أيها الجلاّد .. مقاومة سلطاتك شرف وعزّة وجهاد !!

آحمد صبحي منصور في الإثنين ١٧ - يناير - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

 

أولا :

1 ـ ليس شرعيا نظام مبارك ، ليس فقط لأنه مقام على تزييف مستمر للانتخابات و أنه يحكم بلا قانون ، أى  قانون الطوارىء أو قانون الغاب منذ 1981 ، ولكنه أساسا يقوم على الارهاب والقهر والتعذيب لارغام الناس على السكوت . أى هو نظام يقوم على استعمال القوة الصريحة المتبجحة ويباهى بها الى درجة نشر فيديوهات التعذيب فخرا وفجرا ( بضم الفاء ). ولكى يقنن بالباطل قهر الناس فهو يتخفى خلف قانون تجريم ( مقاومة السلطات ).. 

2 ـ تهمة مقاومة السلطات تكون قانونيةة وشرعية فى أى نظام شرعى يقوم على دستور حقيقى وقوانين تحفظ كرامة الانسان ، وحكومة تطبق القانون على الجميع ، ويراقبها برلمان منتخب ـ ويحكم فيها قضاء مستقل نزيه ، ويراقب الجميع رأى عام قوى واعلام شعبى حرّ . ويتمتع المواطن بحقوقه الانسانية و السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية . هنا تكون مقاومة السلطات جريمة . لأن المتهم المقبوض عليه لا حجة له فى مقاومة السلطة حين تقبض عليه ، لأن هناك نظاما قانونيا وقضائيا ودستوريا يحفظ حقوقه ، فلا يقبض عليه إلا بإذن قضائى ، ولا يتم استجوابه إلا فى حضور محامى عنه ، وهو ليس مجبرا على الاجابة على أى سؤال إلا بنصيحة محاميه ، ثم يخرج بكفالة حتى مع قوة الأدلة ضده ، ثم هناك محاكمة عادلة تنتظره ، يتساوى فيها ممثل الادعاء والمحامى أمام القاضى و المحلفين ، وكل منهما ملزم بالشفافية أمام القاضى ، يعرض أدلته ويناقش شهود الاثبات والنفى . والمتهم حقوقه مصانة ، له أن يدافع عن نفسه ، وتعين له المحكمة محاميا لو عجز عن توكيل محامى . إذن لماذا يقاوم السلطات إلا إذا كان مجرما خارجا على القانون وعدوا للمجتمع ؟ 

3 ـ ينقلب الحال مع وجود حكم يقوم على الغصب والقهر وارهاب المواطنين بالتعذيب وحكم الطوارىء وقانون الغاب .هنا يكون المواطن ضحية ، عليه أن يمنحهم ظهره للركوب ، ويطأطىء رقبته للصفع ، ويعطى مؤخرته للركل وما هو أفظع من الركل . ولا بد أن يعايش الذّل وأن يتصالح مع القهر وأن يرضى بالضرب والركل و الصفع على أنها حق للظالم واعوانه يمارسه فوق جسد المواطن كيفما شاء ووقتما شاء . فإذا رفض الضرب والصفع والركل والتعذيب ، ورفع حاجب الدهشة مستغربا أو محتجا واجهته تهمة مقاومة السلطات .!!

4 ـ ليس هذا عدلا فى أى قانون وضعى وطبيعى ،و هو مناقض لشريعة الرحمن جل وعلا .كل القوانين الوضعية العادلة تؤسس حق الفرد فى الدفاع الشرعى على النفس والمال والعرض. وشريعة الله جل وعلا تجعل تلك المقاومة جهادا وقتالا فى سبيل الله جل وعلا ، وفرضا على المظلومين لو كانت لديهم الكفاءة للقيام به ، فلو تعذرت تحتمت عليهم الهجرة من أرض الظلم الى أرض للحرية ، فلو لم يهاجروا فمصيرهم النار ، فلو تعذرت عليهم الهجرة ( فلعل) الله جل وعلا يغفر لهم .( النساء 97 : 99 )

5 ـ فى مصر منظمات لحقوق الانسان وفيها أساطين القانون ونقابة محامين وكليات للحقوق ، ومتقفون ومفكرون من كل الاتجاهات والخلفيات الدينية والثقافية ، وحسب علمى لم يناقش أحدهم شرعية ذلك التجريم لمقاومة السلطات الاستبدادية فى ظل حكم اللاقانون ؟ ظل هذا القانون الجائر مسكوتا عنه حتى أضحى من المعلوم بالضرورة للقاصى والدانى ، ويدفع ثمنه المصريون من النشطاء و البسطاء ـ على السواء ، فى الاعتقال العشوائى وغير العشوائى ، وهم له مستسلمون خوف الاتهام بمقاومة السلطات .!

