عدوانه على الإسلام إلا بقتله، وأيضاً فإن من سب الله ورسوله فقد حارب الله ورسوله (ص) وسعى في الأرض فساداً فجزاؤه القتل حداً. فالحدود لا تسقط بالتوبة بعد القدرة اتفاقاً". انتهى كلامه.)
التعليق
هنا يكرر ابن لادن تطرف الفقه السلفى فى قتل المخالف لهم فى الرأى حتى لو كان سنيا مؤمنا بالأحاديث طالما كان له اجتهاد يخالف أئمة السلف . هنا يسمونه زنديقا ويجعلونه أسوأ من المرتد. اذ يحكمون بقتله دون محاكمة ودون استتابة ، وحتى لو تاب لا يقبلون توبته. فاذا كان الله تعالى يغفر فهم لا يغفرون، واذا كان الله تعالى يقبلتوبة العاصى فهم لا يقبلون، واذا كان الله تعالى قد قال لخاتم الأنبياء فيما يخص الغفران :( ليس لك من الأمر شىء ) آل عمران 128 ) فانهم قد جعلوا لأنفسهم شيئا وأشياء، وأعلوا انفسهم فوق مقام النبوة الأنبياء.
فى التعليق على قتل الزنديق ومعناه قلت فى كتاب ( حد الردة ) منذ 1993 : (وقد يتصور القارئ أن ذلك الزنديق كافر ملحد لا يؤمن بالله ورسله وكتبه، كلا.. إنه مؤمن بالله وكتبه ورسله، ولكنه مفكر صاحب رأى، إلا أن خطأه الأعظم أن آراءه تخالف آراء أصحاب السطوة من الفقهاء، وتخالف ما اعتبروه عندهم هم معلوماً من الدين بالضرورة لذلك يستحق القتل حتى ولو تاب، ولأنه صاحب حجة ومعه الأدلة والبراهين فإن الكهنوت الفقهى يحرمه من المحاكمة التى يتفضل بها على المرتد الكافر العادى، والسبب أن المرتد العادى ليست لديه حجة يخشى منها الكهنوت الفقهى، أما من اتهموه بالزندقة فلديه الحجة والبرهان، ولأنهم لا يستطيعون مواجهته بالحجة فى المحاكمة فلا داعى لمحاكمته والأفضل قتله سريعاً..يقول الشيخ سيد سابق أن الزنديق هو الذى يعترف بالإسلام ظاهراً وباطناً، إذن هو مؤمن بالقلب واللسان، فكيف يكون زنديقاً؟ يقول الشيخ مستدركاً "لكنه يفسر بعض ما ثبت من الدين بالضرورة بخلاف ما فسره الصحابة والتابعون وأجمعت عليه الأمة".أى هو زنديق لأنه اجتهد وجاء بآراء جديدة تخالف ما وجدنا عليه آباءنا وليس مهما إن معه الدليل، إنما المهم أن أدلته تخالف ما فسره الصحابة والتابعون وأجمعت عليه الأمة..ويقول الشيخ "وأن الشرع كما نصب القتل جزاءاً للارتداد ليكون مزجرة للمرتدين فكذلك نصب القتل للزندقة ليكون مزجرة للزنادقة وذبا عن تاويل فاسد فى الدين لا يصح القول به، فكل من أنكر رؤية الله تعالى يوم القيامة أو أنكر عذاب القبر وسؤال منكر ونكير وأنكر الصراط والحساب سواء قال لا أثق بهؤلاء الرواة أو قال أثق بهم لكن الحديث مؤول ثم ذكر تأويلاً فاسداً لم يسمع من قبله فهو الزنديق، وقد اتفق جمهور المتأخرين من الحنفية والشافعية على قتل من يجرى هذا المجرى".)
