السودان يتجه نحو التقسيم..
تصريحات مثيرة لسلفاكير تدعو الجنوبيين للمرة الأولى للانفصال
سلفاكير
الخرطوم: في تصريحات مثيرة يكشف بها للمرة الأولى عن رغبته في تقسيم السودان، دعا رئيس حكومة جنوب السودان سلفاكير ميارديت الجنوبيين إلى التصويت لصالح استقلال جنوب السودان خلال الاستفتاء المقرر في عام 2011، زاعما إن بقاء السودان موحدا سيجعل من الجنوبيين "مواطنين من الدرجة الثانية".
وقال كير في كلمة ألقاها في ختام قداس أقيم في كاتدرائية القديسة تريزا في مدينة جوبا عاصمة الجنوب السوداني "إن مهمتي تقضي بقيادتكم إلى استفتاء 2011. إن هذا اليوم قريب جدا وإني على ثقة بأننا سنشارك فيه".
ونقلت صحيفة "الشرق الاوسط" اللندنية عن كير قوله مخاطبا المواطن الجنوبي "عندما تصل إلى صندوق الاقتراع سيكون الخيار خيارك. هل تريد التصويت للوحدة لتصبح مواطنا من الدرجة الثانية في بلدك؟ الخيار خيارك".
وتابع كير قائلا "إذا أردت التصويت للاستقلال، فستصبح عندئذ شخصا حرا في بلد مستقل. سيكون الخيار خيارك وسنحترم خيار الشعب".
وتعهد كير قد تعهد في تصريحات سابقة له بعدم إرغام أو إجبار مواطني جنوب السودان على التصويت لصالح الوحدة، وأكد أنّ الخيار مكفول لهم وفقا للاتفاقية إما بالتصويت للانفصال أو التصويت لصالح الوحدة، داعيا إلى ضرورة إرساء الأسس القويمة حتى تكون الوحدة جاذبة لمواطني الجنوب. كما أكد على إبقاء علاقات متميزة مع الشمال في حال استقلال جنوب السودان في عام 2011 حيث تجرى عملية استفتاء لسكان الجنوب لتقرير مصيرهم.
ومن المقرر أن يقترع جنوب السودان المنتج للنفط في يناير عام 2011 على الانفصال، في استفتاء تحدد موعده في اتفاق السلام الذي أنهى الحرب الأهلية التي استمرت أكثر من 20 عاماً، مع الشمال. ويُعَدّ هذا الاقتراع قضية شديدة الحساسية في السودان
وأقام اتفاق السلام الشامل لعام 2005 الذي أنهى الحرب بين الشمال والجنوب حكومة ائتلافية في الخرطوم وحكومة متمتعة بحكم ذاتي محدود في الجنوب. والى جانب الاستفتاء وعد أيضا بإجراء انتخابات وطنية مقررة في فبراير عام 2010 وتقسيم عائدات النفط بين الجانبين.
ومن المتوقع على نطاق واسع أن يختار الجنوبيون الاستقلال في الاستفتاء لكن المحللين حذروا من خطورة العودة إلى الصراع إذا عرقل الشمال الاقتراع أو رفض تسليم السيطرة على حقول النفط الجنوبية المربحة.
وتأتي تصريحات سلفاكير عشية بدء تسجيل الناخبين للعملية الانتخابية في أبريل 2010، وهي أول انتخابات متعددة الأطراف منذ 1986 في أكبر دولة أفريقية.
وسيكون الرئيس السوداني عمر حسن البشير مرشح حزب المؤتمر الوطني الحاكم في هذه الانتخابات. إلا أن الحركة الشعبية لتحرير السودان (متمردون جنوبيون سابقون) بزعامة سلفا كير لم تسم مرشحها إلى الانتخابات الرئاسية حتى الآن.
عواقب انفصال الجنوب
كان سياسيون سودانيون حذروا في وقت سابق من مخاطر محتملة إزاء انفصال الجنوب وحددوا عدداً من المكاسب التي يمكن أن تتحقق حال استمرار السودان موحداً عقب الاستفتاء المرتقب في 2011.
ونبّه أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم د. عوض الكرسني لإمكانية ظهور دولة في منطقة البحيرات في حالة انفصال الجنوب، إضافة إلى إرتفاع معدل الجريمة بظهور عصابات تتحول إلى قوى رديفة، مضيفاً أنّ القوى الدولية تلعب دوراً كبيراً في خيار الوحدة والانفصال.
من جانبه، قال المحلل السياسي د. عطاء البطحاني إنّه في حالة الوحدة سيجني المؤتمر الوطني مكاسباً بتثبيت نفوذه الاقتصادي كسلطة حزب واحد وحدد خسائر الوطني في تعرضه لحراك سياسي غير مضمون النتائج، وأضاف أنّ الحركة الشعبية ستستفيد من تثبيت مقاعدها في الحكومة وتنمية الجنوب في حالة استمرار الوحدة، وتخسر بفقدان سيطرتها على البترول في حالة الانفصال، أمّا القوى الشمالية وحركات دارفور فستخسر في حال الانفصال دعم الحركة لها وستكسب في حال الوحدة حصر قوى الانفصال داخل الوطني،
أما حركات دارفور ستزيد عليها الضغوط في حال الوحدة للقبول بالحل السلمي، وقال إن الفاعلين الأساسيين في جعل خيار الوحدة جاذبة هم الشريكان والأحزاب الشمالية والأحزاب الجنوبية الأخرى.
