أليسوا أشباه فرعون موسى ؟
أليسوا أشباه فرعون موسى ؟

نورالدين بشير في الأربعاء ٠٢ - فبراير - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

بسم الله و به أستعين.

مقدمة:

أنا جد أسف لكل الكتاب والقراء بهذا الموقع الكريم على هذا الانقطاع عن الكتابة لأسبابي الشخصية الخاصة، ولكنني لم أنقطع عن القراءة فيه وعن التواصل مع كتاباته ومقالاته اليومية، ولكني اليوم لم أستطع تملك نفسي أمام هذا الوضع الذي تعيشه بلداننا العربية و اخواننا في كل بقعة منه، فالكتابة ادمان لا يكمننا أن نكف عن تعاطيه.

1.

الجمهوريات العربية هي طبعا جمهوريات عبادة الفرد، وتهميش الرعية، وتجريم حرية الرأي، لأن لعبة الديمقراطية في بلادنا العربية لم تشذّ يوما عن القاعدة، هي دوما في اتجاه واحد و الخطاب السائد فيها واحد.

أن  رئيسَ أي  دولةٍ عربية هو ملكها، وحظوظه في البقاء في منصبه أكثر من مضمونة، إنها تحصيل حاصل، وعندما يكون قد أمضى دهرا في سدرة المنتهى، فإنه سيكون من الدهاء ألاّ يبخل عليه رعاعه بالاستمرار طوعا أو كرها.
 

2.
إن النظام في هذه الدول يجنّد كل الوسائل لكي يضفي شيئا من المصداقية على تصرفاته، غير مبال بتململ الجبهة الاجتماعية، وعندما يعجز عن التحوّل إلى نظام ديمقراطي وهذا أكيد، فإنه يغرق أكثر في الممارسات الديكتاتورية ويُغرق معه البلاد والعباد، لأنه بغياب  الشرعية ما من وسيلة سيمارس بها هذا النظامُ الحكمَ ، وما من لغة متاحة يرد بها على طلبات المجتمع غير العنف و الاستبداد بالقوة.
 

3.
جميع الحيثيات التي تميز هؤلاء الرؤساء أو الملوك تؤكد على حقيقة واحدة، أنه لا يوجد  أي مدة محدِدة لعدد السنين التي سيقضيها الرئيس أوالملك في جنة النعيم، ويا لهذا التقهقر الفظيع في الثقافة السياسية، ولكن ليس هذا عجبي، فحب الامتلاك من الفطرة، عجبي في الحقيقة هو من مظاهر الولاء  وطرق التقرب من الحاكم ومن دائرته إلى درجة العبادة، ولكن كل ذلك ما كان ليكون لو عاد الحاكم إلى منزله راضيا مُرضيا عمّا أنجزه لبلاده ولشعبه بعد انتهاء عهدته، مُعبّرا عن أمانيه المخلصة أن ينجز من خلفه ما لم تسمح له السنين بإكماله. فيا أسفي على ''حكامنا العرب'' لم يستطيعوا أن يداروا مشاعرَهم وهم يواجهون جمهورَهم المتواضع ويقرونّ أنهم  لا يزالون يغتصبون إرادة الشعب.ويا أسفي على من يرفعون دائما أيديهم مستجيبين لرغبة الملك في البقاء في سدرة المنتهى مدى الحياة.

4.
إن شعوب هذه الدول و بخاصة الطبقة المثقفة تدرك جيدا معنى هذه الدكتاتورية والانتهازية والمساومة، ولكن عليها أن تبقى هامدة، أمام قوى التخلف والتدهور، وذلك أضعف الأيمان، لأنه وفي طريقك لأن تكون مواطنا صالحا يجب أن تقول نعم للتشاؤم، نعم للأكاذيب وللمسخرات، نعم لرئيس أبدي، نعم للملك، نعم لفرعون، نعم للتوريث، نعم للذل الأبدي.

 يجب أن تصبح وأنت في بلدك الكريم، باردا، باهتا وكل شيء حولك ممل إلى درجة غير مسبوقة، وتسأل نفسك هل لك أن تعيش يوما واحدا من عمرك تتمتع فيه باختيارك الديمقراطي في مجتمع حقيقي تساهم فيه إلى جانب غيرك بأفكار في إيجاد بديل لنظام سياسي تنتقده أشد الانتقاد، أو في أبقاء نظام سياسي أنت معجب بما يقدمه لأنك أنت من أختار زعماءه.

5.
فهل لنا يوما أن نهتم وفقا للمقاييس الدولية بالقضايا الكبرى التي تهم المجتمع، وعلى رأسها الشغل والأمن واحترام الحريات العامة ومحاربة الفساد والمساواة أمام القانون والعودة إلى حياة سياسية طبيعية تسمح بالتنافس الحقيقي بعيدا عن المزايدات وفتح المجال لممارسة الحريات العامة وحقوق الإنسان، وعزل المتملقين وذوي المصالح الخاصة.

اجمالي القراءات 5828