يحيا الهلال مع الصليب

حمدى البصير في الأحد ٠٢ - يناير - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

يحيا الهلال مع الصليب .. شعار 2011

بقلم حمدى البصير

أهم الدروس المستفادة من حادثة الإعتداء على كنيسة القديسين بالأسكندرية فى أول ساعات العام الجديد2011 ،هو عدم إلصاق تهمة الإعتداء بمسلمين "مصريين " رغم الهجوم التلقائى والأثم على المسجد المقابل للكنيسة، فقد كان ذلك الهجوم وليد لحظة إنفعال من موتورين ، وأدرك الجميع بسرعة إن أسلوب الإعتداء على الكنيسة بسيارة مفخخة يشبه الطريقة اللبنانية سابقا والعراقية حاليا فى تنفيذ ا&aacutcedil;لعمليات الإرهابية ، بل إنه تم الإعتداء على كنيسة عراقية منذ بنفس أسلوب الإعتداء على كنيسة الاسكندرية وفى إطار تهديد تنظيم القاعدة أيضا والذى توعد بمهاجمة كنائس مسيحيين فى العالم العربى خاصة بمصر .

ورغم الإعتداء الإنفعالى على مسجد الاسكندرية المقابل للكنيسة المعتدى عليها ، بعد العملية الإنتحارية ضد الكنيسة مباشرة والسباب والشتائم التى يعاقب عليها القانون وثير فتنة طائفية ، والتى وجهها بعض الأقباط إلى المسلمين ، إلا أن المصريين السكندريين من المسلمين تجاهلوا تلك البذاءات وكانوا على مستوى المسؤلية وقدروا الموقف جيدا ، وتعاطفوا مع الأقباط ، وأسرع البعض منهم بجمع الجثث والأشلاء من أمام الكنيسة بعد التفجير مباشرة ، وتسابقوا لنجدة المصابين ، دون تفرقة بين مصاب مسلم وأخر مسيحى ، وسارع بعض المسلمين لنقل المصابين إلى المستشفيات المجاورة بسياراتهم الخاصة ، وتبرعوا بدمائهم لإخوتهم الأقباط.

بل وشارك مسلمون مع مسيحيين فى مظاهرات نددت بالإرهاب ، واكدت على الوحدة الوطنية ، ولم تكن تلك المظاهرات فى الأسكندرية فقط صبيحة يوم الحادث ، ولكنها إمتدت إلى القاهرة ، خاصة فى شبرا والتحرير وامام الكاتدرائية المرقسية بالعباسية ، وكان الهتاف الإبرز فى تلك المظاهرات هو " يحيا الهلال مع الصليب " وهو هتاف متوارث منذ ثورة 1919.

ولكن لم تخلو بعض المظاهرات من مشاعر غضب وكلمات مرفوضة تعكس إحتقان طائفى وإحتجاجات مكتومة ،وجهت إلى الحكومة ورجال الأمن ، وكان أسوأ تلك المظاهرات هى مظاهرة الزبالين فى منشية ناصر يوم الاحد الماضى ، والتى إنتهت بقطع طريق الأوتوستراد لوقت قصير ، ولكن سرعان ماتدخل رجال الشرطة وفضوا المظاهرة وأعادوا الزبالين إلى أماكنهم الطبيعية .

وأيضا تضامن بعض المسلمين مع جيرانهم المسيحيين أثناء أحداث العمرانية فى نوفمبر الماضى ، ولاسيما عندما إضطرت الشرطة إلى التدخل وفض مظاهرة كبيرة ،وإستخدمت القوة ضد المتظاهريين الأقباط المتجاوزين ، وأسرع نفر غير قليل من المسلمين بعلاج حالات إختناق لبعض المسيحيين نتجت عن إصابتهم بالقنابل المسيلة للدموع ،التى ألقتها الشرطة عليهم أتناء المواجهات ، بل أن البعض الأخر كان يقوم بإخفاء نشطاءأقباط فى بيوتهم بعد أن شاركوا فى المظاهرات وقام الأمن بمطاردتهم ، رغم أن قساوسة العمرانية لم يحصلوا على ترخيص لتحويل مبنى إدارى إلى كنيسة .

ولم يغضب المسلمين ولم يقوموا بمظاهرة مضادة بعد ذلك ، ولاسيما بعد أن طالب بعض المحتجين الأقباط أمريكا بالتدخل لحمايهتم من إضطهاد وإعتداءات المسلمين ، وتصويرالبعض الأخر هجوم رجال الشرطة عليهم بأنهم مثل الإسرائيلين الذين يهجمون على حماس ، او بعد إعتداء متهورون اقباط على مبنى محافظة الجيزة وتدمير واجهته وبعض مكاتبه .

