المصريين بين نفاق الطائفية والتضحية
أعتقد أن أكثر الناس وطنية لأوطانهم الذين ضحوا بدمائهم الزكية من أجل الحرية ومن أجل حقوق الآخرين، وأن الوطنية ليست كلام يتشدق به الناس في المجتمع، وأعتقد أيضاً أن من أكثر الناس وطنية لوطنهم الذين يخلصون في عملهم والذين لا يقبلون على أنفسهم أكل حقوق الناس أو ابتزاز أموال الناس لأي سبب من الأسباب، أو بأي حجة، وأن الوطنية يجب أن يشترك بها جميع أفراد المجتمع كلاً على حسب موقعه، ولكن تختلف من شخص لأخر بمعنى أن هناك من الناس من يسعى أو يحث الناس على الإخلاص في العمل، وهناك من ينتقد الجوانب السلبية في المجتمع من أجل تقدم الدولة، وهناك من الناس من يفضل أن يعيش على أقل القليل أو يرضى بهذا القليل دون التفكير في التخريب أو السرقة، أي شيء ولا يفكر إلا في حقه فقط، وإن كانوا قليل كما قلت، وأعتقد أن هذا الصنف من الناس هم الأكثر وطنية من أي صنف آخر في الدولة وبين الناس، وهذا يعد أيضاً من التضحية والوطنية الحقيقية عند هؤلاء، بل أن الذين استشهدوا في ثورة 52 يناير كان أغلبهم من أبناء الطبقة الوسطى ومن الفقراء في مصر، وهم أكثر الناس من وجهة نظري وطنية لمصر، والمصريين الذين ضحوا بدمائهم وأنفسهم، ولا ادري إن كان رجال الأعمال المصريين وأصحاب الملايين والمليارات من المصريين يعلمون عن اقتصاد مصر الآن وما تمر به مصر وما تحتاجه من دعم منهم، إن كان لديهم وطنية لمصر وإن كانت أموالهم في وطنهم مصر سوف تزيد وسوف يحسب لهم موقف وطني حقيقي بدعم الاقتصاد المصري أفضل من أن تقترض مصر من دول أخرى، وهذا ليس في صالح مصر والمصريين الآن، ونتمنى من جميع المصريين ومن كل من يريد إنقاذ بلده مصر من أجل أولاده وأحفاده أن يخلص لها، حتى تصبح الوطنية حقيقية لا بد لنا من التضحية، وليس الكلام الذي لا يغني ولا يثمن من جوع، نريد أن يعتز كل مصري بمصر، وعلى هذا الأساس يفكر ويشارك بما يستطيع لكي يعلم كل مصري أنه عليه مسؤولية تجاه وطنه ولا يجب أن يتأخر، وخاصة في هذا الوقت، وقت كتابة التاريخ، وأن التاريخ لا يكتب إلا كل فترة من الزمن، ونحن الآن في مرحلة تاريخية ويا ليت أن يكتبها جميع المصريين وأن يشارك الجميع في مصر حتى نثبت للعالم أن مصر هي بلد التاريخ القديم والحديث، وأتمنى من كل مصري أن يعلم أننا في مرحلة هامة من تاريخنا، وأن هناك قوة إقليمية وعلى رأس هذه القوة السعودية تتربص بمصر والمصريين وتسعى لإفشال دور مصر ومكانة مصر كنظام حاكم، وعلى كل مصري يحب هذا البلد أن لا يعطي الفرصة لأعداء مصر، وليتذكر كل مصري تاريخ مصر وعلى مدار أكثر من مائة قرن من الزمان، لم يحدث بها حرب أهلية ولا حرب مذهبية ولا طائفية لا من قبل الإسلام ولا من بعد الإسلام، انتبهوا أيها المصريين مسلمين ومسيحيين وأصحاب المعتقدات الأخرى، انتبهوا أيها المصريين حتى لا يذهب دم الشهداء سدى، الذين ضحوا وكانوا من أكثر الناس تضحية ووطنية لمصر، انتبهوا أيها المصريين أن تدخلوا في نفق الطائفية وحرب أهلية وانتم تعلمون أن هذا النفق هو نفق مظلم ليس به كثبان ولا خسران.