سورة الفجر
سميت بهذا لذكر الفجر بقوله "والفجر وليال عشر".
"بسم الله الرحمن الرحيم والفجر وليال عشر والشفع والوتر والليل إذا يسر هل فى ذلك قسم لذى حجر "المعنى بحكم الرب النافع المفيد والنهار وليال عشر والنصر والقصاص والليل إذا يتحرك هل فى ذلك حلف لصاحب عقل ،يقسم الله بالفجر وهو الصبح أى النهار والليالى العشر وهى الليالى التى تم بها ميقات موسى (ص)أربعين ليلة مصداق لقوله بسورة الأعراف"وواعدنا موسى ثلاثين ليلة وأتممناها بعشر"والشفع وهو النصر الواجب على الله للمسلم والمسلم لله والوتر وهو القصاص أى الثأر العادل من المعتدين والليل إذا يسر والمراد والليل حين يغشى أى يتحرك لإزالة النهار مصداق لقوله بسورة الليل "والليل إذا يغشى"وهو يقسم على أن اسم الله الرحمن الرحيم أى أن حكم الرب النافع المفيد هو أن ما سبق القسم به هو قسم لذى حجر أى حلف يعرفه صاحب العقل والخطاب للعاقل .
"ألم تر كيف فعل ربك بعاد إرم ذات العماد التى لم يخلق مثلها فى البلاد وثمود الذين جابوا الصخر بالواد وفرعون ذى الأوتاد الذين طغوا فى البلاد فأكثروا فيها الفساد فصب عليهم ربك سوط عذاب إن ربك لبالمرصاد"المعنى ألم تعلم كيف صنع إلهك بعاد إرم صاحبة الأعمدة التى لم يصنع شبهها فى الأرض وثمود الذين أحضروا الحجر بالوادى وفرعون صاحب الصروح الذين ظلموا فى البلاد فزادوا فيها الظلم فأرسل عليهم إلهك بعض عقاب إن إلهك لهو المجازى ،يسأل الله رسوله(ص)ألم تر كيف فعل ربك والمراد ألم تدرى كيف صنع إلهك بعاد إرم ذات العماد والمراد بعاد البناءة صاحبة الأعمدة وهم كانوا يكثرون من بناء المصانع والقلاع مصداق لقوله بسورة الشعراء"أتبنون بكل ريع آية تعبثون وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون"، التى لم يخلق مثلها فى البلاد أى التى لم يجعل شبهها فى الأرض وهذا يعنى أن عاد كانت أجسامهم ذات بسطة أى قوة مصداق لقول هود بسورة الأعراف"وزادكم فى الخلق بسطة"وثمود الذين جابوا الصخر بالواد والمراد وثمود الذين أحضروا الحجر من الجبل إلى السهل وفرعون ذى الأوتاد والمراد وفرعون صاحب الصروح وهى المبانى الكبيرة مثل السلم الذى بناه هامان له ليطلع لإله موسى (ص)كما زعم مصداق لقوله بسورة القصص"فاجعل لى صرحا "وهم الذين طغوا فى البلاد أى أفسدوا فى الأرض والمراد حكموها بغير حكم الله فكانت النتيجة أن أكثروا فيها الفساد والمراد أنهم أشاعوا فى البلاد الكفر ؟والغرض من السؤال هو إخباره أن الله صب عليهم سوط عذاب والمراد أرسل لهم بعض عذابه وهذا هو فعله بهم لأنه هو المرصاد أى المعاقب لهم والخطاب للنبى(ص).
"فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربى أكرمن وأما إذا ما ابتلاه ربه فقدر عليه رزقه فيقول ربى أهانن كلا بل لا تكرمون اليتيم ولا تحاضون على طعام المسكين وتأكلون التراث أكلا لما وتحبون المال حبا جما "المعنى فأما الكافر إذا ما اختبره إلهه فأعطاه أى وهبه فيقول إلهى عظمنى وأما إذا اختبره إلهه فقلل له عطائه فيقول إلهى أذلنى ،حقا بل لا تعطون فاقد أبيه ولا تأمرون بتأكيل المحتاج وتأخذون المال أخذا تاما وتودون المال ودا شديدا ،يبين الله لنبيه (ص)أن الإنسان وهو الكافر إذا ابتلاه ربه والمراد إذا اختبره خالقه فأكرمه وفسر هذا بقوله نعمه أى أكثر رزقه فيقول ربى أكرمن أى خالقى عظمنى وهذا يعنى أنه يشكر الله إذا أعطاه الله ،وإذا ابتلاه ربه فقدر عليه رزقه والمراد وإذا امتحنه خالقه فقلل له عطائه فيقول ربى أهانن والمراد خالقى أذلنى وهذا يعنى أنه لا يشكر إذا منعه العطاء الوفير،ويبين للناس أن كلا وهو الحقيقة أنهم لا يكرمون اليتيم والمراد لا يحسنون معاملة فاقد الأب ولا يحاضون على طعام المسكين والمراد ولا يعملون على تأكيل المحتاج ما يشبعه،وتأكلون التراث أكلا لما والمراد وتجمعون المال جمعا شديدا وفسر هذا بأنهم يحبون المال حبا جما والمراد ويشتهون المال اشتهاء عظيما والخطاب للنبى(ص)حتى أهانن وما بعده للناس.
"كلا إذا دكت الأرض دكا دكا وجاء ربك والملك صفا صفا وجاىء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى يقول يا ليتنى قدمت لحياتى فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد"المعنى حقا إذا هزت الأرض هزا هزا وأتى أمر إلهك والملائكة طابورا طابورا وأتى يومئذ بالنار يومئذ يؤمن الكافر وكيف له الإيمان يقول يا ليتنى أحسنت فى حياتى فيومذاك لا يعاقب عقابه أحد أى لا يسجن سجنه أحد ،يبين الله لنبيه (ص)أن كلا وهى الحقيقة أن الأرض إذا دكت دكا دكا والمراد"إذا رجت الأرض رجا "كما قال بسورة الواقعة وهذا يعنى أنها زلزلت زلزالا كبيرا وجاء ربك والملك صفا صفا والمراد وأتى أمر الله فقام روح الله وهو جبريل(ص)والملائكة طابورا طابورا مصداق لقوله بسورة النبأ"يوم يقوم الروح والملائكة صفا"وجاىء يومئذ بجهنم والمراد وأبرزت يومذاك الجحيم مصداق لقوله بسورة النازعات"وبرزت الجحيم لمن يرى"ويومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى والمراد يومذاك يؤمن الكافر وكيف له الإيمان وهذا يعنى أن إيمانه لا ينفعه يوم القيامة وهو يقول يا ليتنى قدمت لحياتى والمراد يا ليتنى عملت الخير لمنفعتى الآن وفى هذا اليوم لا يعذب عذابه أحد وفسر هذا بأنه لا يوثق وثاقه أحد والمراد لا يعاقب عقابه أحد أى لا يسجن سجنه أحد .
"يا أيتها النفس المطمئنة ارجعى إلى ربك راضية مرضية فادخلى فى عبادى وادخلى جنتى "المعنى يا أيتها النفس الآمنة عودى إلى إلهك قابلة مقبولة فاسكنى مع عبيدى أى اسكنى حديقتى ،يبين الله لنبيه (ص)أن النفس المطمئنة أى المسلمة يقال لها يوم القيامة :يا أيتها النفس المطمئنة أى الآمنة من العذاب :ارجعى إلى ربك راضية مرضية أى عودى إلى ثواب إلهك قابلة مقبولة من الله أى ادخلى فى عبادى أى اسكنى مع عبيدى أى ادخلى جنتى أى اسكنى حديقتى والخطاب وما قبله للنبى(ص).