القرآن خطاب من الله للجن والإنس معا
فكل آيات القرآن موجهة للجن كما هى موجهة للإنس
ومن الجن من آمن ومنهم من كفر
ولما كان عالم الجن مختلفا عن عالمنا ، وغيب كامل بالنسبة لنا فلابد أن ما سيعنى الجن من هذا القرآن سيكون عموميات الدين وكلياته وليس فقط الشكليات السطحية كالحيض والجنابة والطهارة واللحية والسواك والخمار ... الخ الخ الخ
وبالنسبة لأمم الجن - ولأن عالمهم غيب مجهول بالنسبة لنا فإنك ربما تستشعر فى بعض المواضع بالقرآن شيئا من الغرابة فى التعبير أو حتى فى الأفكار .. وتشعر عندها أنها تعنى الجن أكثر مما تعنى بنى البشر.
ومن هذه المواضع مثلا - آية سورة البقرة
واتبعوا ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا .. الآية
وكذلك مجموعة الآيات المتعلقة بذى القرنين فى سورة الكهف .. فإن لدى اعتقاد راسخ تماما بأن هذا الملك كان من ملوك الجن المؤمنين ( وهو ذو قرنين ) وأن يأجوج ومأجوج هم من الجن وليسوا من البشر وإلا لماذا لم نكتشف محبسهم الى اليوم ؟
فهو أمر غير منطقى وغير مقبول علميا أن يكون مجموعة من البشر مقيدين معتقلين فى قمقم أو محبس مجهول كل تلك الآلاف من السنين – شىء سخيف غير مقبول عقلا
وبالتالى فإن الأقوام الذين اشتكوا من فساد يأجوج ومأجوج هم أيضا من عالم الجن
كذلك فإن غروب الشمس فى عين حمئة كلام لا يفهمه الا الجن .. فهم أدرى بالسماء وشموسها وحممها الملتهبة وأقطارها .. وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا
ثم ان مصطلحات مثل القطر الذى استعمله ذو القرنين فى بناء السد ( والذى أسال الله عينه أيضا لداوود وسليمان ) وقول ذى القرنين للقوم انفخوا أفرغ عليه قطرا هى أمور غريبة .. فبالتأكيد النفخ هنا ليس نفخا بشريا لأن نفخ البشر بأفواههم لا يجدى شيئا فى عمل ضخم كهذا لكن الأمر قد يختلف لو كان النافخون هم من الجان وهم أدرى بالنيران وأحوالها
نفس الغموض يكتنف مصطلح العين الحمئة التى تغرب فيها الشمس .. فنحن هنا أمام عينان .. عين القطر التى أسالها الله لداوود وسليمان والعين الحمئة التى جاءت فى سورة الكهف – ونحن لا ندرى شيئا لا عن عين القطر ولا عن العين الحمئة التى تغرب فيها الشمس وكلها مصطلحات يبدو أن المعنيين بها هم الجن فقط .. فتاريخ العلوم والى يومنا هذا لم يعرف للنحاس المصهور عينا ينبع منها أو ما يسميه القرآن بعين القطر - ونفس الكلام بالنسبة لمصطلح مثل شواظ من نار ونحاس تلك التى يقذف بها الجن من كل جانب كما ورد فى سورة الرحمن اذا هم حاولوا النفاذ من أقطار السموات والأرض وغير ذلك من المبهمات .. وهى كلها مصطلحات يعرفها الجن ويدركونها بوضوح لأنها تخصهم ولا تخصنا ولأنهم المعنيون بها ولسنا نحن.
قد يكون من الطريف أن نعيد تصحيح تصوراتنا عن الجن وقدراتهم ، فالكثير من الدجالين وأصحاب الكتب الصفراء - حتى المرحوم شيكسبير سامحه الله - يحلو لهم وصف الجن بأنهم مخلوقات صغيرة الحجم - وقال بعضهم انها فى حجم الخفاش وهذا نوع من الرجم بالغيب وكل ما يجب علينا أن نعلمه بشأن الجن هو ما ذكره القرآن من أن لهم قدرات كونية خارقة تمكن الواحد منهم من نقل عرش بلقيس مثلا من اليمن الى فلسطين فى ظرف دقائق معدودة أو تجعله يجوب السماء متسمعا الى الملأ الأعلى ويلقى فى ذلك من الوان الزجر العارم ما يلقى .. وكل هذا يصور لك ما يتمتع به الجان من قوى هائلة
ختاما
من الواجب علينا أن نمر بأمثال تلك المصطلحات القرآنية الغيبية مرور الكرام مفوضين الأمر فى فهمها لله تعالى وحده وبالتالى على الجن أن يفعل نفس الشىء فيما يتعلق بالآيات التى تتناول الشئون البشرية التى لا تخصه .
ومن هنا نستطيع الاستنتاج بأن فى القرآن منطقة مشتركة تخص الجن والإنس معا
هذه المنطقة هى جوهر الدين الخالص والهدى الحقيقى والباقى الى يوم القيامة وهى المنطقة الصالحة بالفعل لكل زمان ومكان.