ونقل موقع " حركة العدل والمساواة السودانية" الالكتروني عن د. عدلان الحردلو أستاذ العلوم السياسية، قوله: إن حظوظ حدوث انفصال أكبر، مشككاً في حدوث تغيير ما بين الشمال والجنوب من أجل خيار الوحدة، وأضاف كان يمكن أن يكون هناك نظام حكم فاعل بحسب اتفاقية السلام يقرب شقّة الخلاف ما بين الشمال والجنوب.
فيما أشار استاذ العلوم السياسية محمد عثمان ابو ساق الى أن دور التعبئة في عملية الوحدة ضعيف جداً، مضيفاً المجتمع السوداني يعاني من مشكلة عدم وجود القومية، في حين أوضح حسن حاج علي أستاذ العلوم السياسية بجامعة الخرطوم ان آليات الوحدة الجاذبة لم تعمل بالصورة المطلوبة قائلاً ما زال هناك عدم ثقة ما بين الشمال والجنوب.
أمّا أستاذ العلوم السياسية محمد أحمد الساعوري بجامعة النيلين فقال إن قرار الوحدة والانفصال مرتبط بالشريكين والأحزاب الشمالية والجنوبية وخص الشماليين داخل الحركة بالعمل من أجل الوحدة. في وقت حمل فيه أستاذ العلوم السياسية بجامعة الزعيم الزهري ابراهيم ميرغني السلطة السياسية مسئولية تنظيم ما أسماه بالتفاعلات والتعاملات ما بين الشمال والجنوب مضيفاً في حال الانفصال ستكون مكاسب المؤتمر الوطني أكبر مشيراً إلى أنّ الدولة السودانية قامت على مؤسسات خالية من التعبير عن المواطن.
تورط الموساد في تهريب الأسلحة للجنوبيين
كانت تقارير صحفية ذكرت في وقت سابق أن هناك شحنات كبيرة من الأسلحة بدأت تتدفق من مصادر مختلفة إلى جنوب السودان استعدادا ، على ما يبدو، لمواجهة حاسمة مع الخرطوم عام 2011 مع إجراء الاستفتاء المتفق عليه في اتفاقية السلام الشامل لتحديد مصير الإقليم.
اضافت التقارير إن جهاز الموساد الإسرائيلي يأتي في مقدمة أجهزة مخابرات دول عديدة متورطة في صفقات تهريب السلاح إلى جنوب السودان والتي تتدفق عليه بصفة أساسية من أوكرانيا.
في نفس السياق، ذكرت مصادر إخبارية إن جيش جنوب السودان يزيد عدد دباباته في وقت يزداد فيه التوتر بسبب تعثر تنفيذ اتفاق السلام مع الشمال.
ونقلت صحيفة "البيان" الاماراتية عن الجيش الشعبي لتحرير السودان قوله: "انه يمارس حقه في تحديث عتاده الحربي لكنه نفى تقارير عن تسلمه دبابات جديدة قائلا انه ليس في نيته استعداء الخرطوم".
وجاء في العدد الأخير لنشرة "جينز" الدفاعية الأسبوعية استنادا إلى صور بالأقمار الصناعية أن " جنوب السودان يجمع أسطول مدرعات ويعد لأي احتمال في نزاعه الطويل مع الخرطوم".
وتابعت: " طلب جنوب السودان شراء ما مجموعه 100 دبابة ونشرت جينز صورا التقطتها الأقمار الصناعية لمجمع للجيش الشعبي لتحرير السودان شمال شرقي العاصمة جوبا في مارس يضم دبابات مغطاة بأغطية مموهة أو موضوعة وسط نباتات في أنحاء المجمع".
وقالت: "إن 12 دبابة جديدة صورت في مايو/آيار وكلها بنفس شكل الدبابة الأوكرانية طراز تي ـ 72".واضافت "أن صور الأقمار الصناعية أظهرت أيضا أثار جنازير جديدة تمتد من مطار جوبا إلى المجمع "، مما يشير إلى أن هذه الدبابات نقلت جوا إلى السودان في أوائل مايو/آيار على الأرجح وتمت قيادتها حتى المجمع.
وأشارت إلى أنها لم يمكنها أن تثبت أن الدبابات التي صورت قرب جوبا في مايو هي نفسها الدبابات طراز" تي ـ 72 " التي تم العثور عليها على ظهر سفينة أوكرانية خطفها قراصنة صوماليون في سبتمبر/ايلول من العام الماضي.
وتتزامن تلك التقارير مع أخرى ذكرت في وقت سابق إن الحكومة السودانية تعتزم نشر آلاف من قواتها إلى الجنوب قرب حدود انتشار قوات الجيش الشعبي الذراع العسكري للحركة الشعبية تحسباً لأية خطوة انفصالية من اتجاه واحد قبيل إجراء استفتاء حق تقرير المصير لسكان جنوب السودان بعد 18 شهراً حسب اتفاق السلام الشامل الموقع في نيفاشا عام 2005.
وقالت التقارير: إن الخرطوم "ستستعين بحلفائها في الدول الإسلامية وفي روسيا والصين حيث تقرر دعمها بحوالي 100 طائرة حربية" وسط حديث متنام عن مخاطر انفصال جنوب السودان على الاستثمار العربي عامة وعلى مصر على بوجه الخصوص حيث تربطها اتفاقات مياه النيل ولكن قيام دولة جديدة سيقلل بالطبع من الحصة المصرية.