آحمد صبحي منصور
في
السبت ٢٨ - ديسمبر - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً
نص السؤال
آحمد صبحي منصور
الإجابة :
أولا : ( صرح ) جاءت فى القرآن الكريم أربع مرات فى قصة سليمان مع ملكة سبأ ، وفى قصة فرعون موسى .
قال جل وعلا :
1 ـ فى قصة سليمان وملكة سبأ : ( قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (44) النمل ). المستفاد هنا أن الصرح هنا بناء عال من زجاج ممرد أى أملس صافى اللون ، وكان يبدو كأنه أمواج من الماء حتى إنها كشفت ساقيها حتى لا تبتل بالماء . بناؤه كان ضمن الآيات التى أعطاها الله جل وعلا للنبى سليمان عليه السلام .
2 ـ فى قصة فرعون موسى :
2 / 1 : ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ(36) أَسْبَابَ السَّمَاوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ كَاذِبًا وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاَّ فِي تَبَابٍ ( 37 ) غافر )
2 / 2 : ( وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلأ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ مِنْ الْكَاذِبِينَ (38) وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لا يُرْجَعُونَ (39) فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ (40) وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لا يُنصَرُونَ (41) وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنْ الْمَقْبُوحِينَ (42) القصص )
هذا الفرعون المصرى وصل الى زعم الالوهية ، بل وأعلن الربوبية العليا فى مؤتمر عام حشر له أتباعه. قال جل وعلا : ( فَحَشَرَ فَنَادَى (23) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمْ الأَعْلَى (24) النازعات ) وكان عقابه نكالا فى الدنيا والآخرة . قال جل وعلا : ( فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الآخِرَةِ وَالأُولَى (25) النازعات ) وجعله عبرة لمن يخشى : ( إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى (26) النازعات ) . فأين ذلك الذى يخشى ؟؟!
هذا الفرعون أمر وزيره وقائد جيشه ( هامان ) أن يبنى له صرحا من أحجار مصنوعة من طين انصهر بالنار ، وان يكون صرحا عاليا ليصعد فوقه ليرى ( إله موسى ) والذى يظُنُّه كاذبا . وانتهى فرعون ونظامه العسكرى الى الغرق . وأن تتبعهم اللعنة ، وان يكونوا أئمة للطغاة حتى نهاية الزمان ، ومن المقبوحين يوم الدين .
وهذا ( إعجاز ) قرآنى ، نراه فى عصرنا الحالى ، فالرئيس المصرى السيسى يتشبّه بفرعون موسى ، فيما يبنيه من ( صروح ) ، وفى قصره كتب : ( أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ ) . وهى من سورة الزخرف، ولم ينتبه الى سياق الآيات التى تصفعه وتفضحه . قال جل وعلا : ( وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي أَفَلا تُبْصِرُونَ (51) أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلا يَكَادُ يُبِينُ (52) فَلَوْلا أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ أَوْ جَاءَ مَعَهُ الْمَلائِكَةُ مُقْتَرِنِينَ (53) فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ (54) فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ (55) فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلآخِرِينَ (56) . والطُغاة دائما ( يعمهون ) أى فى عمى قلبى كامل .
ثانيا : الصرح المذكور فى القرآن الكريم لا علاقة له بناطحات السحاب فى امريكا ( خصوصا مانهاتن فى نيويورك ) وسنغافورة والامارات . تم بناء هذه الأبنية العالية ليس لتحدّى رب العزة جل وعلا ، ولكن لاسكان الناس القادرين ، أى للنفع والتعمير ، وخصوصا حين يكون المكان محدود المساحة وليست هناك مساحات للتوسع الأُفُقى فتكون ناطحات السحاب هى الحل بالتوسع الرأسى .
ثالثا : ( قصر / قصور ) جاءت فى :
1 ـ قصة ثمود والنبى صالح . قال لهم :( وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُوراً وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً فَاذْكُرُوا آلاءَ اللَّهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ (74) الاعراف ). كانوا يبنون القصور فى السهول ، وينحتون البيوت فى الجبال . طلبوا آية ( معجزة حسية ) فكانت ( الناقة ) فعقروها وتآمروا على قتل صالح . وانتهى أمرهم بالهلاك . قال جل وعلا : ( فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ مَكْرِهِمْ أَنَّا دَمَّرْنَاهُمْ وَقَوْمَهُمْ أَجْمَعِينَ (51) فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (52) النمل ). أهلكهم الله جل وعلا وظلت بيوتهم خاوية وآثارا للعظة . قال جل وعلا : ( وَعَاداً وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمْ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنْ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ (38) العنكبوت )
2 ـ وفى قاعدة عامة قال جل وعلا : ( فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (45) الحج ) . هنا قرية ( أى مجتمع أو دولة ) ظالمة . الحكام المترفون ظالمون ، والمحكومون المقهورون أيضا ظالمون لأنفسهم لأنهم رضوا بالخنوع والذّلّة . بالتالى فالقرية ( المجتمع / الدولة ) كلها ظالمة . وينتهى أمرها بالتدمير للجميع . يتبقى فيها القصر المشيد خاويا ، وكان للطاغية المستبد ، بينما ( البئر ) معطلة ، مع انها تخدم الشعب المقهور . وفى الآية التالية يعظ الله جل وعلا اللاحقين بقوله : ( أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (46) الحج ) .
وهذا ما يحدث فى مصر الآن . هناك ( مصر ) وهناك ( إيجيبت ). مصر تتمثل فى الأحياء العشوائية وفقر المرافق ، وتدمير البيوت ، والجوع . أمّا ( إيجيبت ) فهى العاصمة الادارية أمثالها فى الساحل الشمالى والبحر الأحمر ..
3 ـ يا حسرة على مصر .!!