هذا ما قاله شيخ الاخوان المسلمين سيد سابق ، المشهور بالاعتدال ، فاذا كان الاعتدال ان تقتل من يخالفك فى بعض آرائك الفقهية بدون أن تناقشه ، بل وتقتله حتى لو تاب ، فماهو التطرف حينئذ؟ . الواضح هنا ان ابن لادن على نفس دين الاخوان المسلمين، وان كان أكثر صراحة ووضوحا منهم. ونخشى أن يأتى الوقت الذى يحكم فيه الاخوان مصر المحروسة وفيها عشرات الملايين ممن يعتقد فى الأضرحة والأولياء وملايين آخرون يجرى سب الدين على لسانهم بحكم العادة وسوء التربية ، وملايين آخرون يتندرون على المشايخ ، وبناء على كلام سيد سابق فهم زنادقة أو مرتدون . وبتطبيق هذه الشريعة السلفية فى حكم الاخوان فلن تعانى مصر من تضخم السكان وأزمة الاسكان، اذ سيتولى ابن لادن ـ أو أبناء لادن ـ وظيفة الحسبة ، وعندها سيقتلون الناس فىالشوارع والميادين وبدون محاكمة.!!
المفجع أن الافتاء بقتل النفس البريئة انما يتعدى جريمة القتل نفسها. انه قتل للناس جميعا لأن تلك الفتاوى السامة تظل دعوة متجددة لقتل الأبرياء فى كل زمان ومكان. وبالتالى فان ضحاياها متجددون فى الحاضر والمستقبل بالاضافة للماضى. وهذا من مكارم الفقه السلفى على الناس. ويبقى ان يجاهد الاخوان وجماعاتهم الارهابية لاقامة دولتهم لتطبق هذه الشريعة الغرّاء بدمائنا ودماء أبنائنا .!!
5 ـ وتقول الجزيرة عن ابن لادن :( كما تحدث عن منزلة الصحابة ودعا للتشبه بهم "وأذّكر نفسي وإياكم بأفعال الأطهار الأبرار الجنود الأول للإسلام الصحابة الكرام رضي الله عنهم لنتشبه بهم في نصرة الدين، إن التشبه بالكرام فلاح". فقد روى أهل السنن حادث شعر كعب بن الأشرف الذي نال به من رسولنا (ص) فلما بلغ ذلك لرسولنا (ص) قال "من لي بكعب بن الأشرف فقد أذى الله ورسوله، عند ذلك قام محمد بن مسلمة فقال أنا يا رسول الله أتحب أن أقتله؟ قال نعم. الله أكبر ما أسرع استجابتهم لنصرة الله ونصرة رسوله (ص) الله أكبر ما أعظم إيمانهم ويقينهم، وما أعلمهم وما أفقههم، فقد كان عالماً رضي الله عنه أن دواء من يؤذي الله ورسوله القتل من دون مقدمات.)
التعليق
هنا يعود ابن لادن الى ايذاء النبى محمد عليه السلام بالترويج لهذا الافك الكاذب الذى جاءت به السيرة التى تمت كتابتها بعد موت النبى محمد بقرنين وأكثر، وفيها صوروا النبى محمدا وفق الشائع فى عصرهم من تآمر وخيانة واغتيال. ومنها أكذوبة اغتيال كعب بن الأشرف التى يحتفل بها الارهابيون بالذات ويتخذون منها مسوغا تشريعيا لتدبير القتل للابرياء.ويأتى ابن لادن فى عصرنا ليذيع هذا الايذاء للنبى محمد وليعطى الفرصة لأعداء للاسلام كى يصفوا خاتم النبيين بالارهاب وقتل الناس فى بيوتهم .
