طالب الرئيس حسني مبارك بإعادة النظر في سياسة تقديم الدعم لبعض السلع والخدمات بما يؤدي إلى تخفيف العبء عن ميزانية الدولة، وهي دعوة حملتها تصريحات سابقة لنجله جمال أمين "السياسات" بالحزب "الوطني" خلال المؤتمر السنوي التاسع للحزب الذي عقد مؤخرًا عندما أكد ضرورة إعادة النظر في الدعم المقدم لرغيف الخبز والطاقة كمرحلة أولى بهدف تخفيف العبء عن كاهل الحكومة.
يأتي ذلك في وقت دعا فيه الرئيس في كلمته أمام الجلسة المشتركة لمجلسي الشعب والشورى أمس بمناسبة بدء الدورة البرلمانية الجديدة إلى اتخاذ خطوات جديدة لمحاصرة الفقر ومساندة غير القادرين ومحدودي الدخل، وحث الحكومة على دعم جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، وجهاز حماية المستهلك، إعمالاً لضوابط نظام السوق وآلياته.
وأكد أن أمن مصر القومي مسئوليته الأولى بالدفاع عن أرضها وسيادتها واستقلال إرادتها واستقرارها وأمانة مواطنيها، وقال إن مصر وطن حر مستقل ذو سيادة وليس لأحد أيًا كان أن يتدخل في شئونه أو يهدد أمنه واستقراره أو ينال من كرامته، ولم أسمح بذلك أبدًا ولن أسمح به قط.
وأضاف: يخطئ خطأ جسيمًا من لا يعي تمامًا قدر مصر ومكانتها ودورها ومن يتصور أنه قادر على أن يكسر إرادتنا أو يلوي ذراعنا، معتبرًا أن المراهنة على ذلك رهان خاسر، مشددًا على أن الشعب المصري دفع ثمن حريته واستقلاله بدمائه وأرواح أبنائه وأنه ليس مستعدًا بأية حال التفريط في عزته وكرامته.
وأكد الرئيس أن أمن مصر جزء لا يتجزأ من منظومة الأمن العربي ويرتبط بأمن منطقة الخليج والبحر الأحمر والأمن المتوسطي، وهو الأمر الذي كان قد سبق وأن أشار إليه في كلمته أمام مؤتمر الحزب "الوطني".
وأوضح أن قضية العدالة الاجتماعية سوف تستمر في صدر الأولويات كركن أساسي من مسيرة الإصلاح في المرحلة المقبلة،
وأكد الرئيس مبارك أن هناك حاجة ماسة لمراجعة سياسة الدعم لإعادة ترتيبه وفق أدوات جديدة تتيح بديلاً عمليا يخفف العبء عن ميزانية الدولة من خلال حوار مجتمعي داخل البرلمان ويشارك فيه القطاع الخاص والمجتمع المدني للتعامل مع معضلة الدعم من أجل تضييق الفجوة بين الدخول.
وتناول الرئيس مبارك في خطابه العديد من التكليفات للحكومة ومجلسي الشعب والشورى، منها سرعة الانتهاء من مشروع قانون البناء الموحد والتخطيط العمراني، والانتهاء من مشروعات القوانين المكملة للدستور، ومشروع قانون المجلس الأعلى للتنسيق بين الجهات القضائية، ومشروع قانون إلغاء المدعي العام الاشتراكي، ومحكمة القيم ونقل اختصاصاتها إلى جهاز الكسب غير المشروع والنيابة العامة والمحاكم المدنية.
كما دعا الحكومة إلى التقدم لمجلسي الشعب والشورى بمشروع قانون بتعديل قانون الطفل، وطالب منها أيضًا سرعة التقدم للبرلمان بمشروع قانون يمثل إطارا تشريعيا حاكما لكل ما يتعلق بالاستخدامات السلمية للطاقة النووية.
وطالب الرئيس مبارك الحكومة أيضًا بالتقدم بمشروع قانون لمكافحة الإرهاب يحقق التوازن الدقيق بين حقوق المواطنين وحرياتهم وأمن الوطن وسلامته واستقراره بديلا تشريعيا للتوقي من مخاطر الإرهاب وتهديداته دون الحاجة لاستمرار مكافحته بقانون الطوارئ.
وأوضح في خطابه أن العدالة الاجتماعية ليست مجرد عدالة توزيع ثمار الإصلاح والتنمية وإنما تتجاوز ذلك لعدالة حصول المواطنين على فرص العمل والخدمات من العدالة في توزيع مشروعات الاستثمار بين محافظات الجمهورية.
وقال إن العدالة هي الوصول بفرص العمل لمواطني الصعيد وسيناء والوصول لكل مواطن بخدمات الصحة والتعليم والإسكان والمرافق والمواصلات وغيرها، وإن العدالة الاجتماعية تعني الوصول في وقت أسرع للمناطق المحرومة والأكثر احتياجا للوحدات الصحية والمدارس وشبكات المياه والصرف الصحي.
وطالب الرئيس في خطابه الحكومة بتوسيع شبكة الضمان الاجتماعي لتشمل مليون أسرة بنهاية هذا العام، كما طالبها بمضاعفة هذا العدد من الأسر المصرية في غضون ثلاث سنوات، وقال: نحن الآن في وضع أفضل ويمكننا أن نرفع سقف طموحنا للأسر الأكثر احتياجا والأولى بالرعاية.
على الصعيد الخارجي، أكد الرئيس مبارك أن أمن مصر القومي يتأثر بالأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، معربًا عن أمله في أن يكلل اجتماع السلام المقبل بالنجاح وأن يعيد إطلاق مفاوضات سلام جادة في إطار زمني محدد تحقق أمل الشعبين الفلسطيني والإسرائيلي وشعوب المنطقة في سلام عادل ودائم.
كما أعرب عن أمله في حدوث وفاق بين اللبنانيين حول تحدي الاستحقاق الرئاسي الراهن، "بعيدا عن أي تدخل خارجي" بما يحقق وحدة لبنان وشعبه ويقيهم منزلقات خطرة قال إنه حذر منها ولا يزال.
وأبدى الرئيس تطلعه لتحقيق لمصالحة وطنية بالسودان بما يؤدي إلى توحيد صفوف أبنائه والمضي في تنفيذ اتفاق السلام الشامل مع الجنوبيين، وتحقق السلام في دارفور بما يقطع الطريق على من لا يريد خيرا للسودان وشعبه.
وأكد أنه يتطلع لمصالحة وطنية مماثلة بين أبناء العراق تضع نهاية لنزيف الدماء تحفظ لهذا البلد وحدته وهويته واستقلاله وسيادته، وكذا أبدى تطلعه لاحتواء مواجهة متصاعدة بين إيران والغرب "تنجرف بمنطقة الخليج والشرق الأوسط لحافة الهاوية وتحمل نذر شرور عديدة لنا ولمنطقتنا وللعالم".