دستور أحمدالشرع

آحمد صبحي منصور في الإثنين ١٧ - مارس - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
السؤال من الاستاذ راغب الهيثم : كثرت الأقاويل فى الدستور الجديد لسوريا والذى وافق عليه الرئيس أحمد الشرع الجولانى . ما رأيك فى هذا الدستور ؟
آحمد صبحي منصور

الإجابة  

1 ـ هو ليس دستورا ، بل إعلان دستورى ، يمهد لدستور دائم . وهذا معتاد فى  الثورات وقيام  نظام حكم جديد بعد إسقاط  حكم سابق . والمعتاد أيضا أن يعبّر هذا الاعلان الدستورى عن  الحكم الجديد ورئيسه وتوجهاته السياسية والدينية . ومن المعتاد أيضا أن يحتوى الاعلان الدستورى والدستور الذى يأتى بعده على مواد  يهلل لها السُّذج ، ثم عندما بترسيخ سلطان المستبد يتخطاها ويستبعدها ويمسح بها مؤخرته .

2 ـ رأيي فى احمد الشرع إنه إرهابى عريق ، ولكن يختلف عن الارهابيين الصُّرحاء  . يمكن ان تقول إنه  إرهابى ( مرد على النفاق ) . تربى  فى القاعدة وانتقل منها الى  داعش ثم  ظهر فى سوريا  بجبهة النصرة . ثم استولى  على معظم  سوريا وتحالف مع قوات سوريا الديمقراطية ( قسد ) ،  وتم تقديمه إعلاميا فأبهر السُّذج بحلاوة منطقه وهدوئه وقدرته الهائلة على التمثيل . والذين أتاحوا له الوصول الى أن يكون رئيسا لسوريا هم الذين لا يثقون فيه ، فلا هم يرفعون العقوبات عن سوريا ،وإسرائيل تقوم بإحراجه بتصريحاتها وبعدوانها ،  هذا مع إنه يخطب ودّهم . يكفى  حديثه مؤخرا فى صحيفة يديعوت أحرونات الاسرائيلية .  الذى أتوقعه أن أحمد الشرع ونظامة هو  مرحلة لتقسيم سوريا ، ثم العراق ، ومن يدرى ، ربما إيران بعدها ،وليس ذلك ببعيد .

3 ـ القنبلة الكبرى فى الاعلان الدستورى والتى تفضح أحمد الشرع هى المادة التى تقول :  ( الفقه الإسلامي هو المصدر الرئيس للتشريع ) . لوقال ( الشريعة الاسلامية ) فهو أهون من قوله ( الفقه الاسلامى  ). ( الشريعة الاسلامية ) مجال واسع ذو شرائع مختلفة ومتضاربة بين سُنّة وشيعة وتصوف . وصلتها ونسبتها الى الاسلام أكبر تشويه للاسلام ، فهى أديان أرضية شيطانية ما أنزل الله جل وعلا بها من سلطان . الأبشع قوله : ( الفقه الاسلامى ).  نسبه هذا الفقه الى الاسلام أفظع كفر  بالرحمن جل وعلا . والواضح طبعا أنه يقصد كتب الفقه السنية . وهى بالمئات ، ما بين المذاهب المختلفة من مالكية وشافعية وأحناف وحنبلية . وفى كل مذهب إختلافات ، بل فى الصفحة الواحدة من كل كتاب فقهى يتكرر قولهم (  إختلف فيها العلماء ) فهم جميعا أجمعوا على الإختلاف فى كل شىء ، فكيف يكون هذا الفقه السنى مصدرا للتشريع تُصاغ منه القوانين ؟ من الطبيعى أن الإنتقاء هو الحل . أى أن ينتقى من الفقه السنى كتب الفقه الحنبلى بالذات . فأى كتب الفقه الحنبلى توافق من تخرج فى القاعدة وتنقل منها الى داعش ؟ سيكون بالتأكيد فتاوى إبن تيمية  ، الذى جعل القتل عقوبة التعزير ( وهو أخف العقوبات فى المذاهب السنية ) . إبن تيمية كان يفتى بقتل الجميع ممّن يصلى ومن لايصلى . وستكون  أمام الرئيس الشرع فتوى قتل الزنديق ، وهو العالم السنى المؤمن بالأحاديث ولكن له وجهة نظر فى هذا الحديث أو ذاك، ولأنهم لا يستطيعون مواجهته بالحجة فقد أفتى إبن تيمية بقتله حال العثور عليه ،وقتله ولو تاب ،وكرّر هذا مفتى الاخوان الشيخ سيد سابق فى موسوعته ( فقه السنة ) والشيخ أبو بكر الجزائرى فى كتابه ( منهاج المسلم ) ،  وهما من ( معتدلى الدين الوهابى ) الذى أنتج الاخوان المسلمين والقاعدة وداعش . ثم هناك الفتوى ذائعة الصيت فى أروقة الفقهاء الحنابلة ، ومنذ العصر المملوكى ، والتى تجعل من حق الإمام ( أى الحاكم السُنّى ) أن يقتل ثلث الرعية لاصلاح الثلثين .

2 ـ هذه المادة عن مصدرية ( الفقه الاسلامى ) تنسف كل العبارات المنافقة الى  جاءت فى هذا الاعلان الدستوى  ، ومنها ( وحرية الاعتقاد مصونة والدولة تحترم جميع الأديان السماوية.)

3 ـ ثم :وضعت مواد الدستور كل السلطات الفعلية بيد ( أحمد الشرع ) بلا مساءلة . أى جعلوه إلاها لا يُسأل عما يفعل . وأشاعت كذبة كبرى أن ( دين رئيس الجمهورية الإسلام.) ودينه الحقيقى هو دين داعش ، ومنشور لنا بالعربية والانجليزية كتاب ( دين داعش الملعون ).

أخيرا :

نستعيد ما قلناه سابقا :

1 ـ أن وجود الشرع ونظامة مجرد مرحلة مؤقتة ، وسيظل الصراع الداخلى الدموى محتدما ، الى أن يصل بسوريا الى التقسيم ، وانتهاء مرحلة سايكس بيكو التى تسبّبت فى أقامة دول سوريا ولبنان والعراق والآردن ، وأن تتكون على أشلائها دويلات مؤقتة أخرى .

2 ـ مهما بلغت روعة العبارات فى أى دستور مؤقت أو دائم فإن العبرة فى التنفيذ . الدساتير المصرية تؤكّد وتُجرّم التعذيب ، وأنه جريمة لا تسقط بالتقادم . ومع هذا فالتعذيب أساس المُلك فى مصر منذ تولاها العسكر . وحاليا ، فبدون التعذيب يسقط الفرعون المصرى القزم فى بضعة أيام .
شاهد قناة ( أهل القرآن / أحمد صبحى منصور )

  https://www.youtube.com/@DrAhmedSubhyMansourAhlAlquran
 

اجمالي القراءات 547