ثورة اللوتس بين الحرية والعدالة الاجتماعية
الكثرة الغالبة من كتاب موقع أهل القرآن كتبت كثيرا وساهمت بكل ما آتاها الله من جهد وقوة الفهم والعلم لتثير وتنير العقل المصري والعربي والاسلامي ، والكاتبين القرآنيين كان لهم دور واضح ومحدد في الانطلاق من خلال هدي القرآن الكريم الى الدعوة الى الحرية واقامة القسط وكلها تعاليم قرآنية والدعوى الى الشوى ( الديموقراطية المباشرة) وهى درجة اعلى وارقى من الديموقراطية النيابية ..
وسابقا قالوا أن ( الغرب غرب والشرق شرق ولن يلتقيا) وكان ذلك من شدة الياس من المثقفين الشرقيين وخصوصا منهم العرب والمصريين اليساريين ، لقد يأس المثقفين المصريين ومن وقفوا في وسط المسافة بين الحضارة الغربية والحضارة الشرقية والأخذ من كلاهما ما يفيد مجتمعاتنا العربية ..
وهو ما يعرف بتيار (الوسط) .
أما الليبراليين المصريين والعرب فهم متوجهون قلبا وقالبا الى الحضارة الغربية المتسيدة في هذا العصر منذ ما يزيد على أربعة قرون وحتى يومنا هذا لا أحد يشكك في تسيد الحضارة الغربية من اتخاذها منهج الحرية والعدالة الاجتماعية والديموقراطية ومنهج البحث العلمي والأخذ بأسباب العلم والحضارة ..
لكن الغرب الذي أقام حضارته على الحرية ( في العقيدة والتعبير عن الرأي في السياسة والدين والمعتقدات والمثل) بكل حرية والدعوة الى منهجك ومبادئك سلميا .. لقد جعل الغرب ( اوروبا واميريكا) هذه المبادئ هى الدين الحقيقي لهم ولشعوبهم وحكوماتهم وملوكهم ورؤسائهم.!!! ... لكن ذلك داخل المجتمعات الغربية فقط وأن تظل حكرا على هذه المجتمعات و هذه الكنوز الفكرية الانسانية التي أتت من الغرب كشعار واعلان عن دين الغرب بدلا من المسيحية استكثرها الغرب وضن بها على أن تطبق في بلاد اخرى متطلعة الى الحرية والعدالة الاجتماعية والديموقراطية وحقوق الانسان الخ ..
لقد سلك الغرب سلوكا مريبا من جانب حكوماته ومثقفيه نحو الشعوب المتطلعة الى الحرية والعدالة الاجتماعية والديمقراطية وحقوق الانسان التي جعلها الغرب دينا له وشعارا وتاجا على رؤوس حكوماته وحِكَمْ مثقفيه ..
ولقد صدقت شعوب الشرق هذه المبادي والقيم الغربية والتي تتماشى مع تعاليم القرآن العزيز وجاء التعبير عنها بــ (المشيئة الآدمية) في قوله تعالى ({وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاء كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقاً }الكهف29
لقد صدقت شعوب الشرق الأوسط العرب والاسلامي مبادئ الغرب عن العدالة الاجتماعية وسعت لتحقيقها تحت القمع الدكتاتوري للنظم المستبدة التي تحكم العرب والمسلمين هذه النظم المحمية من الغرب .! فانطلقت الشعوب العربية الآن في سلسة انشطارية من الثورات الشعبية السلمية الحضارية التي تعطي درسا عالميا لشعوب الأرض عن أن الشعوب العربية قد آمنت بالحريات والعدالة والديموقراطية وحقوق الانسان والتعاون الدولي .. قد صدقت هذه الشعوب البائسة هذه المبادئ الغربية وخصوصا انها تتماشى مع قرآنها وانجيلها ومن تعاليم القرآن يقول تعالى عن العدالة ( العدل والقسط )
يقول تعالى {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ }النحل90
ويقول أيضا ({وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِن فَاءتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }الحجرات9
والقسط بالمعنى القرآني هو العدل والعدالة الاجتماعية يقول تعالى ({يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيّاً أَوْ فَقَيراً فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً }النساء135
ويقو تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }المائدة8 ويقول تعالى ({قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ }الأعراف29
وعن الحكمة من ارسال الرسل والكتب السماوية يقول تعالى {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ }الحديد25
أما عن الديموقراطية الاسلامية ( الشورى) يقول تعالى ({وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ }الشورى38
أما عن التعاون الدولي فالمصريون والعرب المثقفين المخلصين لدينهم الاسلامي والمسيحي يؤمنون بالتعاون الدولي وهى من مبادئ الغرب الراسخة عندهم أو بمعنى المصالح المشتركة يقول تعالى { {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ }الحجرات13
ويقول تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُحِلُّواْ شَعَآئِرَ اللّهِ وَلاَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَلاَ الْهَدْيَ وَلاَ الْقَلآئِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّن رَّبِّهِمْ وَرِضْوَاناً وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُواْ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }المائدة2
لقد آمنت الشعوب العربية والاسلامية بهذه التعاليم القرآنية والتي تتماشى وتتوافق وتتطابق في الكثير منها مع روح وقيم الحضارة الغربية والتي تستند الى الانجيل والفكر الفلسفي الغربي الحديث في عصر النهضة ..
