أزهريون وقساوسة يردون على انتقاد «مبارك» للخطاب الديني الإسلامي والمسيحي

في الجمعة ٢٩ - يناير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

ردود فعل واسعة أثارها خطاب الرئيس «مبارك» في عيد الشرطة الذي أكد فيه غياب الخطاب الديني المستنير للأزهر والكنيسة، ففي الوقت الذي أيدت فيه قيادات دينية إسلامية ومسيحية ما جاء في الخطاب مؤكدة أن الخطاب الديني بالفعل يحتاج إلي إعادة نظر، رأت مصادر أخري أن الأمور تسير علي ما يرام وأنها فقط في حاجة إلي بعض التطوير والتحديث بحيث تتماشي مع مستجدات العصر.

و«الدستور» استطلعت آراء رجال الدين المسلمين والمسيحيين بشأن ما ورد في الخطاب؛ حيث ذهب أغلبهم إلي أن الخطاب الديني في انحدار مستمر، مطالبين بالبحث عن وسائل ناجحة لإعادة قيم التسامح وقبول الآخر إلي الخطاب الديني، وطالب علماء الأزهر باستقلال المؤسسة الدينية الإسلامية عن الدولة بشكل كامل وبالعودة إلي اختيار شيخ الأزهر بالانتخاب بين كبار العلماء وكذلك بأن تكون للأزهر ميزانية مستقلة حتي يخرج من عباءة الدولة تماماً كما هو الحال مع الكنيسة. في الوقت نفسه، أقر رجال الدين المسيحي بوجود مشكلة في الخطاب الديني منادين بسرعة حلها قبل الوصول إلي نقطة اللاعودة.

 

أزهريون: استقلال مؤسسة الأزهر الضمانة الوحيدة لتقديم خطاب ديني مستنير


أثارت الانتقادات التي وجهها الرئيس مبارك في خطابه في عيد الشرطة للأزهر وتأكيده أن الخطاب الديني للأزهر والكنيسة يتحملان المسئولية عن الأحداث الطائفية ردود فعل متباينة بين علماء الأزهر والمؤسسة الدينية الإسلامية الرسمية.

فقد أكد الشيخ شوقي عبد اللطيف - وكيل أول وزارة الأوقاف- أن توجيهات الرئيس مبارك في موضعها وأصابت كبد الحقيقة، مشدداً علي أن وزارة الأوقاف تتفاعل مع هذه التوجيهات وتعمل علي تنفيذها رغم أن المؤسسة الدعوية تعمل علي أداء دورها والارتقاء به بصفة مستمرة إلا أننا في حاجة لتطوير وتحديث أدائنا.

وقال وكيل أول وزارة الأوقاف إن الوزارة قررت استجابة لتوجيهات الرئيس وتعليمات الوزير حمدي زقزوق البدء في تسيير قوافل دعوية تجوب المحافظات لأن النزول علي أرض الواقع شيء مهم، مشيراً إلي أن الكمال البشري مستحيل واعترف بأن الخطباء يتحملون جزءاً من المسئولية عن النقد الموجه للخطاب الديني، لكن الدعاة والخطباء التابعين للأزهر والأوقاف بدأوا خطة تحرك مكثفة لتوعية الناس بالدين الصحيح وتحذيرهم من التعصب والتطرف.

وأكد أيضاً أن وزارة الأوقاف بدأت في إصدار عدة كتب عن السلفية المعتدلة لمواجهة مدعي السلفية لاسيما أن السلفية الحقيقية تعني فهم الآخر وتقبله. ورداً علي الاتهام الموجه لوزارة الأوقاف وخطبائها بتدخل الأمن في الاختيار والتعيين قال وكيل أول وزارة الأوقاف إن الأمن لا يتدخل في تعيين الخطباء والعبرة في اختيار وتعيين الخطيب بمدي القدرة علي توصيل الرسالة إلي الناس بصورة صحيحة وأن تكون الصحيفة الأمنية لمن يتولي الخطابة لا يشوبها شائبة حتي لا نفاجأ بأن من يعتلي المنبر من ذوي السوابق أو البلطجية.

أما الدكتور محمد عبد المنعم البري - رئيس جبهة علماء الأزهر والأستاذ في جامعة الأزهر- فنفي وجود خطاب إسلامي متعصب مشيراً إلي أنه حضر حفلات إفطار رمضانية مع بابا الفاتيكان.

وقال البري إن النظام والحكام هم الذين يتحملون مسئولية ضعف الأزهر وتراجع دوره لأنهم يقومون باختيار شيوخ الأزهر في حين أنه عندما كانت هيئة كبار العلماء هي التي تقوم بانتخاب الشيخ كان الأزهر يقوم بدوره علي أكمل وجه.

وأوضح أن النظام الحاكم يتحمل مسئولية ضعف الأزهر وتراجع دوره نتيجة قيامه باختيار وتعيين أهل الثقة والموالين بدلاً من أهل الخبرة ومطالباًبوضع الأزهر في الوضع اللائق به واختيار قيادات الأزهر من العلماء والقادرين علي تحمل المسئولية.

