عزمت بسم الله،
أضع بين أيديكم أعزائي القراء رسالة بعثت بها إلى خطيب من خطباء الجمعة، لأنه تحامل على المستمسكين بالكتاب وحده ( القرآن العظيم)، فهو يرى أن الكتاب وحده لا يكفي في عبادة إله واحد أحد، إنما يجب على المؤمنين الأخذ من السنة أيضا، لأن السلف حسب قوله قد اجتهدوا ونقَّحوا وصححوا الضعيف، الموضوع، المرسل، والإسرائيليات، ثم نقض قوله واعترف أن في طيات الكتب أحاديث موضوعة وضعيفة وإسرائيليات،!!! وحسب نظري فأمثال هذا الخطيب لم يقدِّروا خطورة ما تحمله كتب البشر من تناقض مع أحسن الحديث، التي تخرج الناس من النور إلى الظلمات، فإليكم نص الرسالة الموجهة إلى الخطيب، أردت أن تكون مقالا عاما لنستفيد جميعا من نقاشها، وإبداء وجهة نظرنا في الذين يصرِّون على أن القرآن العظيم يحتاج إلى سند من كتب البشر، لأنه أي القرآن العظيم حسب رأيهم كتاب غير مبين ولا مفصل ولا ميسر للذكر، رغم أن الرسول عن جبريل عن ربه قال: يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيرًا مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنْ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جَاءَكُمْ مِنْ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ(15). المائدة.
وأطرح تساؤلا عليهم كيف كان المؤمنون المسلمون يعبدون ربهم قبل مولد محمد بن إسماعيل ( البخاري) سنة 194 هجرية؟؟؟ هل كانوا من الضالين؟؟؟ أم كانوا من المهتدين إلى صراط الله المستقيم متبعين ما نزِّ على محمد وهو أحسن الحديث؟؟؟ لذلك يقول المولى تعالى لرسوله:
فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوابِهَذَا الْحَدِيثِأَسَفًا(6). الكهف.
فَذَرْنِيوَمَنْ يُكَذِّبُ بِهَذَا الْحَدِيثِسَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ(44). القلم.
لاحظوا أعزائي الآيتين هل توجد إشارة إلى حديث غير حديث الله الذي هو أحسن الحديث؟؟؟
إليكم الرسالة:
في خطبة يوم الجمعة 27 ماي تطرق الخطيب إلى الاستمساك بالكتاب والسنة، وتحامل على الذين يستمسكون بالكتاب وحده، رغم أنه اعترف في خطبته أن في السنة إسرائيليات وأحاديث ضعيفة وأخرى موضوعة، لكنهم وضعوا ثقة عمياء في السلف الذين نقَّحوا وصحَّحوا تلك الروايات التي صدق الله العظيم حيث يقول: أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا(82). النساء. نعم نحن نجد في ( الصحاح) روايات فيها اختلاف كثير وتناقض في الصفحة الواحدة وفي نفس الكتاب، رغم ما أشار الخطيب بأن السلف قد صححوا وطهروا الحديث المنسوب إلى من لا ينطق عن الهوى.
فهل إخلاصنا العبادة للواحد الأحد يقتضي منا أن نبين التناقض الموجود بين الكتاب والسنة؟؟؟ أم يجب أن نحترم اجتهاد سلفنا ونغض الطرف عن التناقض الموجود بين الكتاب وما كتبت أيديهم؟؟؟
ألم تكونوا تتبعون بثقة عمياء الشيخ الألباني لزمن طويل، إلى أن نزع الله تعالى الغشاوة عن الأعين وافتضح أمره، وقد تشجع شيخ حفظه الله وتواضع فأعلنها صراحة أنه كان يتبع شيخا يحسبه عالما في الحديث فإذا به غير ذلك، وأعلن بحرق كتبه بعد أن كان يفتي منها...