ان الله تعالى أمر خاتم النبيين عليهم جميعا السلام بأن يتعامل بالصراحة والوضوح حتى مع الخائنين والذين ينقضون العهد ، لأنه فى تشريع الاسلام لا مجال لتدبير المكائد حتى ضد من يتآمر عليك ( الأنفال: ـ 58 )، بل أمره ربه جل وعلا بأن يجنح للسلم ويقبله متوكلا على الله تعالى ، وحتى اذا كانوا يخدعونه بالسلم فلا يلتفت لهم معتمدا على الله تعالى ( الآنفال : 61 ، 62 ) فهل من كانت هذه شريعته يمكن أن يرسل عصابة لتقتل رجلا فى بيته أمام زوجته كما تحكى تلك الأكذوبة ؟
6 ـ وتقول الجزيرة : (وقارن بن لادن بين هؤلاء الصحابة ومن وصفهم بـ"الدعاة المنهزمون اليوم الذين ما ذهبوا إلى الصليبيين مقاتلين إنما ذهبوا محاورين فهؤلاء يميعون الدين فاحذروهم، نعم إن منهجهم مخالف للمنهج القويم فمنهج رسول الله (ص) أنه يجب قتل كعب بن الأشرف ويجب قتل كل من أذى الله ورسوله (ص) نعم إن قتل هؤلاء أمر يحبه الله تعالى ويحبه رسوله (ص) وقد أمر الله تعالى به وحث عليه رسوله (ص) قال تعالى "وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم، فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون". فبالقتال ينتهون عن الطعن في الدين قال إبن القيم رحمه الله عن هذه الآية "كل من طعن في ديننا فهو إمام في الكفر".
وتابع بن لادن بالقول "والآن لنعد لإكمال قصتنا فإن محمد بن مسلمة أخذ معه بعض الأصحاب رضي الله عنهم فذهبوا وقتلوا عدو الله كعب بن الأشرف فعند ذلك فزعت يهود ومن معها من المشركين فجاؤوا إلى النبي (ص) حين أصبحوا فقالوا "قد طرق صاحبنا الليلة وهو سيد من ساداتنا قتل غيلة بلا جرم ولا حدث علمناه" فقال الرسول (ص) "إنه لو قر كما قر غيره ممن هو على مثل رأيه ما اغتيل لكنه نال منا الأذى بالشعر ولم يفعل ذلك أحد منكم إلا كان للسيف".)
التعليق
هنا يعود ابن لادن الى اكذوبته المفضلة فى اغتيال كعب بن الأشرف ليتخذ منها مسوغا شرعيا للاغتيال والارهاب. ويستشهد خاطئا بقوله تعالى : "وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم، فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون ".
هذه هى الآية رقم 12 من سورة التوبة . والآيات قبلها تحدد المعنى السلوكى لكلمة مشرك وكافر فى مصطلحات القرآن الكريم. وننصح القارىء بالرجوع للآيات الكريمة فى أوائل سورة التوبة ليتعرف معنا على معنى الكفر والشرك حسب السلوك والتصرفات. ونوجز الحقائق القرآنية فى تلك الآيات الكريمة على النحو التالى آملين فى رجوع القارىء للسورة ليتابعنا فيما نقول:
* ـ معنى الشرك والكفر واحد فقد جاء الخطاب لنفس القوم بالكفر والشرك (الآيات 1 ، 2 ، 3 ، 4 ، 5 ، 6 ، 12 .)
