آحمد صبحي منصور
في
الجمعة ٢٩ - يناير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
نص السؤال
آحمد صبحي منصور
أولا : لك خالص الشكر و التقدير على مصارحتك لى بهمومك الخاصة.
ثانيا : قرأت رسالتك أكثر من مرة ، ورأيت الآتى :
1 ـ حالتك فى جانبها الأنثوى ـ حق الزوجة فى التمتع الجنسى مع زوجها ـ لا تفترق كثيرا عن معاناة السواد الأعظم من النساء المسلمات و العربيات . الفارق انهن تربين على الاحساس بأنه من العيب التصريح بالشكوى لأنه ليس من حقهن هذه المتعة ، لأنها حق أصيل للرجل وحده ، طبقا لثقافة المجتمع الذكورى ، الذى أنجب زوجك الأول ، وهو ـ كعادة كل زوج شرقى أنانى ـ يدارى ضعف فحولته الجنسية باتهام الزوجة بالبرود . أعتقد إنه كان يعانى مشكلة جنسيةمثل سرعة القذف ، ودارى ذلك بشغلك باتهامه لك وجعلك تدفعين ثمن تقصيره وعجزه .
2 ـ فى مجتمع غربى مفتوح وصريح شعرت بالمشكلة لأنك عرفت أن لك حقا فى المتعة الجنسية ، وأن لك الحق فى المطالبة و الشكوى ، عكس معظم الزوجات المكبوتات فى الشرق ، ولذلك تنتشر حفلات الرقص النسائى المعروف بالزار ، وهذا ( الزار ) النسائى هو فرصة لانطلاق الغضب المكتوم الذى يمنع العرف و التقاليد والآداب من التصريح العلنى به. وتجد أولئك النساء فرصة أخرى فى مناسبات المآتم و العزاء ، حيث ينطلقن فى الصراخ ، حتى لو لم يكن الميت قريبا لهن ، إنهن يبكين حالهن ، ويجدن العلاج والراحة بعد إطلاق شحنات الكبت هذه بطريقة يسمح بها المجتمع الذكورى .
هن يشاركنك فى هذه المحنة ، ولكنهن لا يشاركنك فى أمور أخرى تتمتعين أنت بها دونهم .أنت تعيشين فى أوربا فى وضع لا يحلمن به ، بحيث لا يبقى لك من المعاناة إلا تذكر معاناة قديمة من ليلة الدخلة وحياة تعسة مع زوج متخلف . لو حكيت قصتك هذه لأخت لك فى تونس او مصر أو فى الجزيرة العربية أو الصومال أو افغانستان أو الهند لتعجبن من حالك ، فأنت متزوجة و لا تبدو حياتك الزوجية الحالية غير سعيدة ، بل هى على الأقل حياة مستقرة وعادية ، وما تشكين منه يرجع للماضى أى يحسن نسيانه ، ولا يصح استرجاعه لينغص الحاضر ، ثم إن موضوع الجنس يصبح مؤرقا لكل من تقترب من الخمسين ، حتى لو كانت أسعد إمرأة فى الدنيا ، فمعروف معاناة المرأة فى تلك الفترة .
خلاصة الأمر أنه ليست هناك أزمة أو مشكلة حقيقية ، بل هو استدعاء لمشكلة مضت بلا داعى .
3 ـ كل انسان له كوب من القضاء و القدر ، فيه المنحة والمحنة ، فيه النعمة و النقمة ، لا يمتلىء الكوب بالمنح والنعم ، ولكن يظل هناك نقص يحتاجه الانسان ويتمناه . المؤمن يرضى بالجانب الملىء من الكوب ، ويحمد الله جل وعلا عليه ، ولا ينظر الى الجانب الفارغ لأن هناك جانبا فارغا فى كل كوب لكل انسان.
4 ـ ولو أراد الانسان الاعتبار و حسن التقدير فليقارن حاله بالآخرين ممن هم أسوأ حالا منه.
ضعى نفسك محل النساء فى العراق و فلسطين و افغانستان و الصومال ..تخيللى نفسك فى هاييتى وغيرها حيث الزلازل
والبراكين . لا بد أن تفكرى فى معاناة الآخرين فى نشرات الأخبار اليومية ، ثم لا بد أن تفكرى فى مستقبل حياتك ، ونحن الآن ندخل المرحلة الأخيرة من الحياة نسعى سيرا نحو القبر .
ماذا أعددنا للقاء الله جل وعلا ؟
خالص مودتى .