قالت صحيفة «إنترناشيونال هيرالد تريبيون» الأمريكية إن هناك اعترافا تاما في مصر بأن التحسنات الهامشية في القوي الفاعلة السياسية جري تحريكها بضغوط من واشنطن في السنوات الأخيرة الماضية.
وأكدت الصحيفة، في تقرير نشرته أمس، كتبه الصحفي الأمريكي مايكل سلاكمان، أنه تم التهاون مع بعض المظاهرات وترديد الهتافات ضد الرئيس مبارك، مضيفة: «حتي إن قيادات بجماعة الإخوان المسلمين قالوا سرا في عام ٢٠٠٥ وجزء من ٢٠٠٦ إن ضغوط واشنطن تساعد علي ذلك».
ونبهت الصحيفة في تقريرها تحت عنوان: «الولايات المتحدة تعطي مصر جواز مرور بشأن حقوق الإنسان» إلي أن الأمر انتهي، مدللة علي ذلك بدعوة منظمة «هيومان رايتس ووتش» مصر إلي إطلاق سراح رجلين نشطين في الترويج لما سمته حقوق الأقلية الشيعية الصغيرة بالبلاد، مشيرة إلي قول المنظمة: «الاعتقالات بدت جزءاً من قمع واسع النطاق علي النشطاء الحقوقيين والصحفيين وغيرهم من ناقدي الحكومة المصرية».
وتابعت الصحيفة: «أصدر المسؤولون المصريون، قبل أربعة أيام من المنشور الصحفي الذي أصدرته «هيومان رايتس ووتش»، بيانا صحفيا أعلنوا فيه أن الولايات المتحدة وقعت علي اتفاقيات لمنح مصر ٣٠١ مليون دولار كمعونة، للمساعدة في تحسين المدارس والصرف الصحي والرعاية الصحية والإصلاح الاقتصادي»، مشيرة إلي أن وكالة الأنباء الحكومية الرسمية هي التي بثت الخبر، مستدركة بأنه لم يتم نشره في الصحافة المصرية، وذلك بخلاف المانشيتات المستمرة في الصحف المصرية، والتي تنتقد واشنطن لمحاولتها التأثير علي القاهرة.
وألمحت الصحيفة إلي موقف الكونجرس الأمريكي مؤخرا، والذي ناقش المعونة الأمريكية، التي تقدر قيمتها بـ٧،١ مليار دولار، متسائلا عما تتلقاه الولايات المتحدة في المقابل.
وقالت الصحيفة الأمريكية إن المعونة المتزايدة لم تتم ترجمتها إلي نفوذ متزايد في العملية السياسية الداخلية، موضحة أنها صارت شأنا من شؤون السياسة الخارجية بشكل بحت.
ونقلت الصحيفة عن عماد جاد، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، قوله: «لمصلحة الولايات المتحدة أن تكون مصر دولة عربية مستقرة»، مضيفا: «مسلك مصر يمكن التنبؤ به ويتماشي مع المصالح الأمريكية، فالنظام الحاكم مستفيد من الإدارة الأمريكية في السراء والضراء».
وأشارت الصحيفة إلي لقاء هشام قاسم، الناشط الحقوقي المصري، الرئيس الأمريكي جورج بوش في واشنطن، وذلك عندما سافر هناك كي يتسلم جائزة الصندوق الوطني للديمقراطية، «من أجل دعم الحرية في أنحاء العالم».
وقالت إن قاسم، الذي كان الفائز الوحيد في مصر، أكد أن بوش تحدث بإسهاب حول تعزيز الديمقراطية للآخرين ممن تسلموا الجائزة، ولكنه لم يتطرق إلي الموضوع عندما تعلق الأمر بمصر، موضحا: «مقارنة بزملائي من الدول الأخري كان هذا الأمر الأقل في اهتمامات بوش».
وأضافت: «إن قاسم وغيره من المدافعين عن الديمقراطية في مصر يقولون إن كوندوليزا رايس التقت المسؤولين المصريين، الثلاثاء، كجزء من تحضيرها لقمة السلام بالشرق الأوسط» مشيرة إلي أنهم يتوقعون منها نهجا مشابها فيما يتعلق بحقوق الإنسان والديمقراطية.
ونقلت عن مصطفي كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، قوله: «أعتقد أن الحكومة الأمريكية لا تعطي مصر مهلة للتعامل مع المعارضة الداخلية، طالما تدعم مصر السياسة الخارجية الأمريكية في المنطقة»، مشيرة إلي أن هذا يشمل مساعدة إسرائيل والفلسطينيين علي التوصل إلي أرضية مشتركة ومعارضة تمدد النفوذ الإيراني. ونبهت الصحيفة إلي أن التحول في السياسة الأمريكية لا يتوقف علي عدم ذكر المسؤولين الأمريكان حقوق الإنسان والديمقراطية، بل لأنهم لا يتتبعون ضمان النتائج.
وقالت: «يبدو أن هناك تفاهما ضمنيا بأنه أينما تنتقد واشنطن إخفاقات مصر، فيما يتعلق بحقوق الإنسان، يكون ذلك مظلة لمصر للتصادم في الشؤون الداخلية والتغيرات الطفيفة».