* ـ المعنى السلوكى للشرك والكفر هو الاعتداء الآثم ( الاية 10 ) ومنه نقض العهد السلمى وشن الحرب على من عقدوا معه معاهدة سلام ( 8 : 10 )
* ـ ان سبب نزول السورة هو اعطاء أولئك المعتدين الآثمين مهلة للتوبة وكف الاعتداء. هذه المهلة هى الأشهر الأربعة الحرم . ( الآيات 1 ، 2 ، 3 ، 4 ، 5 )
* ـ لأنه كفر أو شرك سلوكى بمعنى الاعتداء الحربى الظالم على المسلمين المسالمين فانه وصفهم بالكفر والشرك مرتبط بحدوث ذلك الاعتداء، فان تابوا عن الاعتداء وأقاموا الصلاة والزكاة فقد سقطت عنهم صفة الاعتداء وأصبحوا أخوة للمسلمين المسالمين.لأن المسلم هو المسالم حسب الظاهر، ولن المشرك أو الكافر فى معناه الظاهرى هوالمعتدى الآثم.( آية 5 ، 11 ) ومصطلح اقامة الصلاة وايتاء الزكاة يعنى الاستقامة فى السلوك وعدم الاعتداء والكف عن الظلم كنتيجة طبيعية للمحافظة على الصلاة والخشوع فيها لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر والبغى و الظلم.( العنكبوت 45 ). وان أمسكوا عن نقض العهد وحافظوا عليه فلا بد من احترام العهد معهم تمسكا بالتقوى ( الآية 7 ) وفى حالة الحرب العدوانية إذا كفّ أحدهم عن القتال فلا بد من حقن دمه واعادته سليما آمنا الى بيته بعد أن يسمع كلام الله أملا فى وعظه وارشاده ( الاية 6 )
* ـ ان استمروا فى الاعتداء على المسلمين المسالمين واستمروا فى نكث العهد فهذا طعن فى الاسلام الذى هو دين السلام ، وعليه فلا مفر من رد الاعتداء بمثله بقتال كبار المعتدين الذين لا أمان لهم ولا عهد لديهم الى أن ينتهوا عن الاعتداء، فاذا انتهوا عن الاعتداء فلا مجال لحربهم ، وهذا هو معنى قوله تعالى فى الآية 12 من سورة التوبة :( وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم، فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون ".) وهذا تؤكده آيات أخرى فى تشريع القتال الدفاعى : ( البقرة 190 ـ 194 ) (الأنفال 38 ـ 39 ) (الحج 38 : 40)
هل يتفق هذا السياق القرآنى مع ما قال به ابن لادن فى اغتيال المسالمين وقتل الأطفال والمدنيين من المسلمين وغير المسلمين ؟ ومع تناقضه مع الاسلام فانه ينسب هذا الهراء للاسلام ويتحدث باسمه. الا يكون ذلك ايذاءا لله تعالى ورسوله ؟.ان الواضح الجلىّ أن ابن لادن يكرر ما كان أولئك المعتدون يفعلونه مع المسلمين المسالمين فى عصر النبوة.
7 ـ فى اغتيالنا يقول ابن لادن )"هو حكم رسولنا (ص) في كل من يهجوه وفي كل من يستهزأ من الدين، فيا شباب الإسلام اتبعوا أمر الله تعالى وأمر رسولنا بقتل هؤلاء واقتدوا بمحمد بن مسلمة وأصحابه فبطن الأرض خير والله من ظهرها والزنادقة بيننا يستهزئون بديننا ونبينا (ص) فاتقوا الله في أنفسكم وارضوا ربكم ولا تشاوروا أحدا في قتل هؤلاء الزنادقة". وتابع "واستعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان ).
التعليق
الغاية التى يطمح لها ابن لادن هى اغتيال المعارضين له من قادة الفكر ـ بعد اتهامهم ظلما بالزندقة، ثم استمرار حربه ضد الغرب واليهود فى كل أنحاء العالم, أى القتل على الهوية للجميع عشوائيا وبدون تمييز، وهى الحرب التى ابتدعها وجعلها جهادا ألصقه بالاسلام ، والاسلام منه برىء.
لقد أصدر علنا حكمه بقتلنا ووزع الأمر على كل شياطينه ، ما ظهر منهم وما بطن.