وأكد البري أن المناهج الحالية بالأزهر تحتاج لإعادة نظر وطالب بإعادة تدريس المذاهب الأربعة التي تم حذفها من علي طلاب المعاهد الأزهرية، خاصة أن حذف وتقليص المناهج الأزهرية ، أدي إلي ضعف مستوي خريجي الأزهر فأصبح الأزهريون غير مؤهلين لتحمل المسئولية والأمانة.

بينما اتفق الشيخ جمال قطب - رئيس لجنة الفتوي السابق بالأزهر الشريف- مع مطلب الدكتور محمد عبد المنعم البري علي ضرورة أن يتم اختيار شيخ الأزهر بالانتخاب من هيئة كبار العلماء بدلاً من قيام الحكومة بتعيينه من بين الأشخاص الموالين لها.

وقال قطب إن الدولة مطالبة بإعادة أشلاء المؤسسة الدينية التي قطعت منها إلي مكانها الطبيعي كإدارات تابعة للأزهر مثل وزارة الأوقاف ودار الإفتاء خاصة أنه ثبت تاريخياً أن قوة المؤسسة الأم واجتماعها يحقق نتائج باهرة ويعيد هيبة المؤسسة الدينية في نفوس الناس.

كما أكد ضرورة أن تتمتع مؤسسة الأزهر بالاستقلال التام أسوة بالكنيسة وهو الأمر الذي من شأنه أن يحقق للأزهر دوره ومكانته وسينعكس ذلك علي استقرار الوطن كما سينعكس ذلك علي الأزهريين الذين سيقدمون خطاباً دينياً رشيداً يتفق مع صحيح الدين من ناحية ويتوافق مع مستجدات العصر من ناحية أخري كما يقوي مكانة الدولة ويزيدها احتراماً في نفوس الشعب.


قساوسة: قيادات كنسية تتعمد تنمية الشعور بالاضطهاد على النفس لدى الأقباط

تعقيباً علي ما ورد في خطاب الرئيس بشأن غياب الخطاب الديني المستنير عن الأزهر والكنيسة، قال القمص «صليب متي ساويرس» ـ عضو المجلس الملي وكاهن كنيسة الجيوشي ـ إن منابر الكنيسة لا تقدم إلا التعاليم السمحة للإنجيل فقط، وحتي الجوانب الاجتماعية التي لها علاقة بالكنيسة أو الخدمة يتم مناقشتها بعيداً عن منابر الكنيسة، فالأخيرة لها من القداسة ما يجعل من يعتليها يمتلك جانباً كبيراً من الروحانيات منبثقة من تعاليم الإنجيل، الذي يقول لنا «حبوا أعداءكم»، فما بالك بالأصدقاء وشركاء الوطن من المسلمين، كما أن الإنجيل يقول أيضاً «أطعموا أعداءكم ولا تقاوموا الشر بالشر»، وشدد «ساويرس» علي أن خطاب الكنيسة يدعم المواطنة واحترام الآخر، وعدم التعرض لمعتقداته.

وعلي النقيض أيد القس «رفعت فكري» ـ راعي الكنيسة الإنجيلية بأرض شريف بشبرا ـ كلام الرئيس، مضيفاً أن الخطاب الديني الحالي ـ من الكنيسة والأزهر ـ في معظمه يروج للخرافة، فضلاً عن بعده عن المنهج العلمي المستنير، حيث يركن إلي روايات تاريخية لا تواكب مستجدات العصر، مما يجعله يرسخ ثقافة الكراهية للآخر والتعصب الأعمي لصالح أيدلوجيات بعينها.

بدوره أكد الأب «رفيق جريش» ـ المتحدث الرسمي للكنيسة الكاثوليكية ـ أن الخطاب المسيحي بالفعل يحتاج إلي إعادة صياغة لمفرداته بخصوص الآخر، خلافاً لتفشي الجهل ورفض الآخر لدي بعض رجال الدين، والحل في وجهة نظره يحتاج لجهد طويل من التقارب بين أصحاب الديانات المختلفة، عن طريق تربية النشء علي احترام الآخر وتنقيح المناهج الدراسية،

ويقول الدكتور القس «أكرام لمعي» ـ المتحدث باسم الكنيسة الإنجيلية ـ إن الجميع يريد خطاباً دينياً مستنيراً سواء في الأزهر أو الكنيسة، فهو أحد الأسباب الرئيسية لانتشار الفتن الطائفية، لكن لا يمكن تجاهل الأسباب الأخري، وأضاف «لمعي» أن اللجوء إلي مجالس الصلح العرفية وتفعيل المادة الثانية من الدستور التي تقول إن الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسي للتشريع أحد أسباب انتشار الفتن التي لا يجب تجاهلها، فوجدنا قاضياً يحكم بأحقية المنتقبات بدخول الامتحانات، بالرغم من وجود حكم يمنع ذلك من المحكمة الدستورية العليا التي لا يستطيع أي قاض أن يخالفها في أي دولة من العالم، وقال «لمعي» هذا القاضي استند إلي الشريعة الإسلامية، مضيفاً أن المناهج التعليمية أيضاً تحتاج إلي تعديلات كثيرة وغيرها من الأسباب كالإعلام المتطرف وعدم تفعيل حقوق الإنسان علي أرض مصر، مشيراً إلي أن علاج القصور يحتاج لسنوات طويلة لكن يجب أن نبدأ الآن.

اجمالي القراءات 5757