زيارة النقيب وكتالوج المرشد

خالد منتصر في الأحد ٠٨ - يناير - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

ماذا سيبقى لتاريخ وذاكرة الفن؟ أشعار نزار قبانى أم قصائد الشيخ القرضاوى؟!

بالطبع ستبقى أشعار نزار قبانى، رغم أى أحكام أخلاقية تصدرها تيارات الإسلام السياسى عليه وعلى شعره، لأن نزار يقدم شعراً فنياً يحترم الفن، أما الشيخ القرضاوى فيقدم شعراً صحيحاً لغوياً يحترم القافية، والفرق بين الاثنين كبير والبون شاسع، فالأول كالطعام الشهى ذى النكهة السحرية، أما الثانى فهو كالأكل الصحى المسلوق، مقاديره صحيحة لكنه غير شهى وليس له مذاق!

هذا المثال والنموذج كان لابد أن يستقر فى ذهن نقيب الممثلين أشرف عبدالغفور قبل أن يأخذ قراره بزيارة المرشد د. محمد بديع، ويسمع تقييمه للفن بمعيار بعيد تماماً عن معايير الفن، فالفن لا يقاس بالغرض أو الموضوع، فمن الممكن أن يكتب الشيخ فلان قصيدة عظيمة عن المولد النبوى، هى قصيدة تتحدث عن حدث جليل وعظيم، لكنها على المستوى الفنى من الممكن جداً أن تكون رديئة وسطحية، ومن الممكن جداً أن يكتب شاعر، متغزلاً فى معشوقته التى لم يتزوجها بعد، سيعتبرها البعض تشبيباً وفضحاً وتجريساً لتلك المرأة، لكنها على المستوى الفنى قصيدة بديعة فنياً، فالحكم الأخلاقى على الفن هو حكم من خارج ملعب الفن، ولا يصلح للفن، فالإبداع الفنى فيه سر وسحر يستعصى تفسيره على من يقيس الفن بمازورة الأخلاق، فيفشل فى تفـسير لماذا شعر المتنبى، مدعى النبوة، و«أبونواس»، الماجن، صاحب الخمريات، و«أبوالعلاء»، المتشكك، أكثر خلوداً وفناً من شعر حسان بن ثابت، شاعر الرسول، رغم أن «حسان» كتب فى أعظم غرض وأقدس هدف؟

لكنه سر الفن الذى يجعل شعر أحمد فؤاد نجم وسيد حجاب العامى أفضل وأهم وأعظم فنياً من قصائد الشيخ الشعراوى والبابا شنودة الفصيحة مع كامل الاحترام لمحاولاتهما الشعرية، إلا أنها تظل فى النهاية ضعيفة فنياً! على أى أساس صرح النقيب أشرف عبدالغفور بأن مستقبل الفن فى ظل الإخوان رائع ومبهر؟!!،

ألم يقرأ ما أولويات الإخوان فى برلمانى ٢٠٠٠ و٢٠٠٥؟ عندما وقف زعيمهم البرلمانى، صارخاً رافضاً نزول لوحة فنية عالمية شهيرة فى مجلة ثقافية لأنها عارية؟، وقدم النائب حمدى حسن استجواباً حول حفل نانسى عجرم وكيف سمحت به الدولة؟ ووقف نواب الإخوان جميعاً أمام ديوان شعر صدر عن مكتبة الأسرة وثلاث روايات أقاموا الدنيا عليها ولم يقعدوها.. إلى آخر هذه الانتفاضات والغزوات الإخوانية التى لابد أن تطمئن سيادة النقيب المحترم على مستقبل الفن.

ألم يسمع سيادة النقيب عما عشناه عندما كنا طلبة فى كلية الطب ومنع الإخوان، الذين كانوا يسيطرون على اتحاد الطلبة آنذاك، كل أنشطتنا الفنية والمسرحية، وكان على رأس هؤلاء الدكتور عصام العريان والدكتور حلمى الجزار وهما اثنان من كبار قيادات الإخوان الآن؟!، وقصة منعهما فريق المصريين من الغناء فى الكلية، بسبب أن هانى شنودة مسيحى صليبى كافر من وجهة نظرهم، وموسيقاه فاسقة ماجنة ــ هى قصة شهيرة ليته يعرف تفاصيلها!!

ألم يسأل نفسه لماذا لا توجد فى حجرة المرشد التى استقبله فيها أى لوحة فنية شهيرة مستنسخة بها بشر أو أى شىء فيه روح حتى ولو كان المرسوم يرتدى جبة وقفطاناً؟، ولماذا لم يتساءل: لماذا اللوحات التى توجد عند أى مسؤول إخوانجى هى خط عربى فقط؟

الفن يا سيادة النقيب لا يقاس بمازورة المرشد ولا بكتالوج الإخوان، وزيارة الحصول على صك الغفران من الإخوان هى زيارة لا طعم لها ولا لون مثل الفن الذى يريده الإخوان بالضبط.

اجمالي القراءات 9467