وما قاله هنا سبق أن قاله أتباعه فى بيان حدد بالاسم أكثر من ثلاثين شخصا ، وكان لى الشرف بأن وضعنى ومعى أولادى وزوجتى على رأس القائمة . قال البيان البائس : (نحن جماعة المناصرون لرسول الله صلى الله عليه وسلم .بعد مداولتنا ومشاورتنا مع إخواننا من إمراء الجماعات والتنظيمات الإسلاميه فى أرض الإسلام وبعد إضطلاعهم على ما توصلنا إليه فى مجلس شورى الجماعه من محاكمة لرؤوس الفتن والردة وإنكار الدين وسنة نبينا عليه الصلاة والسلام وجهرهم بكفرهم ودعوة الناس إليه . وبعد مفارقتهم جماعة المسلمين وخروجهم من حظيرة الدين وموالاتهم علناً لأئمة الكفر وعبدة الصليب والأوثان من المسيحيين والنصارى. وحضور مؤتمراتهم ومناصرتهم على شيوخنا وعلماءنا وطلبهم ان تكون ولاية بلادنا من حقهم ..)
وقد أمهلنا البيان البائس ثلاثة أيام كى نتوب ونعتذر علنا. والبيان البائس اياه ربط بين الدعوة لقتلنا والدفاع عن النبى محمد عليه السلام ، واتهمنا بالعمالة للغرب ، واضاف الينا بعض نشطاء الأقباط وحقوق الانسان واليبرالية والعلمانية و الديمقراطية. ولأن المهلة انتهت ولم يعلن أحد منا التوبة فقد جاء بيان ابن لادن زعيم العصابة بالفرمان النهائى بقتلنا حتى لو تبنا ، مع توصية شياطينه بالكتمان ، واذا كان البيان السابق يقول انهم تشاوروا بشأننا فان ابن لادن يقول فى لهجة حازمة (ولا تشاوروا أحدا في قتل هؤلاء الزنادقة").
وبعدها تحدث عن قتال الغرب واليهود والمسيحيين وفق عقيدة تقسيم العالم الى معسكر الاسلام ( تحت قيادته ) ومعسكر الكفر أو دار الحرب ( تحت قيادة أمريكا والأمم المتحدة ) يقول : ( وسنبدأ الحديث عن الطاعنين في الدين من الكفار الأصليين لقد انتفض أبناء الأمة الإسلامية من مشرق الأرض إلى أقصى المغرب مستنكرين تلك الجريمة الكبرى فجزى الله كل منكر لتلك الأعمال الكفرية خير جزاء ونسأل الله أن يتقبل من قتل منهم من الشهداء ونعاهد الله أن نثأر لهم من الحكومات التي سفكت دماءهم".)
8: بقى لنا تعليق بسيط :
لو كان ابن لادن ينسب نفسه لدين آخر غير الاسلام ما كنا لنتعرض له. لكنه ينسب نفسه للاسلام لذا وجب علينا أن نحتكم الى القرآن الكريم بشأنه.
أ ـ من الناحية الاسلامية العقيدية فالكفر أو الشرك هو تقديس غير الله تعالى. وعليه فابن لادن أعلن كفره العقيدى بالله تعالى حين جعل خاتم النبيين محمدا عليه السلام الاها مع الله تعالى ، وحين قام بالتفريق بين الله تعالى ورسله. وقد سبق توضيح هذه النقطة.
اتهامنا له بالكفر يأتى طبقا لما أعلنه بنفسه وصوته. هذا الاتهام مرتبط بما أعلنه . ونقول بكفر ما قاله حرصا على هدايته اذ لا تزال له فرصة فى التوبة وتصحيح العقيدة. ثم أن هذا الاتهام لا يعنى الحكم عليه بالقتل اذ لا يوجد فى الاسلام تلك الاكذوبة المسماة بحد الردة.
ب ـ من الناحية السلوكية فان الكفر او الشرك يعنى الاعتداء والظلم ، وليس هناك من اعتداء على البشر أفظع من القتل للابرياء ، وهذا ما يفعله عادة المجرمون. الا ان أفظع المجرمين اجراما هو من يرتكب هذه الجرائم ضد الأبرياء زاعما أن ذلك هو الجهاد فى سبيل الله تعالى. هنا يظلم الله تعالى ورسوله ، ويؤذى الله تعالى ورسوله قبل أن يظلم البشر.
