"أخشى على حياتي بعد إهدار أعلى هيئة أزهرية لدمي"
شاعر مصري يقاضي شيخ الأزهر ويتهمه بالتوقيع على "تكفيره"
أكد الشاعر المصري المعروف أحمد الشهاوي أنه يخشى حاليا على حياته، بعد صدور تقريرين لمجمع البحوث الاسلامية، أعلى هيئة فقهية في الأزهر "يتضمنان تكفيرا صريحا له، موقعين من شيخ الأزهر، معتبرا أن ذلك يعطي مسوغا للجماعات المتشددة بإهدار دمه.
وقال الشهاوي لـ"العربية.نت" إنه قام برفع أول دعوى قضائية ضد د.محمد سيد طنطاوي رافضا "الطعن في عقيدته دون حتى الاستماع إليه". واستغرب قيام جهاز مباحث أمن الدولة بتحويل الجزء الثاني من كتابه "وصايا في عشق النساء" إلى مجمع البحوث، ليكتب تقريره الثاني بالمصادرة معتبرا أنه يمس الدين بعد طرحه في الأسواق بعشرة شهور ".
واستطرد جهاز الرقابة على المصنفات الفنية قام اثر ذلك بجمع النسخ من المكتبات وباعة الصحف ومصادرتها.
وقال: شيخ الأزهر وقع على التقرير في جلسة لمجمع البحوث الاسلامية بعد أن كتبه شخص واحد وتمت الموافقة عليه بالتمرير. أنا استغرب من المؤسسة التي يرأسها أن تتبنى فكرا تكفيريا متشددا تجاه الفكر والرأي، مع أنها كانت طوال تاريخها مؤسسة تنويرية تعكس الاسلام المعتدل.
وأوضح "سبق أن قمت بابلاغ جهاز أمن الدولة بتهديدات بالقتل وصلتني من جماعتين اسلاميتين متشددتين باسم أنصار الاسلام وأنصار الله، إذا قمت بنشر الجزء الثاني، وهو تهديد تحديته حينها، بطبع هذا الجزء المصادر".
وأكد أنه سيرفع خلال الأيام القادمة دعوتين أخريين ضد عالمين بارزين في مجمع البحوث الاسلامية، هما د.عبدالرحمن العدوي ود.محمد رأفت عثمان، مطالبا بالحق المدني على الاتهامات التي وجهها كل منهما لعقيدته، والدعوة إلى تعزيره بالقتل.
من جهته، نفى د. رأفت عثمان عضو المجمع بشكل قاطع صدور أي تصريح منه بتكفير الشهاوي أو فيما يخص كتابه "الوصايا". وقال لـ"العربية.نت": لم يحدث مطلقا أن تناولت الكتاب أو اتهمت صاحبه بشيء. كل ما أعلمه أنه وصلت نسخة منه لمجمع البحوث، لكني لا اعلم شيئا بما تم بشأنه لأنه ليس من اهتماماتي".
ولم يتيسر الحصول على تعليق فوري من مكتب الأمانة العامة لمجمع البحوث برئاسة د. محمد ابراهيم الفيومي، لكن مصدرا أكد فحص الكتاب عند وصوله للمجمع فحصا أوليا وتكليف د. عبدالرحمن العدوي بكتابة تقرير عنه وهو ما حدث.
كان حمدي الاسيوطي محامي الشاعر الشهاوي طالب كلا من وزير الداخلية حبيب العادلي وشيخ الازهر الدكتور محمد سيد طنطاوي بوقف تنفيذ قرار مجمع البحوث الاسلامية بمصادرة كتاب 'الوصايا في عشق النساء' بدعوى تناوله الفاظا فاحشة.
وقال في عريضة دعوى هي الأولى من نوعها، قام بتحريكها ضد كل منهما "إن الفتوى التي اصدرها مجمع البحوث الاسلامية بمصادرة الجزء الاول من كتاب" الوصايا في عشق النساء" تضمنت كلمات من شأنها اهدار دم الشهاوي، حيث ورد بها انه كافر كفرا صريحا".
العشق النسائي
وأشارت الدعوى إلى أن "د.عبدالعظيم المطعني وهو استاذ بالأزهر صور الكتاب بأنه مثل 'بروتوكولات حكماء صهيون ويدعو الى العشق النسائي'. مشيرة إلى أن ذلك غير صحيح، لأنه "أحيا فنا ادبيا متروكا وهو فن الوصية ولم يعتمد الاقتباس او الاتكاء او الاعتماد على القرآن الكريم او السنة النبوية، وانما ارتكز عليهما بشكل عفوي، وفقا لتكوينه الثقافي والديني، وأن النصوص الشعرية والنثرية التي وردت في الكتاب قابلة للتأويل.
وتساءل الشهاوي في تصريحاته تعقيبا على هذه الدعاوى القضائية "لماذا يلجأ مجمع البحوث إلى نفس الشخص الذي كتب تقرير المصادرة والتكفير بخصوص الجزء الأول عام 2003، ليكتب التقرير الخاص بالجزء الثاني عام 2007 ، وهو د.عبدالرحمن العدوي؟".
