آحمد صبحي منصور
في
الخميس ٢١ - أغسطس - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً
نص السؤال
آحمد صبحي منصور
إجابة السؤال الأول :
أولا :
( أبو ذؤيب الهذلى ) شاعر عاش في الجاهلية وأدرك الإسلام ، وكان فارسا في قومه ( هذيل ) ، وشارك في جريمة الفتوحات ، وقد تعرضنا لهذه الفتوحات في كتابنا ( المسكوت عنه في تاريخ الخلفاء " الراشدين " ). وقلنا إن أولئك الخلفاء كانوا جواسيس لقريش ، بعثت بهم مهاجرين للمدينة ، ومردوا على النفاق وكتموه ، واصهروا للنبى محمد عليه السلام ، وكانوا أقرب الناس اليه ، وهم المقصودون بقول الله جل وعلا : ( وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ(101)التوبة )، أي أنبأ الله جل وعلا مقدما باستحالة توبتهم ، وأنه جل وعلا سيعذبهم مرتين في الدنيا ثم ينتظرهم عذاب عظيم خالد في الجحيم . العذاب مرتين في الدنيا حدث بعد الفتوحات الكافرة ، من طاعون عمواس ومجاعة الرمادة . وفى طاعون عمواس مات أولاد أبى ذؤيب الهذلى كلهم في مدينة (المدائن )الفارسية . وهم ( شهاب والحارث وزهير والأزهر والأزور وعمرو وعامر وسالم والقسور وسهيل ). وقد رثاهم بقصيدة هي الأشهر في قصائد الرثاء ، وعدد أبياتها 69 . يقول في مقدمتها :
أَمِنَ المَنونِ وَريبِها تَتَوَجَّعُ
وَالدَهرُ لَيسَ بِمُعتِبٍ مِن يَجزَعُ
قالَت أُمَيمَةُ ما لِجِسمِكَ شاحِباً
مُنذُ اِبتَذَلتَ وَمِثلُ مالِكَ يَنفَعُ
أَم ما لِجَنبِكَ لا يُلائِمُ مَضجَعاً
إِلّا أَقَضَّ عَلَيكَ ذاكَ المَضجَعُ
فَأَجَبتُها أَن ما لِجِسمِيَ أَنَّهُ
أَودى بَنِيَّ مِنَ البِلادِ فَوَدَّعوا
أَودى بَنِيَّ وَأَعقَبوني غُصَّةً
بَعدَ الرُقادِ وَعَبرَةً لا تُقلِعُ
ويرى الأصمعى ت 216 الراوية والناقد في العصر العباسى إن من أروع ما قاله هو :
وَالنَفسُ راغِبِةٌ إِذا رَغَّبتَها
فَإِذا تُرَدُّ إِلى قَليلٍ تَقنَعُ
ومن طريف ما يروى أن عبد الله بن عباس زار معاوية في مرض موته . إستأذن عليه ، فقال : :" أسندونى ". فأسندوه بوسادة ، ودخل ابن عباس فقال له معاوية مستشهدا ببيت من قصيدة أبى ذؤيب الهذلى :
وَتَجَلُّدي لِلشامِتينَ أُريهِمُ
أَنّي لَرَيبِ الدَهرِ لا أَتَضَعضَع
وخرج بعدها ابن عباس ، وأثناء خروجه مات معاوية وسمع ابن عباس الصُّراخ ، فاستشهد بهذا البيت من نفس القصيدة :
وَإِذا المَنِيَّةُ أَنشَبَت أَظفارَها
أَلفَيتَ كُلَّ تَميمَةٍ لا تَنفَعُ
أخيرا :
كان أبو ذؤيب الهذلى فارس هذيل في الجاهلية ـ أي كان بارزا في غارات قومه على الآخرين ، وحيث دارت حياة الأعراب في سلاسل من الغارات ، اشهرها معروف ب ( أيام العرب ). كان هذا سبيلهم في الرزق وفى الفخر . أقنع الخلفاء الفاسقون الأعراب بتوجيه طاقتهم الحربية نحو الشمال ، دولتى الفرس والروم ، واتهمت تلك الأمم بالكفر ، وبوجوب حربهم طاعة لله جل وعلا . إقتنع الاعراب بهذا ، ففي هذا مكاسب في الدنيا من السبى والسلب والنهب والاسترقاق ، ثم الفوز بالجنة في الآخرة . إكتشف الأعراب ان الخلفاء الفاسقين خدعوهم ، اتضح هذا في خلافة الخليفة الفاسد عثمان بن عفان , لذا ثاروا عليه وقتلوه في بيته ، ثم نصبوا عليا خليفة مكانه ، وكانت الفتنة الكبرى معركة الجمل بين على وخصومه عائشة وطلحة والزبير ، ثم معركة صفين بين على ومعاوية . ثم إنشق جزء من جيش على تحت مسمى الخوارج . ودخل المحمديون نفق الفتنة الكبرى ولا يزالون فيه ولن يخرجوا منه طالما يقدسون أولئك الصحابة والخلفاء الفاسقين .
