سوريا
من قصص الثورة في سوريا

زهير قوطرش في الأحد ٣١ - يوليو - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

 

من قصص الثورة السورية بعنوان

(وهل ستبقوا ثلاث سنوات أخرى)

 

كل شاب في سوريا بعد الانتفاضة التي تحولت إلى ثورة هو مشروع تغير

وسوريا بعد انتفاضة الشباب لن تعود إلى ما كانت عليه ,لأن دماء الشهداء وعذابات الجرحى والمهجرين لن تذهب سدى ...بل هي الثمن لميلاد سوريا الحرة .

دوما المدينة  التي صارت خاصرة دمشق العاصمة ,بعضهم يعتبرها من ريف دمشق,والبعض الأخر يؤكد أنها جزء لا يتجزأ من مدينة دمشق ,فسكان دوما الأصلين وسعوا مدينتهم لتستقبل أعداداً كثيرة من سكان العاصمة التي ما عادت تتسع لتزايدهم ,فاضطروا إلى الهجرة من العاصمة إلى دوما ...

لهذا كانت انتفاضة مدينة دوما ,هي انتفاضة شباب أهل دمشق ,هي صوت دمشق الذي خنقته الأجهزة الأمنية ,فكان صداه الثائر في مدينة دوما.

يوم الجمعة مثله مثل كل يوم  جمعة, منذ بدء  الانتفاضة ,ودع أبو سعيد زوجته واصطحب أولاده الثلاثة إلى صلاة الجمعة ,رافقتهم نظرات زوجته الحزينة وهي تردد حماكم الله ,لأنها تدرك خطورة المشاركة في التظاهرات السلمية ,وقد يكون زوجها أو أحد أولادها أو الجميع هدفاً سهلاً للشبيحة أو للأمن المسعور الذي فقد صوابه .فكم ودعت دوما من الشهداء على مدى الأسابيع الماضية.

خرجت المظاهرة ,وانضم إليها أبو سعيد وأولاده الثلاثة أصغرهم هيثم الذي لم يتجاوز الأربعة عشر ربيعاً ,هتفوا كما هتف الجميع ,سلمية سلمية ,حرية حرية.....وفجأة بدأ إطلاق النار على المتظاهرين من أسطح الأبنية  ,وسقط بعض الشباب جرحى ,وبدأ الأمن بحملة اعتقالات طالت الشباب والرجال وحتى الأطفال ,وشاءت الأقدار أن يُعتقل أبو سعيد وأولاده الثلاثة.

زجوا جميعاً في السجن لأيام ,حتى بدأ التحقيق معهم .خلال هذه الزيارة تعرضوا كالعادة للإهانة والضرب ...ومن ثم تم إحضارهم إلى غرفة التحقيق من أجل استجوابهم عن الدوافع التي جعلتهم يشاركون في المظاهرات ,وهل هو بفعل المؤامرة الخارجية(كما يدعي النظام ) ....ومن ثم إرغامهم تحت الضغط والإرهاب والوعيد  بالتوقيع على تعهد ,يتعهدون من خلاله عدم مشاركتهم بالمظاهرات وإلا فسوف يتم تحويلهم للقضاء.وقع أبو سعيد وولاده ,وعندما استدعي أصغرهم هيثم ,دخل غرفة التحقيق رافعاً رأسه متحدياً نظاماً بأكمله . نظر إليه المحق وأرعبته نظرات التحدي عند هذا الطفل ,وبعد سؤاله لماذا شاركت في المظاهرات ...أجابه هيثم بكلمات بسيطة ولكنها لخصت كل المطالب ...(مشان الحرية).أي من أجل الحرية ...ضحك المحقق باستخفاف سائلاً الطفل ,وهل تنقصك الحرية ياقرد...أنت بدك حرية  ...(ولك بتعرف أنت شو معنى الحرية يا قرد يا مفعوص)...(قللي شو معنى الحرية اللي بدك ياها  يا عديم التربية).

ابتسم الطفل هيثم ...وأجابه بهدوء (الحرية ,هي لما منتظاهر  ما حدى بيعتقلنا ويضربنا ,الحرية هي انه ما نكون بزيارتكم كل ما حكينا كلمة تزعجكم).

وبلهجة صارمة ,ونظرات تطاير منها الشرر قال المحق:

أسمع ولك ...(إذا بشوفك مرة تانية في أي مظاهرة  لا تلوم إلا نفسك).

كسر هيثم حاجز الخوف ...وقال للمحقق ..(.وإذا شاركت شو بصير)

أجابه المحقق ...بتروح ثلاث سنوات سجن افهمت....

ابتسم الطفل هيثم ساخراً قائلاً ..(.وا ن شا الله بدكوا تضلوا كمان تلات سنين)!!!!! أي وهل ستبقوا إن شاء الله( ساخراً) ثلاث سنوات أخرى!!!! 

 

نظر المحقق إلى الطفل هيثم ,وأراد لو يستطيع أن يهشم رأسه ,لكنه أدرك ومن فوره ,أن كل طفل وكل وشاب في سوريا ,هما مشروع إصلاح أو مشروع تغير.ولا يمكن للنظام أن يفعل كما فعل فرعون من أجل تثبت نظامه ..أن يقتل كل الأطفال والشباب..... فالزمن  تغير ولم يعد وجود للفراعنة.

 

اجمالي القراءات 14971