ثلاثة أسئلة

آحمد صبحي منصور في الجمعة ١٨ - أبريل - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
السؤال الأول من الاستاذ عبد المجيد المرسلى تحياتى دكتور وكل عام وانت بخير. هناك سؤال يطرحه كتيرا الملحدون فى موقع التواصل تيك توك. السؤال هو اتبت لى ان النبى اوحى له الله، وأن القرآن كلام الله اوبمعنى آخر اتبت ان الاسلام صحيح. ولك جزيل الشكر . السؤال الثانى من د حامد بهجت اريد منك يا د احمد روشتة مختصرة من القرآن الكريم للنجاح فى الدنيا وألاخرة . سامحنى فأنا طبيب أمراض باطنة ، وأسألك بالاسلوب الذى أعرفه . وشكرا مقدما . السؤال الثالث : لنفترض اننا فى دولة اسلامية ، وتطبق الشرع حسب الاسلام السلوكى كما تقول ، يعنى الحرية الدينية والمساواة بين المواطنين برغم إختلافاتهم الدينية والمذهبية ، من مسلمين سنة وشيعة وكاثوليك وبروتستانت وأرثوذكس ويهود من مختلف الملل والنحل وملحدين ولا دينيين . ماذا عن الأعياد فى هذه الدولة ؟ ماذا عن أجازة يوم السبت لليهود ويوم الأحد للمسيحيين ويوم الجمعة للمسلمين أو المحمديين كما تسميهم ؟
آحمد صبحي منصور

إجابة السؤال الأول :

نحن نحترم حريتهم الدينية ، وهم مُساءلون عنها يوم القيامة . ونحن أيضا مُساءلون عن حريتنا الدينية مثلهم . والله جل وعلا سيحكم بيننا يوم القيامة فيما نحن فيه مختلفون . ولقد إقترب للناس حسابهم وهم فى غفلة معرضون . اللهم أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين .

إجابة السؤال الثانى :

قال جل وعلا :

1 ـ (  فَأَمَّا مَنْ طَغَى (37) وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (38) فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى (39) وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنْ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (41) النازعات ) . الذى إتّبع هواه فطغى وأنكر الآخرة وآثر الحياة الدنيا مصيره الجحيم . الآخر هو الذى نهى نفسه عن الهوى ، وسيطر عليها ولم تسيطر عليه . أى نحن هنا أمام إرادة عليا ، هى فوق هوى النفس . الذى يسيطر على نفسه هو الذى يتمتع بالحرية الحقيقية ، ومنها القدرة على الإستغناء ، فلا يكون عبدا لأى رغبة ولا لأى نزوة ولا لأى شخص آخر . طالما سيطر على نفسه فلا يمكن أن يسيطر عليه أحد .وهو يعلم أنه لا مفرّ من حتميات الرزق والموت والمصائب ، ويفهم قوله جل وعلا : ( مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22) لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ (23) الحديد ).

2 ـ (  وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا (10) الشمس ). كل نفس فيها القابلية للفجور والقابلية للتقوى . وتأتى إرادة الانسان لتختار ، هناك من يختار أن يكون تقيا ، فتكون نفسه لوّامة ، أى الضمير والأنا العليا . قال جل وعلا : (  وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2) القيامة ). وهذا هو الذى يفلح . أما الخائب فهو الذى يسير مع هوى نفسه ، وتصبح نفسه موصوفة بالأمّارة بالسوء . إمرأة العزيز ـ فى قصة يوسف ـ راودته عن نفسه ، وإتهمته ظلما وتسببت فى سجنه ، ثم تابت وأنابت ، فتزكت نفسها وتطهّرت ، وإعترفت أمام الملك وصفوة القوم بذنبها ، وما أروعه من إعتراف . نقرأ قوله جل وعلا : ( وَقَالَ الْمَلِكُ ائْتُونِي بِهِ فَلَمَّا جَاءَهُ الرَّسُولُ قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ مَا بَالُ النِّسْوَةِ اللاَّتِي قَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ إِنَّ رَبِّي بِكَيْدِهِنَّ عَلِيمٌ (50) قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَنْ نَفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِنْ سُوءٍ قَالَتْ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَا رَاوَدتُّهُ عَنْ نَفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنْ الصَّادِقِينَ (51) ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ (52) وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (53) يوسف )

 إجابة السؤال الثالث :

1 ـ لا توجد أعياد فى الاسلام . أعياد الفطر والأضحى وعاشوراء وغيرها تنتمى الى ( المحمديين ) . لكل قوم الحرية الدينية الكاملة ومنها أعيادهم والموالد وتقديس البشر والحجر . ويوم الدين قادم ، وفيه الحساب على هذه الحرية .

2 ـ يوم الجمعة ليس أجازة أسبوعية فى الاسلام . جاء يوم الجمعة مرة واحدة فى القرآن الكريم تعليقا على مخالفة وقع فيها بعض الصحابة ، إذ تركوا النبى يخطب فى صلاة الجمعة واسرعوا الى قافلة تجارية جاءت . فنزلت الآيات لا لتفرض صلاة الجمعة ـ بل لتنكر ما حدث .قال جل وعلا : (  يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (9) فَإِذَا قُضِيَتْ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيراً لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (10) وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْواً انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِماً قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنْ اللَّهْوِ وَمِنْ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (11). ونفهم من هذا أن يوم الجمعة ليس أجازة ، بل فيه الانتشار فى الأرض والسعى طلبا للرزق .

3 ـ أما عن يوم السبت فقد نهى الله جل وعلا بنى إسرائيل عن التعدى عليه . قال جل وعلا : ( وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمْ الطُّورَ بِمِيثَاقِهِمْ وَقُلْنَا لَهُمْ ادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّداً وَقُلْنَا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقاً غَلِيظاً (154) فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآيَاتِ اللَّهِ وَقَتْلِهِمْ الأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَقَوْلِهِمْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْهَا بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (155) النساء ) .

هناك من بنى إسرائيل مؤمنون ، ومنهم العُصاة ، ولقبهم فى القرآن الكريم ( اليهود ) . عاش بعضهم فى قرية ساحلية  مع إسرائيليين متقين . إختبرهم الله جل وعلا بأن جعل السمك يأتى زرافات يوم السبت ، ولا يأتى فى بقية الأيام ، فتحايل العُصاة على صيد السمك فى يوم السبت . إنقسم الباقون بشأنهم . المتقون وعظوهم وحذروهم ، والأخرون كانوا سلبيين ، عوقب المعتدون بأن جعلهم الله جل وعلا قردة . قال جل وعلا : ( وَاسْأَلْهُمْ عَنْ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ لا تَأْتِيهِمْ كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (163) وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَاباً شَدِيداً قَالُوا مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (164) فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنْ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ (165) فَلَمَّا عَتَوْا عَنْ مَا نُهُوا عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (166) الاعراف ) . عن هذا الاختلاف قال جل وعلا : ( إِنَّمَا جُعِلَ السَّبْتُ عَلَى الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (124) النحل ).

وجاء ذكر هذا تحذيرا لليهود فى المدينة وقت نزول القرآن الكريم . قال جل وعلا :

3 / 1 : ( وَلَقَدْ عَلِمْتُمْ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ (65) فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (66) البقرة )

3 / 2 : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً (47) النساء ).

شاهد قناة ( أهل القرآن / أحمد صبحى منصور )

  https://www.youtube.com/@DrAhmedSubhyMansourAhlAlquran

اجمالي القراءات 339