يوم جديد عاشته الجالية المسلمة فى ألمانيا وهى تتابع باهتمام كبير وقائع الحلقة الثانية، أمس، من محاكمة المتهم بقتل الصيدلانية المصرية مروة الشربينى فى مدينة دريسدن الألمانية فى جلسات تستمر ١١ يوما وسيتم خلالها الاستماع لأقوال نحو ٣٠ شاهدا قبل صدور الحكم فى ١١ نوفمبر المقبل.
وعلى عكس ما حدث فى أولى جلسات المحاكمة، أمس الأول، خلع المتهم «أليكس دبليوفينز» نظارته الشمسية بناء على رغبة رئيسة القضاة بيرجيت فيجاند، ولاتزال إجراءات التفتيش الأمنية المشددة تطبق على المحامين والشهود والجماهير والصحفيين المصرح لهم بحضور الجلسة.
وأدلى قاضى محكمة دريسدن توم ماجافسكى بشهادته أمام المحكمة، أمس، بصفته رئيس الجلسة التى شهدت وقوع جريمة القتل فى يوليو الماضى، فيما استمعت المحكمة لأقوال الطبيبة الشرعية التى أثبتت إصابة مروة بـ ١٨ طعنة وجهها لها «المتطرف» الألمانى على أنه سيتم استدعاؤها مرة أخرى أثناء المرافعات الشفوية، الأسبوع المقبل.
قال حمدى خليفة، نقيب المحامين المصريين، لـ«المصرى اليوم» فى اتصال هاتفى من دريسدن الألمانية إن الطبيبة الشرعية أفادت من خلال تقريرها الذى قدمته للمحكمة بأن المدة الزمنية التى كانت بين الطعنات قليلة وأنها بدأت بمنطقة أعلى الظهر فى حين أن زوجها تلقى ١٦ طعنة ثم عاد الجانى لطعن مروة بعدما اشتبك مع زوجها فور سقوطها أرضا.
وأشار «خليفة» إلى أن محامى الجانى ناقش الطبيبة الشرعية من خلال سؤال «عديم الأهمية» حول سبب زيادة التجمع الدموى أسفل الجسم مقارنة بأعلى الجسم، فبادرته الطبيبة بأن هذا شىء طبيعى لأن القتيلة تلقت الطعنات الأولى فى منطقة أعلى الجسم.
قال «خليفة» إن المتهم التزم الصمت الكامل ولم يرد على أسئلة القاضية التى طالبته بالرد عليها حتى ولو بالإشارة والإيماء ولكنه رفض، مما دفع القاضية إلى توقيع غرامة عليه قدرها ٥٠ يورو.
فى إطار ردود الفعل الألمانية أكدت صحيفة «دير شبيجل» أن الحكومة تحاول تهدئة التوترات بعد رد فعلها الضعيف إزاء حادث الاغتيال، مشيرة إلى أن المسلمين فى ألمانيا يتهمون الحكومة بالتباطؤ الشديد فى التعبير عن أسفها إزاء الحادث، وهى تبذل جهدا مضنيا للحيلولة دون تفجر مظاهرات أثناء المحاكمة على غرار تلك التى ثارت أثناء أزمة الرسوم المسيئة للنبى محمد (صلى الله عليه وسلم) فى الصحف الدنماركية فى ٢٠٠٥.
وأشارت إلى أن تحليلا أجرته الخارجية الألمانية حذر من احتجاجات «عنيفة» أمام السفارات الألمانية فى الخارج، فى حين أن قوة عمل حكومية تسعى إلى الحيلولة دون وقوع ضجة فى وسائل الإعلام العربية، والتى من شأنها أن تحرض على تنظيم المظاهرات.
وكشفت الصحيفة أن الجانى مدمن للتدخين والخمر وألعاب العنف الإلكترونية، مشيرة إلى أنه بدلا من أن يسعى لمساعدته طبيا، تحول إلى الخمور وشرب حتى لترى خمر أو ١١ زجاجة من البيرة يوميا.
فى سياق متصل، توقع سفير مصر لدى ألمانيا رمزى عزالدين رمزى صدور حكم سريع وعادل فى القضية، معربا فى تصريحات مقتضبة نقلتها شبكة (سى إن إن) الأمريكية، أمس الأول، عن ثقته الكاملة فى نظام العدالة فى ألمانيا.
فى غضون ذلك، دعت مفوضة الحكومة الألمانية لشؤون الهجرة والاندماج ماريا بومر المتابعين للمحاكمة إلى التحلى بالتعقل وضبط النفس خلال متابعة القضية.
قالت بومر: «هذه الفعلة المفزعة خلفت مشاعر بالحزن والخوف فى كل من مصر وألمانيا ومناطق واسعة من العالم العربى، الأمر الذى جعل الملايين من الناس يتابعون سير المحاكمة باهتمام بالغ»، وأضافت: «والآن تتزايد أهمية الثقة فى نزاهة القضاء الألمانى واحترامه».
تابعت «بومر» تصريحاتها قائلة: «حتى أنا أصابتنى هذه الجريمة بالذهول وأظهرت تلك الحادثة أنه من واجبنا أن نعمل بطاقتنا القصوى من أجل تحقيق التعايش السلمى ونبذ العنف والعنصرية»، ووعدت بالاستمرار فى الوقوف إلى جوار زوج الشربينى وأقاربها قائلة: «لستم وحدكم».
من جانبه، طالب رئيس المجلس المركزى للمسلمين فى ألمانيا أيوب إكسل كولر السياسيين الألمان بموقف إزاء الجريمة، مشيرا إلى أنها «عكرت بشدة صفو العلاقات الألمانية مع العالمين العربى والإسلامى.. وسمعة ألمانيا تضررت كثيرا بسببها، وكما تعمل السياسة فى ألمانيا على مناهضة ظاهرة معاداة الإسلام فإن عليها فى نفس الوقت أن تناهض العواقب الناجمة عن مثل تلك الظاهرة».