وتوقع عدم حصوله على حكم قضائي لصالحه "فقط أردت اثبات أن كلام شيخ الأزهر ليس منزلا، وأن هناك في هذه المؤسسة الدينية العريقة من يقوم بالتكفير بدون أدلة شرعية، ومن هو أكثر تطرفا في أحكامه وأقواله ورؤيته للأمور، من الجماعات الاسلامية المتشددة التي تدعو للقتل بدلا من الحوار".
وواصل الشهاوي "طلبت في الدعوى القضائية إلزام الأزهر بتقديم نسخة من تقرير المصادرة الثاني الذي لم يظهره علنا حتى الآن مكتفيا بتسليمه لجهاز أمن الدولة".
واستطرد: لا أريد أن أكون ضحية لشيخ الأزهر أو لمجمع البحوث الاسلامية. يكفي تكفيري في المرة السابقة، فلا يمكن أن أكفر مرتين خلال أربع سنوات وأسكت ولا أدافع عن عقيدتي. أخشى على حياتي بسبب هذا التكفير، وكنت قد حاولت قبل التقرير الثاني الذي أصدره الأزهر اغلاق هذا الملف عندما علمت بأنه سيكون هناك استدعاء لي أمام النيابة العامة وقرار بالمصادرة، خصوصا أن جماعتي أنصار الاسلام وأنصار الله، ارسلتا تهديدات لي بالقتل في حالة نشر الجزء الثاني".
أوضح "أقدم بهذه الدعوى سابقة في الثقافة المصرية بعدم الخضوع لسلطة الأزهر، بل يجب مناقشته، وإذا كان يحولني إلى المحاكم فأنا استطيع أيضا فعل نفس الشئ، وعلى مجلس الدولة الفصل في الأمر".
كيف يكفرونني غيابيا؟
وقال أحمد الشهاوي "ينبغي ألا يفتون في أمر يخصني دون مناقشتي. قبل تكفيري والمطالبة بانزال عقوبة القتل أو التعزيز، كان لزاما عليهم الجلوس معي ومعرفة مدى تديني وايماني، فالتكفير ليس بهذه السهولة، خاصة إذا كان صادرا من أشخاص أكاديميين في أعلى هيئة فقهية للأزهر. لا ينبغي التشكيك في عقيدتي أيا كان الكلام المكتوب".
تابع: حصل اختراق خطير لهذه المؤسسة، لدرجة أن أساتذة كبار حاصلين على درجات الدكتواره في شتى العلوم الفقهية والشرعية، أكثر تشددا من المنتسبين إلى الجماعات الأصولية.
وعلل الشهاوي ذلك بأن "عضو مجمع البحوث الاسلامية د. محمد رأفت عثمان طلب في حوار صحفي إنزال عقوبة القتل بي، وكاتب التقريرين د.عبدالرحمن العدوي اتهمني بالكفر الصريح، وأملك نسخة من التقرير الأول تتضمن ذلك".
وأوضح أنه "تعمد في كتاب الوصايا في عشق النساء ذكر أشياء منسوبة للرسول وزوجاته والصحابة، كلها وردت في أحاديث صحيحة مجمع عليها وليس فيها أي شك".
ة
تابع الشهاوي "كنت في غني عن المشكلات التي حدثت لي بسبب (الوصايا في عشق النساء). الناس الآن لا ينظرون لي كشاعر بل باعتباري صاحب الوصايا. هناك أضرار كثيرة لحقت بي على المستوى الأدبي، فما معنى أن هناك كتابا شهيرا لي على حساب كتبي الأخرى، وما معنى أن أكون شهيرا وتنغص حياتي تحت سوط القتل والتهديد، والسباب والشتائم".
ويقول إن فتوى الأزهر بالمصادرة سببت له العديد من المشاكل خصوصا في منزل عائلته.
ويعمل الشاعر أحمد الشهاوي نائبا لرئيس تحرير المجلة النسائية "نصف الدنيا" التي تصدر عن مؤسسة الأهرام، وعضو الموسوعة العالمية للشعراء، وحائز على جائزة اليونسكو في الآداب وجائزة "كفا فيس" في الشعر.
من إصداراته ديوان ركعتان للعشق – الأحاديث – كتاب العشق- أحوال العاشق – كتاب الموت – الوصايا في عشق النساء – مياه في الأصابع – لسان النار.
ويقول عن نفسه إنه ابن عالم أزهري، وخروجه من بيئة صوفية ساعده على التعبير عن العشق والعاشق, وأن علاقته عميقة بالتراث الديني.
الشهاوي أصدر الجزء الأول من الوصايا عام 2003 والجزء الثاني عام 2006 مشيرا إلى أن الجزء الأول طبعته مكتبة الأسرة الخاصة بمهرجان القاهرة للجميع التي ترعاه زوجة الرئيس المصري السيدة سوزان مبارك، وباع ثلاثين ألف نسخة، وكتبت عنه مئات المقالات والدراسات والتعليقات في الصحافة العربية والأجنبية وترجم إلى العديد من اللغات من بينها اللغة الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والهولندية وتناولته صحف شهيرة مثل الجارديان البريطانية ، وشيكاجو تربيون الأمريكية.
تضمن الجزء الثاني 30 مقتطفا من القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة والأقوال المأثورة عن زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والعلماء والفقهاء من الأسلاف وأصحاب المذاهب، عن ما يسميه الكاتب العلاقة العشقية، ويحوي 167 وصية.