2 ـ ليس وحده أبو ذؤيب الهذلى ضحية الخلفاء الفاسقين . انهم أجيال متتالية من المحمديين ، ربما تكون منهم لو تحتفظ بذرة تقديس لأبى بكر وعمر وعثمان وعلى والزبير وطلحة وسعد بن أبى وقاص وابى عبيدة بن الجراح ..الخ .
إجابة السؤال الثانى :
هي أُكذوبة كافرة صيغت في أحاديث مختلفة سنية وشيعية . هذه الفرية تناقض قول الله جل وعلا للرسول محمد عليه السلام في خطاب مباشر : ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ(67)المائدة ). هو مصيره الموت شأن كل البشر ، وقد قال له ربه جل وعلا وهى حىُّ في مكة : ( إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ(30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ(31) الزمر )، أي سيموت مثل خصومه ، وسيختصمون أمام الله جل وعلا يوم القيامة . وفى موقعة ( أُحُد ) شاع أن الكافرين قتلوا النبى محمدا . وجاء التوضيح من رب العزة جل وعلا ، قال :( وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ(144) وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّه كِتَابًا مُّؤَجَّلاً ) (145)آل عمران )ز أي إن له أجلا محددا للموت ، بعد أن يتم مهمته . وخلال حياته هو معصوم أو محفوظ بقدرة ربه . نعيد التذكير بقوله جل وعلا له : ( ( يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ(67)المائدة ).
إجابة السؤال الثالث :
أولا : عن الخنزير :
بأسلوب القصر والحصر ( إنما ) قال جل وعلا عن المحرمات : ( إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(173) البقرة ) ( إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(115)النحل ) أي إن هذه هي المحرمات فقط ، وما عداها حلال . ومن الحلال تربية الخنزير والتجارة فيه وكل الاستفادة منه عدا أكل ( لحمه ) . ونلاحظ :
1 ـ يسقط التحريم عند الاضطرار : ( فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(173) البقرة ) ( وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(115)النحل ).
2 ـ توضيح الميتة جاء في قوله جل وعلا : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلامِ ذَلِكُمْ فِسْقٌ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِّإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(3)المائدة ). فالميتة تشمل وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ . إى لو لحقناها بالذبح جاز أكلها .
3 ـ توضيح الدم المحرم هي المسفوح المتّخذ من حيوان حىّ . قال جل وعلا : ( قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقًا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ(145)الأنعام ).
4 ـ في الأديان الشيطانية للمحمديين نراهم :
4 / 1 : يحرمون كل الخنزير ، مع أن المحرم هو اللحم فقط ، وما عداه حلال للأكل والاستعمال .
4 / 2 : يتقربون الى أوليائهم وقبورهم المقدسة وفى موالدهم بذبح الأنعام والأكل منها ، وهذا ما تكرر النهى عنه وتحريمه من البداية . هو ( وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ ) (173) البقرة ) ( وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ (115)النحل ) وهو ( وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ) .. ْ وَمَا ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ ) ( 3) المائدة )
ثانيا : عن الخمر والميسر :
1 ـ فيهما إثم كبير ومنافع للناس . قال جل وعلا ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِن نَّفْعِهِمَا ) البقرة (219). وطالما فيها إثم فالإثم حرام أصلا .
2 ـ ليست هناك عقوبة على من يشرب الخمر ومن يمارس القمار . وقد كان بعض الصحابة من ( الذين آمنوا ) يدمنون ذلك . وجاءهم التحذير وعظا . قال جل وعلا لهم ـ ولنا ـ ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ(90) إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ (91) وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ)92 )المائدة ).
تدبر قوله جل وعلا : فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ (91) وَأَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَاحْذَرُواْ فَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ(92)..وقل : صدق الله العظيم .!!
شاهد قناة ( أهل القرآن / أحمد صبحى منصور )