أولا
1 ـ مضمون هذا البيان الاستنكارى تكرر من قبل عن المركز العالمى للقرآن الكريم ، سبقه بيانات شجب واستنكار فى عهد مبارك ، ونكرر الآن نفس الشجب والاستنكار فى عهد جنرالات مبارك. وفى كل البيانات نؤكد على أساس المشكلة وهى الاستبداد العسكرى والتطرف السلفى . وتتراكم الأزمة ثم تدخل منحنى خطرا بدخول جيش الجنرالات طرفا ضد الأقباط ، بما يدفع مصر سريعا الى الدخول فى أتون حرب أهلية لا تبقى ولا تذر . فالسلاح موجود ومتوافر والنفوس مشحونة بالغضب والقهر ، والشعارات الدينية جاهزة لدى الفريقين بالقتال والاستشهاد ، والفلول يتوقون لحرق لمصر انتقاما لما حدث لهم.
2 ـ بدأ تهميش الأقباط من عهد عبد الناصر ، ثم أصبح ملمحا من ملامح التدين من أربعين عاما حين أتاح السادات ثم مبارك للسلفية السيطرة على الحياة الدينية للمسلمين المصريين ، وبدأت التعديات على الأقباط بأحداث الخانكة مع بداية عهد السادات ، ثم أصبحت أحد العادات السيئة لسياسة مبارك فى تقسيم المصريين دينيا ليستمر متحكما فى السلطة وفى الثروة . قابل الأقباط هذا الاضطهاد بالتعصب ضد الاسلام كدين ، وأتيح لهم عبر القنوات الفضائية الهجوم الشرس على الاسلام مما زاد التطرف السلفى ضدهم ، وبتوالى الشحن والشحن المضاد تحول المصريون الى معسكرين متعاديين . ثم توحد المصريون فى 25 يناير فنجحت ثورتهم ، ثم اختطفها السلفيون وتلاعب بها فلول الوطنى وجنرالات مبارك ، وكان أخطر سلاح لديهم هو الهجوم على الأقباط أو كنائسهم. ومع اقتراب الانتخابات والمطالبة بعودة الجيش الى ثكناته و تحجيم فلول مبارك ارتفعت تحديات الفلول باغراق مصر فى الفوضى و فى فصل الصعيد عن مصر ، وواضح اللعب على الوتر الطائفى حيث يتركز معظم الأقباط فى الصعيد ، وحيث تتحكم فى الصعيد العصبيات و العصابات ويمكنهم فى أى وقت قتل الأقباط وحرق كنائسهم .
3 ـ لو كان جنرالات مبارك يريدون وأد الفتنة لأصدروا قوانين تتيح إنشاء دور العبادة على قاعدة المساواة وبلا أدنى تعقيد ، فلن يضر مصر ولن يضر الاسلام إنشاء مليون كنيسة فى ربوع مصر ،بل إن إنشاء الكنائس كما أفتى الامام الليث بن سعد هى من أسس العمران ، وتخيل لو جاء 10 بليون دولار دعما غربيا لانشاء كنائس مصرية فإن أكثر المستفيدين من هذا المال هم المسلمون، ولو جاء تمويل سلفى مضاد بانشاء آلاف المساجد فالمستفيد هم المصريون ـ وفى الحالتين لن تمتلىء الكنائس والمساجد بالرواد ـ وسيضطر القائمون عليها الى استغلالها فى أعمال خيرية تنفع الناس .
لا ضير فى انشاء الكنائس والمساجد لو أبيح إنشاؤها وفق الاجراءات المتبعة فى انشاء المساكن ، ولكن مع صدور قوانين تجرّم وتحرّم استغلال دور العبادة فى السياسة وفى الدعوة للعنف ، ومع التأكيد على أن تكرس المساجد والكنائس على الدعوة للفضائل والقيم العليا من الحرية والعدل وحقوق الانسان والسلام على أساس أنها جوهر الدين الحق والمتفق عليه بين البشر.
4 ـ ولكن لأن جنرالات مبارك عاشوا أربعين عاما تحت سيطرة الثقافة السلفية الوهابية ورضعوها مع الشعب المصرى فإن بناء كنيسة يعد كبيرة من الكبائر كما هو الشأن فى التصور السعودى .
5 ـ الأفظع من هذا هى عقلية الجندى المسلم والضابط المسلم فى الجيش المصرى الذى يوكل اليهما التعامل مع الأقباط فى انتفاضاتهم . من السهل ان يستبيحوا قتل الأقباط طبقا للشحن السلفى الذى عاشوا عليه . المفجع هنا أن العقيدة القتالية للجيش المصرى الذى تجعل الجندى المصرى و الضابط المصرى يدافع عن المواطن المصرى ويحميه ستتحول الى عقلية سلفية تجعل الجهاد يعنى قتل الأقباط والمساعدة فى تخريب مؤسساتهم الدينية . وبالتالى فإن الأقباط فى الجيش المصرى من ضباط وجنود سيتمردون وستندلع الحرب الأهلية داخل الجيش نفسه ، وسيتم نهب مخازن السلاح لتتحول الى جموع الفريقين .
وكما هى العادة فى الحروب الأهلية و( الفتن الكبرى )سيكون القادة ( جنرالات مبارك والفلول والشيوخ والقسس ) فى مقدمة الضحايا .
6 ـ مللنا من تكرار النصح بالاصلاح الدينى والسياسى والاجتماعى والاقتصادى ، فالاستبداد السياسى يعانق الاستبداد الدينى لدى المسلمين والأقباط . مللنا لأن نفس الشيوخ هم هم ونفس القساوسة هم هم ونفس العسكر هم هم . هو نفس الغباء ، هو نفس العناد ، هى نفس المقدمات التى تتدافع نحو الحرب الأهلية .
أخيرا
بعد نفاذ ما لدينا من احتياطات الشجب والاستنكار والنصح والوعظ لم يبق لنا إلا الدعاء لله العلى القدير أن ينقذ المصريين من أنفسهم حتى لا تتكرر مأساة العراق .!!