مصر المنهوبة دوما

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ١٤ - مايو - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
السؤال : جاء فى أحد المواقع أن ما نهبه عبد الفتاح السيسى من مصر فى عشر سنين قد زاد 32 بليون دولار على ما نهبه مبارك فى 30 عاما . هل هذه الأرقام صحيحة ؟
آحمد صبحي منصور

الاجابة :

ليس مهما مدى صحة هذه الأرقام . المهم  هو هذه الحقائق :
1 ـ مصر أغنى دولة فى العالم . وهذه حقيقة يعلمها اللصوص جيدافليس هناك دولة استمتع فيها اللصوص مثل مصر.. ينهبونا من عشرات القرون ولا تزال صامدة راسخة . ولا يزال الفلاح المصرى يكدُّ فى إنتاج الخير .. للغير.!
2 ـ بعض اللصوص كانوا من الصحابة مثل عمرو بن العاص ، الذى ترك عند موته سبعين بهارا من الذهب ، أي 210 قنطارا او 140 اردبا من الذهب ، واثناء موته عرض هذه الاموال علي اولاده فرفضوا وقالوا : حتي تعطي كل ذي حق حقه ، أي اعتبروها سحتا ، فلما مات عمرو صادر معاوية هذا المال وقال ( نحن نأخذه بما فيه ) أي بما فيه من سحت وظلم ( خطط المقريزي 1/ 140 ، 564 ). ولكن معظم اللصوص كانوا من الحكام الأجانب من يونانيين وروم و فرس و عرب و أتراك ومماليك وعثمانيين ..وانجليز وفرنسيينثم تحقق الاستقلال (الوطنى ) بانقلاب 23 يولية 1952 ، ومن يومها أصبح اللصوص مصريين لحما ودما ، حتى أن بعضهم أصيب أو سبق له أن أصيب بالمرض المصرى المتوطن المسمى بالبلهارسيا
3
ـ وتفخر مصر أنها بعد الاستقلال التام عن الاستعمار وبعد أن صار يحكمها العسكر المصرى فانها لم تعد تحتاج الى لصوص أجانب ، ففيها من اللصوص الوطنيين ما يكفى ويفيض . والدليل أن أغنى دولة فى العالم والتى كانت حقل القمح والحبوب للشعوب الأخرى من عهد يوسف عليه السلام الى عصر الاحتلال الرومى و العربى أصبح أبناؤها فى عصر العسكر المصرى يتقاتلون فى سبيل الفوز برغيف خبز.الذى غلا سعره وخفّ وزنه .! 
دليل آخر هو أن الثروات الذهبية كانت تنتقل من حاكم ظالم لصّ الى حاكم ظالم آخر لا يقل عنه لصوصية ، وفى كل مرة تتضخم صناديق الذهب والمجوهرات الى أن وصلت الى يد محمد على باشا مؤسس الدولة الحديثة فى مصر ، وقام محمد على باشا بالحفاظ على خزائن الذهب و المجوهرات تلك لتكون ضمانة لحكمه ، وفى نفس الوقت عملت الحكومات التالية على تنمية رصيد مصر من الذهب ليكون غطاءا للعملة الورقية المصرية ، وحين جلا عن مصر المستعمر البريطانى كان بريطانيا مدينة لمصر ب 55 مليون جنيه استرلينى بقيمة العملة حينئذ ، وكانت قيمة الجنيه المصرى الورقى أكبر قليلا من قيمة الجنيه المصرى الذهبى
جاء لصوص مصر العظام بانقلاب 1952 فاستولوا على عشرات الصناديق الى تحتوى على مجوهرات أسرة محمد على ، ولكى يسرقوها بالتى هى أحسن فقد ضموها الى عهدة وزارة الثقافة ، وعينوا لحراستها موظفة درجة سادسة ، لا تهش ولا تنش ، وبدأت تتسرب قطع المجوهرات قطعة قطعة بأوامر عليا ولا تملك الموظفة الغلبانة سوى القلق و الهلع فاصيبت بالمرض وماتت ..واستمر بعدها تسرب قطع المجوهرات الى أن انقطع الحديث عن مجوهرات أسرة محمد على وصنايقها المحفوظة
ثم التفت لصوص مصر الوطنيون العظام الى ما فى مصر من مؤسسات وشركات و بنوك وحقول وقصور وتحف مصرية وأجنبية فقاموا بتأميم المصرى منها وتمصير الأجنبى ، وأصبح كله مملوكا للحاكم بامره تحت اسم ( القطاع العام ). وعلى هامش عملية المصادرة تلك ـ أو التأميم ـ تمت سرقة مئات الملايين بسعر الجنيه وقتها ، ثم بعدها باعوا ذلك القطاع العام وعلى هامش البيع تم اهدار وسرقة مئات البلايين ،بل أن الوزير عاطف عبيد الذى انيطت به عملية البيع للقطاع العام اتهمته جريدة العربى الناصرية فى أواخر التسعينيات فى مانشيت عريض بأنه أهدر فى بيع بعض وحداالقطاع العام ما قيمته 740 ألف مليون جنيه مصرى ، وكوفىء ذلك الوزير بترقيته فأصبح رئيس مجلس الوزراء للرئيس مبارك . وباع جمال مبارك حقول مصر النفطية فى مياه البحر المتوسط لاسرائيل ، وأصبحت مصر الآن تشترى من إسرائيل النفط بأضعاف سعره 
4
ـ ولا تسأل بعدها عن النهب اللاحق بعدها ، عند زوال حكم مبارك ظهرت فضائحه ومنها الأموال المهربة للخارج ، وكانت أموال البنوك يتم تهريبها بأوامر مباشرة من راس النظام ، وعندما سيتكلم الهاربون من صغار الحرامية سنعرف مقدار ما سرقه الحرامى الأكبر.

