فى يوم واحد أفرج جهاز الكسب غير المشروع عن سوزان مبارك وزكريا عزمى ، حيث برر الإفراج عن سوزان بأنها تنازلت " ورقيا " عن 24 مليون جنيه " هى كل ماتملكه " إلى وزارة المالية ، بينما لم يثبت على زكريا كسبا غير مشروع ، لسلامة تقارير ذمته المالية ،حيث أن ثروته جمعها من هدايا حصل عليها من الداخل والخارج ، فأفرج عنه الجهاز بكفالة مالية،نظرا لحالته الصحية وكبر سنه ، وهو نفس المبرر الذى تم الإفراج بمقتضاه عن سوزان صالح ثابت الشهيرة بماما سوزان مبارك .
وعلى موق&UaHORN;ع الأهرام شبه الرسمى والذى يصدر عن أكبر صحيفة قومية فى مصر ، نشر خبرا يؤكد إستعداد الرئيس المخلوع مبارك ، رد كل الاموال التى حصل عليها إلى الدولة والإعتذار إلى الشعب فى خطاب " فضائى " فى مقابل العفو عنه مثلما حدث مع زوجته وام ولديه علاء وجمال !
وقامت الدنيا ولم تقعد وإشتعلت حرب الإنترنيت ، ورفض شباب الثورة وشيوخها وأنصارها العفو عن مبارك ،وهددوا بالنزول مرة أخرى لعمل مظاهرات مليونية أسبوعية ، مما دعا المجلس العسكرى الى إصدار بيانا أكد فيه إنه " إنه «لا صحة مطلقا» لما تم نشره
حول العفو ، وأن الإجراءات القانونية الخاصة بالمحاكمات «خاضعة للقضاء المصري العظيم»، مؤكدا على أهمية الحذر الشديد من الأخبار والشائعات المغرضة ، والتي تهدف إلى إحداث الانقسام والوقيعة بين الشعب " ودرعه " - يقصد القوات المسلحة - الذي لا يمكن فصلهما أبدا..
وبدوره نفى مبارك ماتردد عن نيته التنازل عن أمواله للدولة " على طريقة ماما سوزان " وقالت مصادر مقربة منه فى مستشفى شرم الشيخ - وفقا لما نشرته وكالة رويتر - ان " الرئيس المخلوع " لم يحصل على أموال غير شرعية حتى يتنازل عنه ، بل إن تنازله وطلب العفو من الشعب فى خطاب يعنى انه مذنب .
والحق يقال إن أغلبية الشعب المصرى انتابها القلق وساورها الشك عندما تم الإفراج عن سوزان وزكريا فى يوم واحد ، لإن الشخصيتين كانا يتحكما فى مصير الشعب بشكل أو بأخر بحكم قربهما من الرئيس " المريض " والمسن مبارك المخلوع ، فالسيدة الأولى كانت تسعى لتوريث إبنها جمال ، كما أن مشاركة زكريا فى إختيار الوزراء وكبار المسؤلين كان من اجل تجهيز كرسى الرئاسة لجيمى ، بعد وفاة والده " بالسكتة السياسية " .
وجاء الإعلان عن نية مبارك فى رد الأموال الغير شرعية والإعتذار إلى الشعب وطلب العفو عنه ليزيد الطين بلة ، وجعلت الجميع ، حكومة وشعب وثوار وجيش ، يقع فى " حيص بيص " لولا تدخل الرئيس المخلوع فى الوقت المناسب - كالعادة - فى أخر لحظة ، ونفيه رد الأموال الحرام وطلب العفو .
ولا أعرف من المستفيد من تلك البلبلة ، فإذا كانت سوزان مبارك لم تسرق أموالا ولم تمتلك فيلا ، وأثبتت ملكيتها لجهة سيادية ، وأعادت أموالها التى تملكها للدولة وأفرج عنها ، فعلينا رفع القبعة لجهاز الكسب غير المشروع ، لإنه ليس جهة إنتقام وتصفية لعائلة الرئيس المخلوع ، و إذا كان زكريا عزمى قد جمع تلك الاموال الضخمة من الحرام بسبب الهدايا والإتاوات الذى كان يحصل عليها من مرتشين فى الخارج وفاسدين واصحاب مصالح من الداخل ، دون أن يسلمها للدولة ، فهذا جرم لا يسأل عليه وحده ، بل رئيسه وصديقه المخلوع والاجهزة الرقابية ، ولا أعرف كيف يمكن لرجل فى سنه ومقامه وهو نائب برلمانى عتيد أن يقف فى مجلس الشعب ويصرخ قائلا" الفساد فى المحليات وصل للركب " وهو فى نفس الوقت " ابو الفساد "؟ ! .
إننى أناشد بعض زملائى الصحفيين والإعلاميين أن يتحروا الدقة ويبعدوا عن الإثارة فيما ينشرونه من اخبار قد تثير البلبلة بين شعب محتقن ، خاصة إذا كانت متعلقة بمحاكمة النظام البائد الفاسد ، وتحدث الوقيعة بين الشعب والأجهزة الرقابية والقضائية ، بل والمجلس الأعلى للقوات المسلحة ، فمن العبث ان يدعى محرر ان الرئيس المخلوع نفى القاء خطاب للشعب يطلب فيه العفو والسماح مقابل رد امواله التى استولى عليها للدولة مثلما فعلت زوجته سوزان ، ولا أعرف من أين إستقى المحرر الخبر ؟ ، هل كان يجلس تحت سرير الرئيس ؟ أم أنه جند الأطباء والممرضات لصالحه كى يحصل على أخباره ؟ أم قام بتركيب ميكروفونات فى غرفة " مبارك وحمامه ؟! .
لاتستخفوا بالشعب وتنشرون اخبارا مغلوطة تثير الوقيعة والبلبلة فى هذا التوقيت الحرج ومناخ عدم الثقة والضبابية ، لإن معنى ذلك إن جنود الثورة المضادة من الصحفيين مازالوا يعملون بكامل طاقتهم فى صحافة صفراء من نوع اخر ، وهؤلاء بالفعل أشد أعداء الثورة .
حمدى البصير