6 ـ السكوت عن هذه الخطيئة المسماة بتجريم مقاومة السلطات المغتصبة للحكم ترتب عليها استسلام المواطن المصرى لأى مخبر شرطة أو أمين شرطة أو ضابط شرطة ، يقتحم عليه بيته و يهين كرامته أمام زوجته وأولاده ، بل ويعذب الجميع فى بيوتهم وفى الشارع وليس فقط فى أقسام الشرطة ومقار مباحث أمن الدولة .

السكوت عن هذه الخطيئة أعطى استحقاقا لأفراد الشرطة فى قهر وتعذيب المواطنين والاستطالة عليهم  بلا رادع ولا حسيب ، فالنظام يحميهم و يبرر جرائمهم ، ولو وصلت الى القضاء فقد تم تجميدها حتى ينساها الناس .

السكوت عن هذه الخطيئة جعل معظم العاملين فى الشرطة أمن الدولة مرضى بالسادية و مدمنين لاستعمال النفوذ و الانغماس فى البلطجة و الاتاوات وفنون الفساد . وبها تحولوا من حماة للمواطنين الأبرياء الى مجرمين محترفين يتفوقون على المجرمين العاديين ، بل أصبح التعاون بينهم وبين عصابات الاجرام والبلطجة سائدا ومستقرا ومستمرا . والضحية هو المواطن البرىء الشريف .

السكوت عن هذه الخطيئة جعلنا نرى نماذج لا يمكن تصورها . يقبضون علنا على الشاب خالد سعيد فى مقهى أمام الناس ، ويضربونه أمامهم و هو يصرخ ولا يهب أحد لنجدته ، ثم يطوفون به الشوارع يسحلونه ويضربونه ، وهو يتوسل لهم حتى لا يموت بين أيديهم ، ثم  يحطمون رأسه علنا فى  جدران الشوارع حتى يموت بين أيديهم . ثم يتركونه فى الشارع عبرة . ومجموعة من الشرطة تقتحم بيت مواطن وتلقى به من الشرفة ، وأخرى تنتهك حرمة زوجة فى بيتها أمام زوجها وأولادها فتموت منتحرة من الخزى والعار ..

هل نحن فى مصر أم فى غابة ؟ أم تحولت مصر الى غابة ؟ فعلا تحولت مصر الى غابة بمعايشة قانون الطوارىء ثلاثين عاما . وأدمن المصريون الخضوع والذّل وتحمل الاهانات حتى التعذيب والموت قتلا ، كل ذلك  خوفا من الاتهام بمقاومة السلطات .

 7 ـ وهذا الخوف من الاتهام بمقاومة السلطات لم يمنع الظالمين المجرمين من تلفيق تلك التهمة الى الابرياء والمستضعفين ، يضربونهم ويعذبونهم ويسجنونهم بل ويقتلونهم، ثم يتهمونهم ظلما بمقاومة السلطات . أى ما أغنى عن المصريين شيئا طاعتهم لذلك القانون الظالم الجائر .. فلماذا يحترمونه ويهابونه ؟

8 ـ الإجابة فى ( ثقافة العبيد) التى تشربها المصريون منذ عهد عبد الناصر ، والتى جعلت من مقاومة الظلم جريمة تحت شعار مقاومة السلطات . ولأن الله جل وعلا لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم فلا بد للمصريين أن يتخلصوا من ثقافة العبيد والرضى بالذل والهوان ، وأن يتعلموا من درس البطل التونسى الذى أحرق نفسه احتجاجا على اهانة كرامته .

