آحمد صبحي منصور
في
الأربعاء ٠٥ - نوفمبر - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً
نص السؤال
آحمد صبحي منصور
إجابة سؤال الأستاذ عبد المجيد المرسلى : عن موضوع ( أيام نحسات ) و ( يوم نحس )
أولا :
في البداية ، هو سؤال هام لأن إجابته تكشف عن روعة القرآن الكريم في تصوير ما حدث لقوم عاد .
لقد كانوا يعيشون في ( الأحقاف ) وهى كتل رملية ، وموضعها الآن الربع الخالى في السعودية والامارات . ولكن هذه الرمال الضخمة كانت حدائق غنّاء بسبب الريح التي كانت سببا في هطول أمطار غزيرة . وبها كانت ثروتهم وقوتهم . إغتروا بقوتهم وكفروا بالله جل وعلا ورفضوا دعوة النبى هود عليه السلام .
عن إستكبارهم وغرورهم قال جل وعلا :
1 ـ ( فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ(15) فصلت ) .
2 ـ وعن كفرهم قال جل وعلا : ( وَاذْكُرْ أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بِالأَحْقَافِ وَقَدْ خَلَتْ النُّذُرُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ اللَّهَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (21) قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (22) قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِندَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ(23) الأحقاف ).
وعن وصف عذابهم قال جل وعلا :
1 ـ ( فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنصَرُونَ(16)فصلت ). الريح الصرصر هو الذى يتلف الأذنين فتعجز عن السمع . والسمع أساس في الإدراك .
2 ـ ( فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُّسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُم بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ(24) تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا فَأَصْبَحُوا لا يُرَى إِلاَّ مَسَاكِنُهُمْ كَذَلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ(25)الاحقاف ). إستبشروا بالريح المقبلة عليهم ، ولكنها لم تحمل لهم الخير كما إعتادوا ، بل حملت اليهم الهلاك . وهذا الهلاك إستمر حتى دمرهم جميعا فلم يبق سوى مساكنهم ، وهى الى غطتها الرمال فيما بعد .
3 ـ ( وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ(41) مَا تَذَرُ مِن شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلاَّ جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ(42)الذاريات ). مفهوم معنى الريح العقيم ، أي لا تنجب خيرا بل سوءا . وقد جعلتهم كالرميم ، أي لم يكونوا رميما بل مثل الرميم ، لأن عذابهم إستمر سبعة أيام كانوا أحياء يتنفسون يعانون العذاب ويتجرعونه .
4 ـ ( كَذَّبَتْ عَادٌ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ(18) إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُّسْتَمِرٍّ(19) تَنزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ مُّنقَعِرٍ (20) فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ(21)القمر ). كانت الريح تنزعهم من فوق الأرض ثم تلقى بهم ، وهم أجساد بين الموت والحياة كأنهم جذور نخل خاوية .
5 ـ وتكرر المعنى في قوله جل وعلا : ( وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ(6) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7) فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ(8) الحاقة ) .
أخيرا :
هل هناك فرق بين أن يكون العذاب يوما واحد وأن يكون أسبوعا ؟
في ضوء ما سبق لا فرق . من حيث مدة العذاب والاهلاك فهى ( سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ ). أما من حيث إحساسهم فهو يوم واحد لا ضوء فيه ولا رحمة ولا أمل في النجاة او الحياة ، بدأ بالعذاب وانتهى بالهلاك .
إجابة السؤال الثانى :
الضلال يأتي في القرآن الكريم بمعنيين حسب السياق :
1 ـ الضلال الدينى . وقد كان ( محمد بن عبد الله ) ضالا على دين قومه حتى هداه الله جل وعلا . نقرأ بتدبر الآيات الكريمة التالية :
( قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ قُل لاَّ أَتَّبِعُ أَهْوَاءكُمْ قَدْ ضَلَلْتُ إِذًا وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ(56)الانعام )
( قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِي وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِي إِلَيَّ رَبِّي إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ(50)سبأ )
( وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى(7) الضحى ).
2 ـ الضياع المادى : ونتعرف عليه من قوله جل وعلا :
( وَقَالُوا أَئِذَا ضَلَلْنَا فِي الأَرْضِ أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُم بِلِقَاء رَبِّهِمْ كَافِرُونَ(10) قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ(11)السجدة )
( أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ(1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ(2)الفيل )
إجابة السؤال الثالث
أولا :
أجو أن تقرأ لنا كتاب عن القرآن الكريم وعلم النحو وهو منشور هنا ، وفيه أن القرآن الكريم مهيمن على قواعد النحو المخترعة في العصر العباسى . قولهم بأن الضمير يرجع للأقرب وهذا يعنى أن يكون النبى محمد في عقيدة المحمديين هو نفسه المبعوث رحمة بنفسه للعالمين الى قيام الساعة كما يزعمون . وهذا إفك مبين . فالنبى محمد بشر مكتوب علبه الموت . وقد مات مثل خصومه . نرجو تدبر الآيات الكريمة التالية :
1 ـ ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ(30)الزمر)
2 ـ ( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ(144) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّه كِتَابًا مُّؤَجَّلاً وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَن يُرِدْ ثَوَابَ الآخِرَةِ نُؤْتِهِ مِنْهَا وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ(145)آل عمران )
3 ـ ( وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ(34) كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ(35)الأنبياء )
4 ـ ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَن مَّعِيَ أَوْ رَحِمَنَا فَمَن يُجِيرُ الْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ(28)الملك )
أخيرا
في سورة الفرقان مثالان في نفى مقولة عودة الضمير الى الأقرب :
1 ـ في مفتتح السورة قال جل وعلا : ( تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا(1) الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا (2) وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لّا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعًا وَلا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلا حَيَاةً وَلا نُشُورًا(3)الفرقان ) وواضح هنا أن الكلام عن الفرقان أي القرآن الكريم الذى حفظه الله جل وعلا الى قيام الساعة .
2 ـ في نفس السورة :( وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا(48) لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا (49) هنا كلام عن الرياح . يأتي بعده كلام ليس عن الرياح ولكن عن القرآن الكريم : ( وَلَقَدْ صَرَّفْنَاهُ بَيْنَهُمْ لِيَذَّكَّرُوا فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُورًا (50) وَلَوْ شِئْنَا لَبَعَثْنَا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ نَذِيرًا (51) فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُم بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا(52) الفرقان )
ودائما : صدق الله العظيم .!
شاهد قناة ( أهل القرآن / أحمد صبحى منصور )