وابن لادن قد وقع فى جريمة الارهاب واعترف بها مفتخرا بما فعل ، وهو الآن يعلن اقدامه على المزيد من قتل الأبرياء. واذا كان الشرك العقيدى جريمة لا عقوبة دنيوية عليها لأن مرجعها الى الله تعالى يحكم ويؤاخذ عليها يوم الدين فان الكفر بمعنى الارهاب الدموى والقتل هو جريمة تنتهك حق الحياة . وحقوق العباد أو حقوق الانسان لا بد من المؤاخذة عليها فى الدنيا طبقا للشريعة الاسلامية وجريمة ابن لادن هى الحرابة أو قطع الطريق . وعليه فان جزاءه حسب الشريعة الاسلامية هو القتل أو الصلب وفقا لما جاء فى قوله تعالى : (انما جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ .إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ. ) المائدة 33 : 34 ) .
ج ـ من الناحية الانسانية البحتة لا أجد ابن لادن شخصا يستحق الاحترام.
لقد خدم الأمريكان وحارب معهم ضد الشيوعية ثم انقلب على سادته وحاربهم . فى حربه الأمريكان اتبع طريقد دنيئة. استغل أبواب أمريكا المفتوحة للمتطرفين ومساجدهم ودعاتهم وتنظيماتهم. استغل تلك الأبواب المفتوحة فى تسريب عملائه ، كما استغل التسهيلات المتاحة لديهم فى المجتمع الأمريكى ليقوموا بتجهيز هجوم باغت بدون انذار. لم يهاجموا معسكرا أو جنودا ، وانما هاجموا بطائرات مدنية أمريكية مخطوفة آلاف المدنيين الأمريكيين الآمنين العاملين فى شركاتهم ومؤسساتهم المدنية. قتل آلاف المدنيين عشوائيا . وليس فى قتل المدنيين بطولة وانما هو العار كل العار. وهذا العار هو التخصص الدقيق لابن لادن ومن هم على شاكلته. ولأنه لا يجيد سوى قتل النساء والأطفال والشيوخ والمدنيين ـ العزّل الذين لا يعرفون استعمال السلاح ـ فانه لا طاقة له بمنازلة الرجال من الجنود المحترفين. لذا عندما تحتم عليه أن يواجه الرجال الجنود فانه فرّ كالفأر المذعور الى كهوف الجبال يختبىء فيها. يا للعار..!!
ولأنه لا يشعر بالعار الذى يجلل هامته فقد أرسل من مخبئه يهددنا بالقتل.
وتهديده البائس يذكّرنى بقول جرير:
زعم الفرزدق ان سيقتل مربعا أبشر بطول سلامة يا مربع
لقد قلت فى الرد على البيان البائس السابق الذى هددنا بالقتل الجماعى :
( ليس هذا أول تهديد لى ولأسرتى واخوتى القرآنيين ، ولن يكون الأخير. اعتبره دليل نجاح لنا وبرهانا على خيبتهم وضلالهم وجبنهم وخستهم ودناءتهم. يختبئون فى جحورهم ثم يهددون شجعان الكلمة. لم يستطيعوا الرد على الحجة بالحجة فتخفوا خلف النقاب والحجاب كالنساء وبعثوا بتهديدات ساذجة ..سيظل قلمى موجعا لكم أيتها الجرذان الحقيرة حتى بعد موتى . وموتى قد حدده ربى جل وعلا سلفا قبل مولدى، ولن تستطيع قوة بشرية أن تعجل بموعد موتى أو أن تؤخره.
انا الذى اطالبكم أيها الأوغاد بالتوبة والاعتذار والا فاذا متم على ضلالكم فسيكون مصيركم الى جهنم وبئس المصير. )
هو نفس الكلام أوجهه الآن لابن لادن مع عظيم الاحتقار.