فارق كبير بين هذا البطل التونسى الأبىّ وبين منتحرين مصريين بسبب الفقر والجوع والعجز عن تدبير نفقات الأولاد وعدم تكافؤ الفرص والبطالة . دفعتهم ثقافة العبيد لقتل انفسهم دون مواجهة الظالم المتسبب فى ذلهم وقهرهم . لم يفكر أحدهم أنه طالما قررالانتحار فليجعل لموته قيمة بأن يفعل ما فعله البطل التونسى ، أو أن يلقى بنفسه وسط العدو يقتلهم ويقتل نفسه فى عمل فدائى يلهب مشاعر المظلومين ويوقد فيهم حمى المقاومة المشروعة .المنتحرون المصريون لم يفعلوا ذلك لأنهم خافوا من قانون مقاومة السلطات. لم يخافوا من الموت ولكن خافوا من قانون مقاومة السلطات .!!  هذا عار ضخم ، أضخم من أهرامات الجيزة . وهو مجرد عرض من أعراض ثقافة العبيد التى ارضعتها لنا ثورة يولية غير المجيدة .

9 ـ آن الأوان لأن يقتنع المصريون بأن مقاومة السلطات هو جهاد واجب ، إما مقاومة سلبية بالهجرة أو مقاومة سلمية بالاعتصام والاضراب والتظاهر ، أو مقاومة فعلية بالدم والحديد والنار .

وحتى نضع النقاط فوق الحروف فالعدو الأكبر هو مبارك وجوقته ، والعدو الماثل هم شرطته وأمن دولته ، والمأمورون بالمواجهة هم المصريون المستضعفون فى الأرض المقهورون ، وليس المجرمون الخارجون عن القانون الطبيعى .

هذه ليست دعوة للفوضى بل لانقاذ مصر من فوضى قادمة . وليست دعوة لسفك الدماء بلا سبب لأنهم يسفكون دماء الأبرياء بلاسبب ، ونحن فقط ندعو للحق فى الدفاع عن النفس طبقا للقانون الانسانى و الشريعة الالهية .

مقاومة السلطات الظالمة جهاد وفرض عين وشرف وعزّ وكرامة ، طالما يصمم مبارك على تعذيب المصريين وقهرهم منذ 1981 . إن للصبر حدودا .. وقد تجاوزنا حدود الصبر من عشرين عاما .. وجربنا النصح السلمى واستنفدنا كل الوسائل السلمية فلم يزدد مبارك إلا عنادا وتصميما على قتل المصريين وتعذيبهم . بل هو يستهدف أساسا المصلحين المسالمين ، ويقتل الذين يأمرون بالقسط من الناس .

أخيرا

1 ـ  نشعر بالعار حين نقارن أنفسنا بتونس . عدد سكان تونس أقل كثيرا من عدد الذين سجنهم مبارك وقتلهم منذ عام 1981 وحتى الآن . دخل الفرد التونسى أضعاف دخل المصرى ، ومعاناة التونسيين  تحت حكم بن على أقل كثيرا من معاناة المصريين تحت حكم مبارك . وبن على حكم 23 عاما (فقط ) بينما يحكم مبارك من ثلاثين عاما ولا يزال ..ومع ذلك ثار التونسيون بينما لا يزال المصريون يتحملون ..هل بعد هذا عار ؟ 

2 ـ لا يكفى أن يتظاهر المصريون يوم 25 يناير القادم بسبب التعذيب ، بل لا بد أن يتظاهروا ويستمروا فى التظاهر الى ان ان يرحل مبارك .وإذا كان عسكر مبارك يجهز اسلحته لذبح المصريين و يقوم بصيانة معداته للهجوم على المتظاهرين فليتسلح المصريون بعزيمة قوية مؤسسة على أن مقاومة السلطات جهاد واجب وفرض عين ، والنفس بالنفس و العين بالعين ..والجروح قصاص .. هذا شرع الله جل وعلا.. أليس كذلك ؟

 أحسن الحديث وخير الكلم :

(  فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا الَّذِينَ آمَنُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُواْ أَوْلِيَاء الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُواْ رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالآخِرَةُ خَيْرٌ لِّمَنِ اتَّقَى وَلاَ تُظْلَمُونَ فَتِيلاً أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ  ) ( النساء 74 : 78 )

اجمالي القراءات 16086