سيدي الكريم الأستاذ الخطيب قلتم في آخر الخطبة ما معناه، إن الواجب علينا التناصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقد وجهتم ذلك للمرشدين ليتقبلوا النصح الذي يأتي بالتي هي أحسن وبالحجة والدليل، فها أنا أبرئ ذمتي وأقدم لكم نصحي، ـ لا كما قدم إبليس نصيحته لآدم عليه السلام ـ، لأني أقدم لكم النصيحة من أحسن الحديث لتتدبروه وتختاروا لأنفسكم ما تلقوا به ربكم يوم الفرقان يوم تقوم الأشهاد، يقول ملك يوم الدين:
الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَانِ وَكَانَ يَوْمًا عَلَى الْكَافِرِينَ عَسِيرًا(26)وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا(27)يَاوَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا(28)لَقَدْأَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا(29)وَقَالَ الرَّسُولُ يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا(30). الفرقان. لاحظ أخي الكريم لم يقل الرسول عليه السلام : يا ربي إن قومي اتخذوا حديثي مهجورا... بل قال: يَارَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا.
قال رسول الله عن جبريل عن ربه:
- إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَى مَعَادٍ قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جَاءَ بِالْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ(85). القصص.
- وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِمِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ(27). الزمر.
- وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِوَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ(26). فصلت.
سيديالفاضل هل تجدون إشارة في الكتاب للتباع غير ما أنزل الله تعالى من أحسن الحديث؟؟؟
لقد أمر المولى تعالى رسوله محمد عليه السلام أن يبلغ ما نزِّل إليهمن ربه وهو القرآن العظيم، يقول الله تعالى: يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنْ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ(67). المائدة.
فهل يمكن لرسول الله الذي أُمر بتبليغ ما نزِّل إليه أن يخالف أمر ربه فيأمر بغير ما أنزل الله إليه ليبلغه للناس ؟؟؟ وما يشغلنا أولا وأخيرا هو ما يُفترى على الرسول محمد عليه السلام من إسرائيليات تصطدم بأحسن الحديث كتابا.
قال رسول الله عن جبريل عن ربه: وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنْ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ(29). الأحقاف.
هل الجن لما سمعوا القرآن العظيم كانوا محتاجين إلى حديث غيره لينذروا به أهلهم؟؟؟
أم أن الجن قالو مثل ما قال الكافرون: وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍقَالَ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ(15). يونس.
أخي الفاضل الأستاذ الخطيب لا يمكن أن تستقيم أمور المؤمنين المسلمين إلا بالاستمساك بما نزِّل على محمد وهو الحق، وقد أمر الرسول محمد عليه السلام نفسه بالاستمساك بالذي أوحي إليه وذلك هو الصراط المستقيم، قال العليم الحكيم: فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ(43). الزخرف. ونحن نتأسى بالرسول ونتبع ما نزّل إليه من ربه، ومع ذلك لا مانع أن يرجع من شاء إلى المأثور من القول على رسول الله عليه السلام ما لم يخالف الذكر الحكيم ( أحسن الحديث)، أما أن يستمسكوا بما كتبت أيدي البشر بعد وفات النبي بقرون، ويعتبروا ذلك من الوحي من الله على رسوله ويعضون عليه بالنواجد، فهذا ما نسأل الله تعالى أن ينجينا من اتباعه، وهجر القرآن العظيم الذي هو من عند الله تعالى وهو الحق، والذي حفظه سبحانه بقدرته من عبث العابثين وهو الصراط المستقيم والنور الذي يخرج من الظلمات إلى نور الله تعالى.
يقول ملك يوم الدين:
الر كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُإِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِبِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ(1). إبراهيم.
يَهْدِي بِهِاللَّهُ مَنْ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِبِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ(16). المائدة.
هُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ عَلَى عَبْدِهِ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَكُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِوَإِنَّ اللَّهَ بِكُمْ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ(9). الحديد.
فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَاوَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ(8). التغابن.
رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍلِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِوَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحًا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا(11). الطلاق.
يقول بعض الناس إن القرآن نزل مجملا غير مبين ولا مفصل، ونجد أن المولى تعالى يقول عن الكتاب:
طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُبِينٍ(1). النمل.
وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلَا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَإِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ(61). يونس.
وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ(52). الأعراف.
وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا(12). الإسراء.
ختاما يقول المولى تعالى عن أحسن الحديث الذي تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم وتلين إلى ذكر الله تعالى، وذلك هو هدى الله الذي يهدي به من يشاء: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًامُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ(23). الزمر.
وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًاأَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قَالَ سَأُنزِلُ مِثْلَ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرَى إِذْ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنفُسَكُمْ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّوَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ(93). الأنعام.