بين مصر والسعودية تاريخ طويل قد لا يعرفه الكثيرين، وعلى الأجيال المتعاقبة أن تعلمه، فللعلاقة رواسب قد لا يعرفها شعوب كلا الطرفين، فالسعودية في يوم ما كانت تحت حكم مصر قديماً، بسبب صراعات الدولة العثمانية مع بريطانيا.
سأكون موضوعياً في العرض، لأقصى درجة ممكنة، ولنبدا أولاً بمعرفة جذور عائلة آل سعود :
شجرة العائلة لعبد العزيز آل سعود
عبد العزيز آل سعود هو إبن فيصل بن تركي بن عبدالله بن محمد بن سعود الاول بن محمد، و يذكر التاريخ أن آخر أجاد العائلة هو مانع بن ربيعة المريدي عام 1447 م
و ينقسم التاريخ السعودي إلى ثلاثة دول سنقوم بعرضها بداية بالدولة الثالثة و هي الحاكمة الآن، إلى أن ننتهي بالدولة السعودية الأولى و هي الدولة الأقدم :
الدولة السعودية الثالثة
آخر الملوك عبد الله آل سعود حكم عام 2005 و حتى الآن سبقه في الحكم اخيه الأكبر فهد آل سعود حكم عام 1982 حتى عام 2005، سبقه في الحكم اخيه خالد آل سعود حكم عام 1975 حتى عام 1982، سبقه في الحكم فيصل آل سعود حكم عام 1964 حتى عام 1975، سبقه سعود آل سعود حكم عام 1953 حتى عام 1964، سبقه و الده عبد العزيز آل سعود حكم عام 1902 حتى 1953م.
الدولة السعودية الثانية
تأسست عام 1824 و حكمها من ملوك آل سعود كل من : تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود 1819 : 1820، ثم حكم هذا الملك لفترة ثانية 1824 : 1834، ثم مشاري بن عبد الرحمن 1834 : 1834، ثم فيصل بن تركي 1834: 1838، ثم خالد بن سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود 1838 : 1841، و تذكروا هذا الملك جيداً لأننا سنقف أمامه فيما بعد إذ أنه قد تولى الملك بتكليف مصري ! ثم عبدالله بن ثنيان بن إبراهيم بن ثنيان آل سعود 1841 : 1843، ثم فيصل بن تركي 1843 : 1865، ثم عبد الله بن فيصل بن تركي 1865 : 1871، ثم سعود بن فيصل 1871 : 1871، ثم عبدالله بن فيصل بن تركي 1871 : 1873، ثم سعود بن فيصل بن تركي 1873 : 1875، ثم عبد الرحمن بن فيصل 1875 : 1876، ثم عبد الله بن فيصل بن تركي 1876 : 1889، ثم عبد الرحمن بن فيصل 1889 : 1891، و سقطت الدولة السعودية الثانية عام 1891 م على يد آل رشيد.
الدولة السعودية الأولى
قامت عام 1744 و كانت عاصمتها مدينة الدرعية و هي مدينة في وسط الجزيرة العربية بمنطقة نجد، و حكم هذه الدولة أربعة ملوك و هم / محمد بن سعود 1744 : 1765، ثم عبد العزيز بن محمد بن سعود 1765 : 1803، ثم سعود بن عبد العزيز بن محمد 1803 : 1814، ثم عبد الله بن سعود 1814 : 1818، ثم سقطت الدولة السعودية الأولى عام 1818 م على يد إبراهيم باشا إبن محمد علي والي مصر.