5 ـ وحين تقوم فى مصر دولة مدنية سنعرف حجم سرقات أموال المصريين من خلال ميزانية الجيش و مؤسسة الرئاسة التى لا يستطيع مجلس الشعب الحالى الاقتراب منها لأنها أسرار عليا ، مع أن صفقات التسليح تكون معروفة لكل من يهمه الأمر ، ويعرف بأمرها القاصى و الدانى بطريق مباشر وغير مباشر ، ولكن الأسرار الحقيقية هى العمولات وتجارة السلاح التى يمتنع عن المصريين معرفتها ، ويمتنع مجلس الشعب عن مراجعة ميزانياتها ، مع أن الوظيفة الأولى لأى مجلس نيابى هو التحكم فى ميزانية الدولة و الحفاظ على اموال الشعب ومراقبة ومحاسبة الحكومة أو السلطة التنفيذية وبقية السلطات فى كيفية إنفاق أموال الشعب. أما عندنا فالشعب مملوك للحاكم العسكرى ، يسرق أمواله ويعذب أفراده ويطارد الأحرار من أبنائهعندما تقام فى مصر دولة مدنية ديمقراطية سيعرف المصريون أن الحرامى الأعظم أعاشهم فى إفتقار لرغيف الخبز ، وكان يمكنه أن يجعل مصر ـ كما كانت طوال تاريخها مصدرا للحبوب ـ ولكنه منع مصر من الاكتفاء الذاتى وجعلها تعيش على استجداء القمح حتى تتضخم حساباته ومكاسبه. سيعرف المصريون حينئذ أن كل الحرامية السابقين طوال التاريخ المصرى سينحنون فى احترام لهذا الحرامى الذى تفوق عليهم
6 ـ نسينا أن نذكر أن الرصيد المصرى الذهبى للعملة المصرية قد أضاعه عبد الناصر فى مغامرته الفاشلة فى اليمن . والان مصر بلا رصيد لعملتها ، والجنيه المصرى الذى كان يساوى فى الستينيات 4 دولار أصبح الدولار الان يتقافز مع أخبار التعويم .  ومصر التى كانت تدين بريطانيا أصبحت مدينة لدول ومصارف عالمية بما يستوجب على الأجيال القادمة أن تدفعه.!

أخيرا :
الكلام يطول ، ولكنه فى النهاية شهادة بأن لصوص مصر الوطنيين قد تفوقوا على اللصوص الوافدين من عرب ومن عجم ، إذ سرق لصوص مصر الوطنيون العظام من عام 1952 وحتى الأن أضعاف أضعاف ما سرقه من مصر اللصوص الأجانب فى 70 قرنا من الزمانومصر الآن يحكمها شيخ منسر لا يجاريه  فى السرقة إلا تفوقه فى قهر الشعب المسكينوالعادة أنه يحتاج اللصوص العظام الى الاستبداد لأنه الذى يحمى السرقة و الفساد.. 

أحسن الحديث :

قال جل وعلا : ( وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ (42) مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ (43) وَأَنذِرْ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعْ الرُّسُلَ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوَالٍ (44) وَسَكَنتُمْ فِي مَسَاكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ وَتَبَيَّنَ لَكُمْ كَيْفَ فَعَلْنَا بِهِمْ وَضَرَبْنَا لَكُمْ الأَمْثَالَ (45) وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46) فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَامٍ (47) يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (48) وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ (49) سَرَابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ (50) لِيَجْزِيَ اللَّهُ كُلَّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (51) هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ وَلِيُنذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ (52) ابراهيم ).

ودائما : صدق الله العظيم .!

 شاهد قناة ( أهل القرآن / أحمد صبحى منصور )

  https://www.youtube.com/@DrAhmedSubhyMansourAhlAlquran

اجمالي القراءات 380