مستقبل اللا مستقبل ؟

عمرو الباز في السبت ٠١ - يناير - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

 

 

حزب حاكم يحاول أن يتمايز عن الحكومة وأجهزتها الإدارية والأمنية. هذا هو انطباع الكثيرين من  المصريين وغيرهم ممن تابعوا المؤتمر السنوي السابع  للحزب الوطني الديمقراطي الحاكم . فهذا شيء جديد غير مألوف منذ نصف قرن من الزمن. فعندما ألغيت الأحزاب السياسية عام 1953، أقيم تنظيم سياسى فضفاض تابع للدولة وملحق بأجهزتها تغير اسمه من "هيئة التحرير" إلى "الاتحاد القومي" ثم إلى الاتحاد الاشتراكي العربي.
حين حدث التحول إلى التعدد الحزبي عام 1976، أنشئ حزب للحكوم&EacuEacute; يقف وراءها. فلم يكن حزب مصر العربي أكثر من امتداد للاتحاد الاشتراكي، ولكن في إطار مختلف يتسم بالتعددية المقيدة بدلا من الأحادية.
وعندما خلفه الحزب الوطني الديمقراطي عام 1978، لم يتغير الأمر كثيرا، فظل حزبا حاكما بالاسم فقط، إذ لم يكن له دور في تشكيل الحكومة ولا في وضع برنامجها وتحديد سياساتها.
ولذلك لم يهتم  الشعب في مصر كثيرا بهذا الحزب وتراوحت نظرتهم إليه بين اعتباره "ديكورا" لزوم المظهر الديمقراطي، وأداة تستخدمها الحكومة فى أوقات الانتخابات لضمان الغالبية فى المجالس النيابية، وبالتالي الاطمئنان إلى تمرير ما تريده من تشريعات وسياسات.

ونادرا ما كان المؤتمر العام للحزب الوطني الديمقراطي يجذب انتباه المصريين عامة وصفوة، مثلهم فى ذلك مثل وسائل الإعلام المختلفة. وحتى الإعلام المصري الرسمي، الذي كان مضطرا لتغطيتها، تعامل  معه بصورة روتينية. وما كان له أن يفعل غير ذلك مع مؤتمرات باهتة فاترة لا تمثل حدثا ولا يحدث فيها شيء يلفت الأنظار.

الحزب الوطنى ليس حزب شعارات او عبارات مرسلة وجوفاء لا مضمون لها . وان الحزب لا يعطى وعد الابعد  إجرء الدراسات وتوفير الميزانيات اللازمة وخطة التنفيذ وايضا البرنامج الزمنى لها . لا وقت للكلمات والخطب الرنانة والشعارات الانتخابية «.. هذا ما يمكن أن نصف به مؤتمر الحزب الوطني لهذا العام..

 

من هذه الكلمات الى احمد عز  نبدا مقالنا والذى يتضمن القاء الضوء على شعارات الحزب الوطنى على مدار مؤتمراته السابقة .  
يذكر ان المؤتمر السنوى للحزب يتكون  من اعضاء الهيئة العليا للحزب واعضاء المكتب السياسىواعضاء الامانة العامة واعضاء مجلسى الشعب والشورى بالحزب واعضاء الأمانات المركزيةوأعضاء المجلس الأعلى للسياسات وأعضاء هيئات مكاتب المحافظات وامناء الاقساموالمراكز والامناء المساعدين وامناء التنظيم و5% من امناء الوحدات الحزبية فى فى كلمحافظة.
يذكر أن الحزب الوطني عقد 7 مؤتمرات سنوية خلال الفترة من 2003 حتى2010  ، ففيسبتمبر 2003 عقد المؤتمر السنوى الأول تحت شعار  "الفكر الجديد وحقوق المواطن"  وعقد المؤتمر السنوي الثاني في سبتمبر 2004تحت شعار" الفكر الجديد وأولويات الإصلاح" كما عقد المؤتمر السنوى الثالث تحت شعار"الفكر الجديد والعبور للمستقبل" فى سبتمبر 2005.

و عقد الرابع خلال الفترة من 19 الى 21 سبتمبر 2006 تحت شعار " فكر جديدوانطلاقة ثانية نحو المستقبل "  وعقد المؤتمر الخامس خلال الفترة من 1الى 3 نوفمبر 2008  تحت شعار " فكر جديد لمستقبل بلدنا . وعقد المؤتمر السادس تحت شعار ( من أجلك أنت ) .و تحت شعار (علشان تطمن على مستقبل ولادك). عقد المؤتمر هذا العام .فقد تزامن ذلك مع تفاقم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد بسبب اضطراب السياسات المصرفية والنقدية،  وجاء بعد احداث الانتخابات البرلمانيه ونجاح معظم مرشحين الوطنى وانسحاب مرشحين الوفد والاخوان .