ولقد صدقت هذه الشعوب العربية ما نادى به الغرب من خلال الادارات الغربية ومفكري ومثقفي الغرب والدعاية لهم من ضرورة نشر الديمقراطية وحقوق الانسان والتداول السلمي للسلطة ..
فقامت الشعوب العربية بهذه الثورات الشعبية السلمية المتحضرة المتطلعة الى الحرية والتحرر من الاستبداد المحلي والاحنلال المحلي المدعوم من الادارات الغربية والأميريكية .. خوفا من وصول الاسلاميين الراديكاليين الى سدة الحكم بهذه البلاد والتي ربما تضر ضررا بالغا بالمصالح الغربية بالمنطقة العربية الغنية بالبترول والموارد اللازمة للغرب في حضارته وقوته...
ما يحدث في ليبيا من صمت الغرب على هذه المجزرة والمذبحة والمحرقة التي نصبها السادي السيكوباتي ( ميت الضمير) القذافي العميل للغرب ,, هل هناك احد من الغرب يمكن أن يرد على هذا الاتهام ..
لقد نصبوا القذافي منذ أكثر من أربعين عاما حارسا لآبار النفط لكي يقوم بتوصيلها الى البلاد الغربية حتى تسود حضارتهم العنصرية اليوم ..
واليوم الشعب الليبي يثور ضد الطغيان والفساد القذافي والاستبداد المحلي الذي تم تنصيبه من قبل الغرب على هذه المنطقة الحيوية من العالم ..
واليوم يصمت الغرب وهيلاري كلينتون تتكلم نصف دقيقة عن مأساة الشعب الليبي مع السفاح القذافي وأولاده السبعة العصابة القذافية .. وتطالب على استحياء ومعها الاتحاد الآوروبي عن الكف عن العنف ضد المتظاهرين .. أو الشعب الثائر ليكي بنال حريته
تتكلم هيلاري كلينوت عن أربعة من الأمريكيين قتلوا على يد القراصنة في الخليج العماني وتتوعد بملاحقة هؤلاء وما تكونت القراصنة الا من الجوع والفقر والظلم من الحكام العرب الذين تدعمهم أمريكا والغرب الأوربي ..
لصالح المصالح الغربية من بترول ويورانيوم وموارد لازمة لهم ..
أليس الدفاع عن مبادئكم يا أمريكا من الحرية ورفع الظلم عن الضعفاء كل الأفلام الأمريكية تتحدث عن ( إنقاذ العالم) ويأتي البطل الأمركي لينقذ الضعفاء العزل من السفاحين والارهابيين .. أليس الشعب الليبي شعب أعزل ويستحق الانقاذ فلماذا لا تقومون بذلك
أم أن آبار البترول يا اتحاد أوروبي وياأمريكا أغلى من دماء وارواح الشعب الليبي
الباب السابع من ميثاق الأمم المتحدة ينص على أنه يجب التعامل فورا بقوة السلاح والعقوبات الدولية والحظر الدوي على من يستخدم القوة المسلحة الغاشمة من الطائرات والدبابات ضد المدنيين العزل المتظاهرين المسالمين .. وهما ما يعرف ب جرائم ضد الانسانية أليس ما يفعله القذافي من هذا النوع من الجرائم المنكرة وانتم صامتون من اجل البترول الذي يحرسه القذافي لكم ..
الشعب الليبي شعب جسور مثل الشعب التونسي والمصري وهذا ما لا تعلمونه أيها الغرب ولن ينسى لكم تخاذلكم عن إغاثته والوقوف الى جانبه في معركة الحرية والتخلص من بطش وتعذيب القذافي وعصابة أبنائه لهم
أيها الأوربيون ويا أميركا لو يأست الشعوب العربية منكم ومن مساندتكم للمستبدين العرب من الحكام والملوك سوف تخسرون وجودكم نهائيا في هذه المنطقة الى الأبد .. أفيقوا وانحازوا الى الشعوب المتطلعة الى الحرية والعدالة والمساوة والديموقراطية وحقوق الانسان
أما الثورة في مصر هذه الثورة التي ضربت مثلا انسانيا رائعا قدمه شباب وشيوخ ونساء وأطفال مصروهو ما يعرف بثورة اللوتس فكان الباعث الأول لها هم خيرة شباب مصر المثقف المسالم المسلح بالثقافة الغربية والمستند الى التعاليم الدينية في القرآن والانجيل من التطلع الى الحرية في العقيدة والفكر والتعبير عن الارادة السياسية .. في الأيام الأولى للثورة كانت كذلك التطلع الى الحرية والمساواة .. وانضم الى هؤلاء الشباب الملايين والملايين من ذوي المظالم والمتطلعين الى العدل الاجتماعي من فقراء مصر وبؤساء مصر الذين نُهِبتْ ثروات بلادهم بالتيرليونات وهم لايجدون قوت اليوم ولا علاج الساعة ولا سقف يبيتون تحته ..
نعم ثورة اللتوتس كانت وما تزال درسا انسانيا عالميا قدمه المصريون الى العالم الحر ليعلموا من هو المؤمن الآن بالحرية والعدالة ممن هو يجعلها شعارا له ولا يتمنى لغيره من شعوب الأرض أن يحظى بها ..