الحجاب ولباس التقوى

وداد وطني في الأحد ١٤ - نوفمبر - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

15 

الحجاب ولباس التقوى

 

ان  الخطاب القرآني والذي هو مصدرنا الأول ـــ بل الوحيد ـــ في التشريع الديني قد تطرق لأمور كثيرة في شؤون حياتنا اليومية فهو كتاب محكم ومفصل أيضا كما قال الله تعالى:

((الر كتاب احكمت اياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير)).

والحجاب لا ينفصل عن مجمل وضع المرأة في ذلك الخطاب، فهو يسعى الى تغيير واقع المرأة في الجزيرة العربية عند نزوله والانتقال بها من وضع متردٍ الى وضع افضل، فوضع الاساس الذي يمكن ان تنتقل به المرأة الى وضع افضل وفق المستجدات التي تطرأ على الحياة الاجتماعية وحسب وضع كل مجتمع وتفاعله مع تلك المستجدات ويتم ذلك في اطار منهج الخطاب القرآني.

وأصبح لكل مجتمع اللبس الخاص بالمرأة ونوع الحجاب الذي تستعمله

والحجاب ليس فريضة تعبدية كما يدعي المتفيقهون وانما زي اجتماعي له تقاليده الخاصة في كل مجتمع .

ولكن ظهر في المجتمعات الاسلامية في العقود الثلاثة الاخيرة من القرن الماضي لبس يسمى اسلامياً!!

وحتى هذا اللبس فيه اختلافات! فنجد بعض النساء يغطين اجسادهن بجلباب ووجوههن بحجاب وايديهن بقفاز وارجلهن بجراب!!

مما يظهر المرأة في المحصلة كتلة بشرية مغطاة بالاقمشة!!

والعجيب في الأمر ذلك اللون الأسود الذي لم ينزل الله به من سلطان!!

بل هو ليس من عاداتنا وتقاليدنا!!

فنحن مثلا في الجنوب وغالبية المناطق بالمملكة كان نساءنا يرتدين أشبه ما يكون الآن بما يسمى بـ (شرشف الصلاة) والذي ترتديه النسوة الآن وقت الصلاة..

فمن ألبسهن هذا السواد؟!

ومن المعروف أن اللون الأسود يمتص الحرارة فكأنهن يسرن في فرن متحرك!! والبعض الآخر يلبسن نفس الثياب ولكن يغطين اعينهن ببرقع تظهر منه العيون!!

ونوع ثالث لا يستعملن البرقع!!

وتستغنى أُخريات عن القفاز والجراب!!

وهناك انماط اخرى متفاوتة وتعتبر كل مجموعة ان لبسها هو اللبس الاسلامي، فدخل الحجاب محيطاً خارج القيم والاخلاق!!

ان اشكال الحجاب التي انتشرت في أيامنا هذه لا علاقة لها بالخطاب القرآني ومنهجه، لان ذلك الخطاب لا يمكن ان يكون عرضة لتقلب الأهواء وتجليات الايديولوجيات التي تتغير مع تغير التركيب الاجتماعي والوعي الثقافي.

ولعل اخطر ما في هذه التغييرات التي طرأت على الحجاب أمران:

الامر الاول: انه اقحام فوقي على تراث واعراف المجتمع. والسعي لاستبدالها او الغائها قسرا. وكأنما تلك الاعراف وذلك التراث لم يقم على اسس ولا يمثل دأب المجتمع الطويل، للوصول الى ما يناسبه من ازياء نسائية، فالاقحام القسري والغاء الماضي بالقوة يضر بالمجتمع. فالاصول الحضارية لكل مجتمع هي الاسس التي يقوم عليها تقدمه واقتحامه للمستقبل. ولكن الهوس الديني الذي يقوم على غسيل المخ، لا يرى الا شيئا واحدا هو الصحيح وما عدا ذلك هو الخطأ بل كفر!! ويجب مجابهته بالردع والعنف!! لانه يعيش حالة غياب الوعي التام.

والامر الثاني: ان تلك الانواع من الأحجبة فيها تقليد أعمى لمجتمعات اخرى، دون التبصر الكافي بظروف وواقع كل مجتمع على حده.

فالمجتمع القصيمي يختلف تماما عن المجتمع الحجازي والجنوبي عن الشمالي كذلك ولكن مع تبني الدولة رسميا لهذه الإيدولوجية العقيمة وللأسف أنتج لنا أفعالا مقيتة بإسم الله ورسوله حيث نرى تعطيل الحياة الإقتصادية كاملة لأكثر من ثلاث ساعات يوميا وقد اتي أمر الله بذلك فقط من يوم الجمعة..

((يا ايها الذين امنوا اذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا الى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون)).

ومع ذلك فإنهم يأمرون الناس بإقفال محالهم لأربع مرات يوميا!!

ويساقون بالسياط كالسوائم الى المساجد!!

وتضرب النسوة اذا خرجن بدون محرم!!

لذا فقد افرز ذلك هوسا دينيا لا صلة له بعقل العصر ولا بوعيه.

إن الحجاب الذي انتشر في المجتمعات الاسلامية في العقود الثلاثة الاخيرة من القرن الماضي، لا صلة له بالخطاب القرآني ورحابه الشاسعة المنفتحة.

ويبقى قوله تعالى: «ولباس التقوى ذلك خير».

 

اجمالي القراءات 19722