ولذلك كان على مؤتمر الحزب أن يعطي اهتماما كبيرا للقضايا المتعلقة بهذه الأزمة، والتي تمس حياة المواطنين بشكل عام، إلى جانب مسألة التطوير والإصلاح. وربما كان من سوء الطالع أن تزداد الأزمة في الوقت الذي بدأ الجناح الإصلاحي في الحزب المصري الحاكم  أن يتحرك باتجاه التغيير السياسي، إذ صار عليه أن يوازن بين ضرورات اقتصادية واجتماعية عاجلة لا يمكن تأجيلها وإصلاحات سياسية قد لا تحقق النجاح المنشود في أجواء من القلق والترقب على صعيد المجتمع.

ولذلك جاء شعار المؤتمر (علشان تطمن على مستقبل ولادك   ) رسالة إلى الرأي العام الذي يسوده الاستياء من جراء احداث  الانتخابات الاخيرة  وايضا حاله الترقب بما ستسفر عنه الايام القادمه بخصوص الترشيح  للانتخابات الرئاسيه  . و الارتفاع المتزايد في الأسعار بصفة خاصة. جاءت  هذه الرسالة أن الحزب الحاكم معني بضبط سياسات الحكومة في المجالات التي تمس حياة المواطن مثل مجالات العمل والأجور والأسعار  ا          

 مهتم  بحل  قضايا  المواطن البسيط  من التعليم والنقل والمواصلات والأرض الزراعية، مثلما هو مهتم بتدعيم حقوق المواطن السياسية والمدنية
فالتغيير الذي بدأت بوادره بصورة مازالت أولية يواجه معضلة اقتصادية – اجتماعية لم تبرهن الحكومة الحالية على أنها تمتلك إمكانات حلها. وإذا كان مؤتمر الحزب قد انتهى باتفاق مع الوزراء الاقتصاديين على بعض السياسات والإجراءات ذات الطابع الفني التي يرى الإصلاحيون في الحزب أنها قد تكون مثمرة، فمن الضروري أن تكون هناك آلية حزبية لمتابعة تنفيذها. فكان معتادا أن تنتهي مؤتمرات الحزب بوضع توجيهات يتعامل معها الوزراء على أنها "لزوم العلاقات العامة" وبالتالي لا يلتزمون بها.

علشان تطمن على مستقبل ولادك  

فجأة تذكر المسؤولون بالحزب أن هناك شيئاً اسمهمواطنون، وأن هناك احتياجات ضرورية للشعب.. ولكن  ماذا  يقصد الحزب بكلمة مستقبل ولادك هل يقصد بها اولاد  الغلابة من الشعب  أم أبناء الدويقة الذين مازالوا بالشارع، أم يقصد بها  ابناء الجالسون على الكراسى  وابناء رجال الأعمال  الذين يحصلون على أراض  الدوله بسعر 10 جنيهات للمتر ليقيموا مساكن للشباب، وتقوم الدولة بتوصيل المرافق بأموال الضرائب، ثم يبيع الواحد منهم المتر بالآلاف. انا لا اعرف ما المقصود من هذا الشعار .

ولكن  ما وصلت اليه مصر الان جاء  نتيجه  ضعف الشعب  وزياده نفوذ الدولة البوليسة . وضعف الاحزاب السياسيه فى مصر ولذلك يصعب تطوير الحزب الحاكم في مصر من دون بناء النظام الحزبي بكامله وإعادة الحياة إليه. وقد لا يمكن تحقيق ذلك عبر دعوة الحزب الوطني، فيعتقد بعض من أبرز المتخصصين في شؤون الأحزاب المصرية أن أحزاب المعارضة القائمة الآن صارت عاجزة عن تطوير نفسها بعد أن فقدت معظم كوادرها الأكثر كفاءة وأصبحت تعاني حالة "جفاف جماهيري". وبعد احدات الانقسامات الاخيره فى الانتخابات البرلمانيه . التى كانت من الممكن ان تغير شكل الاحزاب ومدى قوتها اذا اتحدت هذا الاحزاب فى قرار واحد . ولذلك قد لا يكون في إمكان الإصلاحيين في الحزب الوطني إنجاز التغيير السياسي الذي يطمحون إليه من دون تخفيف القيود على حرية تكوين الأحزاب السياسية. فهذا هو المدخل لضخ دماء جديدة في شرايين النظام الحزبي التي أصابها التيبس.

فلا إصلاح حقيقيا ممكنا، حتى للحزب الحاكم نفسه، من دون إطلاق حرية تكوين الأحزاب بما يتيح تأسيس أحزاب جديدة أكثر قدرة على الحركة. وهذا تحد كبير أمام الإصلاحيين في الحزب الحاكم، لأن منهجهم يقوم على الإصلاح التدريجي البطيء الأمر الذى لا يمكن ضمانه في  الفتره القادمه الاصعب فى تاريخ مصر وفى ظل الصراعات داخل الحزب نفسه لان مصر مقبله على انتخابات اعتقد انها سوف تكون المحدد لمستقبل مصر القادم . 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اجمالي القراءات 10411