عبادة العجل

آحمد صبحي منصور في الأحد ٢٣ - فبراير - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
السؤال من الاستاذ جابر عبد الواحد : عبادة العجل عند بنى اسرائيل كيف كانت من خلال تدبرك فى القرآن الكريم ؟
آحمد صبحي منصور

الاجابة :

أولا :

1 ـ جاء يعقوب ( إسرائيل ) عليه السلام لمصر بدعوة من ابنه يوسف الذى كان وقتها عزيز مصر للملك الهكسوسى حاكم مصر ، جاء يعقوب ( إسرائيل ) ومعه ابناؤه : ( وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ (93) ( فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ (99) يوسف ) . تناسل ابناء يعقوب إسرائيل واصبحوا 12 قبيلة . انتهى حكم الهكسوس الرُّعاة وحل محلهم حكم فرعونى وطنى مصرى ، فانتهى بالنسبة لبنى إسرائيل الجاه الذى كان لهم من قبل ، وتعرضوا لاضطهاد فرعون كان يقتل ابناءهم ويستبقى بناتهم . ثم كان قصة موسى وانتهى الأمر بخروجه بقومه من مصر هاربا بهم من فرعون وغرق فرعون وجنده .

2 ـ خلال القرون التى عاشوها فى مصر تشرّبوا الديانة المصرية الفرعونية حتى انهم لما عبر بهم موسى البحر الأحمر رأوا معبدا فرعونيا فطلبوا من موسى ان يجعل لهم إلاها فرعونيا ممائلا . قال جل وعلا : ( وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَل لَنَا إِلَهاً كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138) إِنَّ هَؤُلاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (139) قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهاً وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (140) وَإِذْ أَنجَيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُقَتِّلُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ وَفِي ذَلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (141)  الاعراف ).

3 ـ ذهب موسى لميقات ربه جل وعلا فى جبل الطور ، وإستخلف أخاه هارون على بنى إسرائيل ، وانتهز السامرى فرصة غياب موسى وضعف أخيه هارون فجمع الذهب المصرى الذى كان مع بنى إسرائيل وصنع منه تمثالا لعجل أبيس الفرعونى ، وسرعان ما عبده بنوإسرائيل ، وإعترض هارون فكادوا يقتلونه . أخبر الله جل وعلا موسى بما حدث فرجع غاضبا وبطش بأخيه هارون ، وحقّق مع السامرى ، وطرده وأحرق عجل أبيس . نقرأ قول الله جل وعلا :

3 / 1 : ( وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَقَالَ مُوسَى لأَخِيهِ هَارُونَ اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ (142) الاعراف )

3 / 2 : (  وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوَارٌ أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلاً اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ (148) وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قَالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنْ الْخَاسِرِينَ (149) وََنَّهُ ثُمَّ لَنَنسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفاً (97) إِنَّمَا إِلَهُكُمْ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً (98) طه )

 4 ـ فى الشتات الاسرائيلى نشر الاسرائيليون الدين المصرى الفرعونى فى تنقلاتهم . وإذا كان تأثر الاسرائيليين كبيرا بالدين المصرى الفرعونى فالمصريون انفسهم كانوا الأكثر من غيرهم إخلاصا لثوابت هذا الدين ، لذا قاموا بتمصير دين المسيح ليصبح دينا مصريا فرعونيا خالصا ، مع إختلاف المسميات ، وبهذا إختلف الدين المصرى القبطى عن غيره من الأديان المسحية . وكان إسم الديانة المصرية ( جبت ) . وانتشرت أديان المسيحية فى أوربا والآتية اساسا من مصر ، فأصبحت ( مصر ) عندهم هى ( إيجيبت )  ، وغزا العرب مصر فأطلقوا على المصريين إسم ( جبط / قبط ). وحتى وقت نزول القرآن الكريم كان هناك من بنى إسرائيل عُصاة يؤمنون بالديانة المصرية القديمة أو ( الجبت ) بالتعبيرالقرآنى ، وقد تحالفوا مع الكافرين العرب ضد المسلمين ، وافتوا لهم بأن دينهم العربى الوثنى هو الأهدى . قال جل وعلا : (  أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنْ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنْ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً (51) أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمْ اللَّهُ وَمَنْ يَلْعَنْ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً (52) النساء ). هؤلاء الاسرائيليون العُصاة لقبهم فى القرآن الكريم هو ( اليهود ) . وكانت ديانتهم تتشابه مع الديانة القبطية المصرية . قال جل وعلا : ( وَقَالَتْ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ قَاتَلَهُمْ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (30) التوبة ). ( عُزير ) هو ( اوزوريس ) إله الموتى فى الديانة المصرية القديمة ، وزعمت النصارى ان المسيح إبن الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا . والله جل وعلا يصف الفريقين بأنهم يضاهئون المصريين القدماء ، أو الذين كفروا من قبل ، أى يقلدونهم وفق العادة السيئة للمشركين فى عبادة الثوابت وما وجدوا عليه آباءهم .  جدير بالذكر أن الموروثات الاسرائيلية نقلت للمحمديين إسم ( عُزير ) وجعلته ملك الموت تحت إسم ( عزرائيل ) واقتبست من الفرعونية حساب القبر ونعيمه وعذابه . التفاصيل فى كتابنا ( شخصية مصر بعد الفتح" الاسلامى " ) والذى كان مقررا على قسم التاريخ فى جامعة الأزهر عام 1984 ، وهو منشور هنا .

شاهد قناة ( أهل القرآن / أحمد صبحى منصور )

  https://www.youtube.com/@DrAhmedSubhyMansourAhlAlquran

اجمالي القراءات 1115