السلام عليكم و رحمة الله و بركاته,
هذا المقال هو للنقاش مع أحد الأخوة الكرام من هذا الموقع و هذا المقال هدفه الحوار فأنا بالنهاية انسان قد يخطئ و قد يصيب.
أولا حكم القرآن في شرب الخمر هو التحريم للأسباب اللآتية:
1-((يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ)) البقرة الآية 219
هذه الآية هي حديث بين الله تعالى و رسوله قد يكون سببه أن بعض الناس سألوا الرسول الكريم لماذا حرم الخمر مع أن له فوائد فجاء هذا الجواب. لننظر معا الى هذه الآية الكريمة:
(( وَذَرُوا ظَاهِرَ الْإِثْمِ وَبَاطِنَهُ إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ)) الأنعام الآية 120
واضح المعنى. اجتنبوا الاثم مهما كان نوعه و هناك عقاب لمن لا يجتنبه.
((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون, انَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ)) المائدة الآيات 90-91
هنا يتضح تحريم الخمر.
أولا ((لعلكم)) لا تعني ((من الأفضل الابتعاد)) كما يفسرها بعض الأخوة بل حسب وجهة نظري المتواضعة فانها تعني بان الأنسان قد يبتعد عن هذه الأشياء التي وردت في الآية و لكن قد يعصي الله بفعل أشياء أخرى فلهذا جاء اللفظ لعلكم.
ثانيا الرجس في القرآن اقترن دائما بالأشياء المحرمة، مثال:
((فاجتنبوا الرجس من الاوثان واجتنبوا قول الزور))الحج 30
اجتناب الرجس هنا اقترن بالأوثان و الاجتناب أيضا اقترن بقول الزور و الاثنين محرمين تماما.
ثالثا التحريم في هذه الآيات لم يقترن فقط بالميسر بل اقترن أيضا بالأنصاب (ما يعبد من دون الله) أي اقترنت أيضا بالشرك. لا يمكن القول أن شرب الخمر حرام فقط اذا كان الشخص مشركا. بل كلا منهم على حدى حرام. أما بالنسبة للآية 91 من سورة المائدة فانها ذكرت الخمر و الميسر فقط لا لتحريمهم بالاقتران فقط و الا لكان لعب القمار دون شرب الخمر أيضا حلال. لكن الخمر و الميسر ذكرا معا لأنهما بالفعل يمكن أن يسببا مشاكل بين الناس و كثيرا مع نسمع عن قتال بين مجموعة بسبب لعب القمار. أما الأزلام مع انها حرام الا أنها لا تسبب خلافات بين الناس فلذلك لم يتم ذكرها في الآية 91.
رابعا بالنسبة للآية (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْرَبُواْ الصَّلاَةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى حَتَّىَ تَعْلَمُواْ مَا تَقُولُونَ ......)) النساء الآية 43
أن كلمة سكارى لا تعني السكر من الخمر بل تعني شرود الذهن كما جاء في قوله تعالى
((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ{1} يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ{2})) الحج
واضحة جدا هذه الآية. فهل الناس سكارى في هذه الحالة بسبب شرب الخمر!!!.
سكارى تعنى تعطل الفكر عن العمل بسبب أي شيء و لكن بم أن الخمر محرم فلا يمكن أن تعني الآية السكر من الخمر و الا لقلنا ان السكر بعد صلاة العشاء حلال!!!!
2- عدم وجود عقوبة لشرب الخمر لا يعني بأن شرب الخمر حلال فمثلا لم يضع الاسلام عقوبة لشتم الأم فهل شتم الأم حلال؟ الاسلام لم يضع عقوبة الا لما يسبب أذى و ضرر شديد للناس و لكن لم يضع عقوبة لكل ما هو حرام، ثانيا بالنسبة لعمل الجوارح و الأفئدة و أن العقوبات هي فقط لعمل الجوارح فأنا أقول بأن جميع الأعمال تبدأ من الفؤاد و أعتقد أن الجميع يوافقني هنا.
3- لم أسمع عن الصحابة الذين شربوا الخمر بعد وفاة الرسول. عموما حتى و ان وجدوا فان قدوتنا في الأمور الدينية هو الرسول عليه السلام الذي لم يشرب الخمر و بالرجوع للقرآن الذي جعل شرب الخمر ((في الدنيا)) رجس من عمل الشيطان.
4- نفس الشيء بالنسبة لسعيد بن المسيب.
5- حرمة الكحول هي في شربه فقط. أما استخدام الكحول في أشياء أخرى فهو مباح. مثلا في الطب. و بالنسبة للوضوء فانك لا تشرب الخمر عندما تتوضأ به. عموما فالفقهاء أجازوا أيضا الوضوء بالماء الذي به حيض النساء!!!!!
6- بالنسبة للآية التالية ((لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ثُمَّ اتَّقَوْا وَءَامَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)) المائدة الآية 93
فأنها أكبر دليل على تحريم الخمر و هذا سيتوضح أدناه
7- سورة النساء لا تعطي رخصة لشرب الخمر و معنى سكارى توضح أعلاه.
8- بالنسبة لخمر الجنة فهو مختلف تماما عن خمر الأرض فهو لا يسبب السكر. فمثلا هناك الحور العين في الجنة فهل الزنا حلال في الأرض!!! ،و يرجى قراءة تعليق الأخ الكريم حاتم كمال و قراءة المقال (باثولوجيا الخمر) للأخ الكريم محمد شعلان.
9- بالنسبة للآية الكريمة التالية
قل لا اجد في ما اوحي الي محرما على طاعم يطعمه الا ان يكون ميتة او دما مسفوحا او لحم خنزير فانه رجس او فسقا اهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فان ربك غفور رحيم )) الأنعام الآية 145
أولا سورة الأنعام هي سورة مكية أنزلت على الرسول الكريم قبل سورتي المائدة و البقرة التي بهما تحريم الخمر، أي أنه في مكة (قبل الهجرة) كان الخمر حلال و لكن بعد الهجرة نزلت الآيات التي تحرم الخمر فكان من المنطقي جدا أن تورد الآية الكريمة التالية بعد تحريم الخمر:
ليس على الذين امنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا اذا ما اتقوا وامنوا وعملوا ((الصالحات ثم اتقوا وامنوا ثم اتقوا واحسنوا والله يحب المحسنين )) المائدة الآية 93
نعم هناك من الصحابة من كان يشرب الخمر في مكة، و لن يحاسبوا على ذلك طالما اتقوا الله (بالابتعاد عن عمل الشيطان) حيث أن الاثم في القرآن هو مضاد التقوى.
ثانيا الآية تقول (جناح فيما طعموا) و لا تقول (جناح ان تطعمون) و هذا أكبر دليل على أن الآية تتحدث عن زمن معين ، فمثلا عندما خاطب الله الرسول و قال له لا جناح عليك فانها وردت كالآتي:
((وليس عليكم جناح فيما اخطاتم به )) الأحزاب الآية 5
بالنهاية أنا أيضا حاشا لله أن أحرم حلالا و لكن حسب وجهة نظري المتواضعة فأن أي شيء سمّي رجس من عمل الشيطان و سمي اثم كبير و أمرنا الله باجتنابه فهو حرام.
و هيا الى الحوار