ولم يحتج مسلمون عندما إدعى أحد رجال الدين المسيحى الكبار إن القرأن الكريم محرف وإضيفت إليه بعض الايات بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم .

ولم يثور المسلمون عندما وصف بعض المتطرفين الأقباط فى غرفهم السرية بالإنترنيت الرسول الكريم محمد باوصاف لا تليق ، وهللوا للرسول المسيئة للرسول .

وبعد الحادث الدموى فى الأسكندرية والذى وقع مع أولى نسمات العام الجديد والذى أغضب الأقباط والمسلمين معا وأوجع قلوبهم .. ندد الأزهر الشريف بتلك المجزرة ، ووصفه مفتى الجمهورية الدكتورعلى جمعة بالعمل الجبان ، بل إن جماعة الإخوان المسلمين " المحظورة " أصدرت بيانا ووصفت هذا العمل بالشنيع وإن مرتكبيه غير مسلمين .

ولكن السؤال الأن لماذا هذا الإحتقان الطائفى ، ولما يتزايد عند الأقباط يوم بعد يوم ؟

ولماذا لم تتبع الدولة أسلوب المصارحة والمكاشفة لحل قضايا الأقباط المعلقة ، بدلا من تجاهل بعض المطالب المشروعة للأقباط ، بدلا من الحلول الجزئية والمسكنات والأكتفاء بموائد الوحدة الوطنية ،والعناق القبطى الإسلامى فى المناسبات خاصة على مستوى القيادات ؟ .

فهناك 10 مطالب للأقباط ، بعضها ممكن الإستجابة إليه من قبل الدولة ، والبعض الاخر قابل للتفاوض حوله للوصول إلى حلول وسط ، وهناك مطالب مستحيل تحقيقها على الأقل فى المرحلة الحالية ، لسبب بسيط أن الأقباط يعيشون فى دولة يعتنق غالبية سكانها الإسلام .

والمطالب العشر للأقباط هى :

إصدارقانون موحد لدور العبادة وإتاحة حرية بناء الكنائس

خروج قانون للأحوال الشخصية للأقباط إلى النور.

تدريس التاريخ القبطى وإنهاء التمييز فى التعليم

إلغاء المادة الثانية من الدستور التى تجعل الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع

استعادة الأوقاف القبطية

إلغاء خانة الديانة من البطاقة الشخصية واستمارات الوظائف

إعطاء نسبة أكبر  للأقباط فى الوظائف القيادية

إنهاء التمييز فى الإعلام الرسمى

تمثيل أكبر فى الحياة السياسية ، خاصة على مستوى الوزراء ونواب مجلس الشعب

حرية التحول من دين لآخر دون أن يكون القبطى أو المسلم مرتدا

تلك هى مطالب الأقباط ، والتى يجعل البعض منها ، خاصة أقباط المهجر ، ذريعة للتدخل فى شؤننا الداخلية وبوابة للإستقواء بالخارج .

ويجب أن نعلم جميعا كمصريين ، افباط ومسلمين أن الغالبية العظمى من هذا الشعب مسلمين ، والدولة تراعى فى تعاملها مع الشان القبطى ، تلك الحقيقة ، وإعطاء الاقباط كل هذه الحقوق يعنى إخلالا بالأمن القومى والإجتماعى ، لإن مسلمى امريكا وأوربا يعتبرون أقلية فى مجتمع مسيحى ، رغم إن تلك الدول تطبق الديمقراطية بحذافيرها ، وترعى حقوق الأنسان بدقة شديدة .

فإذا حصل الأقباط على كل تلك الحقوق فهذا يعنى أن التطرف الإسلامى سيذداد ويطل الإرهاب الأسود برأسه مرة أخرى ، وستحدث فتن طائفية يومية ،وهذا مخالف تماما للإستقرار والأمن الإجتماعى .

ولكن لامانع من ان نتحاور من اجل أن يحصل عنصرى الأمة مسلمين وأقباط على حقوقهم ومطالبهم ، لأننا نعيش فى وطن واحد وهمومنا واحدة ويقع علينا ظلم واحد ، ونكتوى بنار الأسعارونعانى من نفس الظروف الإقتصادية الصعبة.

وليكن طريقنا من أجل المزيد من الحوار والتواصل أن نجعل شعار " يحيا الهلال مع الصليب " هو شعار عام 2011 وليكن نهاية هذا العام هو بداية لعلاقة صحيحة وصحية بين المسلمين والأقباط يشارك فى صياغتها رجال الدين المعتدلين من الطرفين والمثقفين ومنظمات المجتمع المدنى دون ادنى تدخل من الخارج، بعد أن بدأ هذا العام بداية دموية أتمنى ألا تتكرر ولايصاب اى مصرى فى عقيدته مسلما او مسيحيا .

 حمدى البصير

elbasser2@yahoo.com

 

 

 ال

اجمالي القراءات 12517