محمد بن عبد الوهاب و علاقته بعائلة آل سعود
محمد بن عبد الوهاب هو شخص حفظ القرآن و تلقى علمه الشرعي من مكة و المدينة المنورة، و وجد أن ما يقوم به المسلمون في مكة و المدينة من زيارة القبور و التبارك بها أنها أمور بها شرك بالله طبقاً لعقيدة السلف الصالح التي يتبعها ! ثم سافر إلى البصرة بالعراق و حاول نشر أفكاره التي تدعوا إلى الامر بالمعروف و النهي عن المنكر بإستخدام الإجبار و القوة و أيضاً هدم القبور الخاصة بالصحابة و الأولياء، إلا أنه عانى في العراق وهوجم بشدة، فترك العراق و ذهب إلى الإحساء فيما بعد، و كان في كل مكان يذهب إليه يعاني من الإضطهاد بسبب أفكاره التي تكفر كل من يخرج عليها، حتى نصحه البعض بالذهاب إلى إمارة الدرعية والتي كان أميرها محمد بن سعود منذ عام 1744 م و إقتنع أمير الدرعية بأفكار محمد بن عبد الوهاب، و عقد معه تحالف عرف بميثاق الدرعية عام 1745 م، وأعلن نشأة الدولة السعودية الأولى على أن يكون الحكم لعائلة آل سعود بدستور قائم على الدعوة الإصلاحية لمحمد بن عبد الوهاب وهي دعوة قامت على عدة أمور منها أولاً/ مبايعة عائلة آل سعود بالحكم، وعدم الخروج عليها. ثانياً/ أن يكون المذهب الوهابي، المعمول به في الدولة السعودية. ثالثاً/ العمل بجماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولو بإستخدام القوة، مثل إجبار الرجال على الصلاة، و فرض النقاب على المرأة.
رواسب العلاقة المصرية مع آل سعود
عندما إتسعت الدولة السعودية الأولى، و إنتشرت في نجد بدستورها الجديد و هو الدعوة الإصلاحية و المعروفة بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، أو الدعوة الوهابية، فرضت سيطرتها على العديد من المناطق بداية بتوسعاتها في منطقة نجد و التي تقع وسط شبه الجزيرة العربية، ثم إنتقلت إلى الرياض و الدرعية و العينية و الضرماء، ثم إقليم الوشم، ثم إقليم القصيم مدن بريدة و عنيزة، و نهاية بحائل و الإحساء، و نستطيع القول أن الدولة السعودية الأولى إستحوذت على وسط شبه الجزيرة العربية و أيضاً المنطقة الشرقية، و لكنها لم تعرف الإستقرار نظراً لكثرة الحروب و رفض الدعوة الوهابية، كما أن فتوحات تلك الدولة كانت تعادي الجاليات العثمانية إذ أن أغلب تلك المساحات كانت تحت الحكم العثماني.
طالب السلطان العثماني وقتها من محمد علي والي مصر، أن يرسل قواته حتى يخمد تلك الدولة صاحبة الدعوة الوهابية، و التي هي ليست من الإسلام في شئ لشذوذ أفكارها العنيفة و التي لا تتفق مع سماحة الإسلام، فأرسل محمد علي والي مصر، جيشاً عام 1811، إلا أنه لم يحقق المراد حتى أرسل محمد علي جيشاً بقيادة إبراهيم باشا و هو إبن محمد علي الأكبر، و حدثت معارك بين إبراهيم باشا و بين الدولة السعودية الأولى إستمرت ثلاث سنوات من عام 1818 حتى عام 1819، و قد سقت الدولة السعودية الاولى عام 1818 و أعلن سقوطها النهائي عام 1819، و كانت أكثر المعارك شراسة في منطقة نجد و بخاصة القصيم، لذلك نجد أن أكثر المناطق كرهاً للمصريين هم سكان و أهالي القصيم ! و بعد سقوط تلك الدولة عين إبراهيم باشا والياً على مكة و ترك منطقة نجد مرة أخرى و لكنها كانت تحت السيطرة المصرية.
بسبب عدم إكتراث الباب العالي العثماني فيما بعد سقوط الدولة السعودية الأولى بمنطقة الخليج، عاد السعوديون لفرض سيطرتهم مرة أخرى و لكن على مساحات قليلة جداً من الأراضي كان مركزها الدرعية كما أن محمد علي أيضاً لم يهتم بعد أن حقق له إبراهيم باشا إنتصارات قضت على الدولة السعودية الأولى ! و بعد إلقاءه القبض على ملكهم عبد الله آل سعود و العديد من الأمراء السعودين و اللذين تم ترحيلهم جميعاً إلى إسطنبول في تركيا حيث صدرت عليهم أحكام بالإعدام و بالفعل قطعت رؤسهم، إلا ما تبقى من أمراء آل سعود، و اللذين قاموا مرة أخرى بتأسيس الدولة السعودية الثانية عام 1824 كما ذكرنا في مساحات ضيقة جداً ليست كالمساحات الشاسعة التي كانت تحت سيطرة الدولة السعودية الأولى و كان أول من أسس للدولة الثانية تركي بن عبد الله، و الذي جعل عاصمتها الدرعية، و إستمرت الدولة السعودية الثانية و لكنها كانت أليفة إذ أن مصر كانت عندما تغضب على أي من ملوكها فإنها كانت تعزله بقرار و تعيين من يترائى لها من عائلة آل سعود ملكاً ! مثلما قامت من قبل من عزل الملك فيصل بن تركي و تعيين خالد بن سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود ملكاً في الفترة من 1838 حتى 1841، و لكن ما لبثت الدولة السعودية الثانية إلا أن سقطت عام 1891، على يد آل رشيد و هي إمارة كانت قد تأسست عام 1834، بدعم من السلطان العثماني في نجد بمدينة حائل و أستطاع أمراؤها عبد الله العلي الرشيد و أخيه عبيد العلي الرشيد هزيمة آل سعود و تم طردهم إلى الكويت عام 1891، و إستطاعت دولة آل رشيد فرض نفوذها على كامل منطقة نجد من الفترة 1859 حتى 1892.
