القبور والاجداث

آحمد صبحي منصور في الإثنين ١٧ - فبراير - ٢٠٢٥ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
سؤال من الاستاذ عمران حمدى : ما هو الفرق فى القرآن بين القبور والأجداث ؟
آحمد صبحي منصور

الجواب :

أولا : لكل منا قبران : قبر للجسد المادى فى الأرض المادية ، ثم قبر للنفس فى البرزخ .

 ليس فى القرآن الكريم مصطلح ( دفن ) . البديل هو ( قبر ) بمعنى دفن وأخفى .  يقول جل وعلا عن مراحل الانسان : (مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (18) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (19) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (20) ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (21) ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ (22) (21) عبس ) : هى نطفة تتحول الى انسان يخرج الى الحياة ، يختار طريقه ، ثم يموت ويتم (قبره ودفنه ) ثم فى الموعد الذى شاءه رب العزة يكون البعث والنشور . هنا نفهم معنى ( قبر ) فى قوله جل وعلا (ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ ) . ( أقبره ) أى أخفاه ودفنه، وجعل فوقه قبرا يحجبه عن الرؤية .  هذا واضح بالنسبة لجسد الميت الذى نقبره ونخفيه حتى لا نتقزز بمنظره وبرائحته . ولكن هناك قبرا آخر برزخيا يتم فيه (قبر ) النفس . ويالتالى فلدينا قبران : مادى زائل للجسد المادى للميت ، وبرزخى لنفس الميت الخالدة حين ترجع الى برزخها الذى أتت منه من قبل .

ثانيا : القبر المادى

1 ـ بدأت القصة مع أول قبر لأول جثة فى تاريخ الانسانية ، حين قتل ابن آدم أخاه فى حياة أبيه ، ولم يعرف كيف يوارى (سوأة) أى جثة أخيه ، وتعلم هذا من الغراب ، قال جل وعلا: (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنْ الْخَاسِرِينَ (30) فَبَعَثَ اللَّهُ غُرَاباً يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْأَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنْ النَّادِمِينَ (31) المائدة )

2 ـ من أعظم التكريم لبنى آدم هو ( دفن ) جثته أو ( سوأته ) فى التراب فيما يعرف بالقبر ، وهذا لا يحدث للحيوانات الأخرى ، وخصوصا ما نأكله منها ، حين تتحول بطوننا الى قبور لجثث هذه الحيوانات. يقول جل وعلا فى تكريم بنى آدم :( وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً (70) الاسراء )

3 ـ ونعطى أمثلة قرآنية ورد فيها مصطلح (القبر ) المادى :

3 / 1 : فى التشريع الاسلامى يمكن الصلاة على الميت بالدعاء على قبره. الميت لا يستفيد من هذا شيئا ، فقد تم قفل كتاب أعماله ، هو مجرد تكريم لذكراه . وتكريم ذكرى الميت، أو  ( تأبينه ) عادة بشرية فى كل الثقافات . ولقد حرم رب العزة بعض من مات من المنافقين من هذا التكريم ، فقال جل وعلا للنبى عليه السلام :( وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ ) (84) التوبة ). الشاهد هنا الحديث عن قبر مادى .

3 / 2 :  والموتى فى قبورهم لا يتكلمون ولا يسمعون ، ومثلهم فى هذا ـ على سبيل المجاز ــ الكافرون الذين على قلوبهم أكنّة فلا يسمعون الهداية ، يقول جل وعلا :( وَم الذهاب اليها سعداء ، ولكن فى البعث سيكونون أذلّاء . قال جل وعلا : ( يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنْ الأَجْدَاثِ سِرَاعاً كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (43) خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ (44) المعارج ) .

5 ـ ونتدبّر قول الله جل وعلا :  ( إِذَا زُلْزِلَتْ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا (1) وَأَخْرَجَتْ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا (2) وَقَالَ الإِنسَانُ مَا لَهَا (3) يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا (4) بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا (5) يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتاً لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ (6) فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَه (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَه (8) الزلزلة )

شاهد قناة ( أهل القرآن / أحمد صبحى منصور )

  https://www.youtube.com/@DrAhmedSubhyMansourAhlAlquran

اجمالي القراءات 818