في عام 1902 عاد عبد العزيز آل سعود و هو مؤسس الدولة السعودية الثالثة من الكويت التي نشأ فيها، إلى الرياض مع بعض من أقرانه، و إستطاع الإستيلاء على الرياض و إستمر في بسط نفوذه على الرياض، و ما بين عامي 1910 و 1912، تمكن من فرض سيطرته على القصيم ثم الإحساء عام 1913، حتى قامت الحرب العالمية الأولى و فيها عقد عبد العزيز آل سعود معاهدة مع الإنجليز تلتزم فيها إنجلترا بحماية عبد العزيز آل سعود من أي هجمات عثمانية محتملة، على أن يكون عبد العزيز آل سعود مع الحلفاء، و هنا وافق فوراً عبد العزيز آل سعود حتى يوطد حكمه، و يقوم فيما بعد بتوسيع دائرة نفوذه على أراضي شبه الجزيرة العربية، تحت حماية الإنجليز و بدعم منهم، و في عام 1916 قام الشريف حسين بثورة على الدولة العثمانية و هي ما تعرف بالثورة العربية الكبرى، و أعلن نفسه بعدها والياً على الحجاز و إستعان في ثورته تلك بضابط المخابرات الإنجليزي توماس إدوارد لورانس، و الذي عرف فيما بعد بلورانس العرب، و في هذه الأثناء كان عبد العزيز آل سعود مستمراً في توسيع دائرة نفوذه حتى قضى على دولة آل رشيد عام 1921، و بدأ طموحه يتجه إلى فرض سيطرته على عسير و إستطاع ضم عسير عام 1923، و سقطت الحجاز تحت يديه عام 1932، و في 19 سبتمبر 1932، أعلن عبد العزيز آل سعود تأسيس المملكة العربية السعودية !
و ساعد عبد العزيز آل سعود في إنتصاراته على آل رشيد و الشريف الحسين، مساندة آل رشيد للدولة العثمانية لكونها دولة إسلامية، مما أثار حفيظة الإنجليز فبدأوا في دعم عبد العزيز آل سعود لقتال آل رشيد، مما تسبب فيما بعد لإثارة خوف الشريف الحسين علماً بأنه هو الآخر كان من حلفاء إنجلترا، إلا أنه خاف من إزدياد نفوذ عبد العزيز آل سعود، فقام بدعم آل رشيد ضده آل سعود، و بعد أن قضى عبد العزيز آل سعود على آل رشيد بمعاونة الإنجليز سانده الإنجليز فيما بعد حتى إستولى على الحجاز و التي كانت تحت حكم الشريف حسين ! في منتصف الثلاثينات بدأ الأمريكان في إكتشاف النفط في السعودية، و لكن العمل في إستخراج الثروة النفطية لم يبدأ إلا في الأربعينات من القرن العشرين، و من خلال الثروة النفطية بدأت التحالفات السعودية الأمريكية و التي إستعاضت عنها السعودية فيما بعد بالحماية البريطانية، و تعهدت أمريكا فيما بعد بحماية العائلة المالكة حتى وقتنا الحالي.
مما سبق يتضح الآتي :
- أن أساس قيام الدولة السعودية الحديثة كان بناء على تحالفات مع الإنجليز، نتيجة الصراع بين الدولة العثمانية وبريطانيا.
- وجود تحالف وتلاقي مصالح بين الوهابيين وعائلة آل سعود.
و على الله قصد السبيل
شادي طلعت