هل يتقبل الله صيام الحكام العرب؟

في السبت ٢٢ - أغسطس - ٢٠٠٩ ١٢:٠٠ صباحاً

 

نستهل جولتنا اليوم في صحافة القاهرة الصادرة أمس (السبت) باصطباحة بلال فضل في صحيفة المصري اليوم "اليومية" بطلبه الموت والمعرفة ، ثم تراجع عن الموت لأن الموضوع مش مستاهل. يكفى أن أعرف على إيه وبأى أمارة يتبادل الملوك والرؤساء العرب كل هذا القدر من مكالمات وبرقيات التهانى بمناسبة حلول شهر رمضان المعظم. سؤال يقودنى إلى سؤال آخر لا أمَلُّ من إعادته كل رمضان، لعل الإفادة تتحقق يومًا فى إحدى مرات الإعادة: هل يتقبل الله صيام الحكام العرب؟ قد يستبق مستبق الإجابة على سؤالى هذا فيوجه لى سؤالا آخر: ولماذا تفترض منذ البداية أن الحكام العرب يصومون أساسا؟ وجوابى للأخ السائل: اعلم يا هداك الله أننى لا يمكن أن أدخل أبدا ما بين العبد وربه، فأفترض أنه ملتزم بطاعته أو تارك لها، فنحن كعبيد لله ليس لنا إلا ظاهر ما نراه، ولذلك علينا أن نفترض أن تبادل التهانى بين الحكام العرب هو فرح بقدوم شهر الطاعة الذى يصومون فيه عملا بقول الله تعالى «فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضًا أو على سفر فعدة من أيام أُخر»، وبما أن أغلب الحكام العرب لا يحبون أن يكونوا على سفر ضماناً لعدم حدوث انقلابات عسكرية خلال سفرهم، وبما أن صحتهم ـ كما لا يخفى عليك ـ مثل البُمب بحيث دفنوا أجيالاً وراء أجيال وهم باقون بعد على كراسيهم، لذلك فقد حق عليهم الالتزام بالأمر الإلهى، ولذلك لا أنا ولا أنت نستطيع أن ندخل فى ضمائرهم ونفترض أنهم لا يصومون رمضان، وأنهم يكتفون منه بالفرجة على السيت كوم والمسلسلات وأكل القطائف والمكسرات وترديد «وحوى يا وحوى إيوحه».

اعلم يا هداك الله
ستقول لى: طيب إذا كنت متطهرا محترزا عن رمى الناس بالظنة إلى هذا الحد، فلماذا تسأل سؤالا أسخم لا يعلم إجابته إلا الله وحده كالذى سألته.. هل يعقل أن تلومنى لأننى أسأل عما إذا كان الحكام العرب يصومون من أصله، فإذا بك تسأل وهل يقبل الله صيامهم، كيف تسأل عن شىء لا يعلمه إلا الله عز وجل؟ وإجابتى ياعزيزى السائل: اعلم يا هداك الله أن سؤالى ليس فيه والعياذ بالله اجتراء على الله عز وجل ولا منازعة له فيما اختص به نفسه، فحاشا لله أن أكون من الجاهلين، وما سؤالى إلا من باب أن تسأل نفسك أو شيخك أو أولى قرباك هل يتقبل الله صلاة الظالم أو المفسد فى الأرض، ولو شاء الله عز وجل أن يجعل سؤالا مثل هذا محرمًا لما قال لنا فى كتابه الكريم «إنما يتقبل الله من المتقين»، وهى إجابة طُرِحت فى بدء الخليقة منذ عهد ولدى سيدنا آدم لسؤال كان رب العزة لا محالة يعلم أنه سيثور فى ذهن كل أولاد آدم فى كل العصور عن المعيار الذى يفرق بين من يلتزم بقشور الطاعات وبين من ينفذ إلى جوهرها ويلتزم به.

لذلك يا حيّاك الله
ويضيف فضل : من حقى ومن حقك أن نستغرب تلك الفرحة التى يقال لنا إن الحكام العرب يشعرون بها عند قدوم شهر رمضان إلى حد يدفعهم لتبادل التهانى والتبريكات، بينما لو فكروا قليلا لأدركوا أنه من التناقض أن تفرح بقدوم شهر أنت على قطيعة كاملة مع كل ما يمثله. فإذا كان الحاكم العربى يحتفى بشهر رمضان المعظم بوصفه الشهر الذى أنزل فيه القرآن الكريم فدعنا نسأل راغبين فى الفهم ليس إلا:أين هو من القرآن الكريم؟ وهل طبق منه فى بلاده شيئا غير الآية التى تحض على طاعة أولى الأمر؟ ومنذ متى فتح كتاب الله بحق وحقيق، بدلا من الاكتفاء بتقبيله عندما يأخذه هدية فى افتتاح كوبرى أو مصنع أو تسليم شهادة لحافظ قرآن ثم يعطيه لمساعديه لكى يعينوه مع من سبقه؟ وإذا كان الحاكم العربى لكى لا نرجمه بالغيب يقوم بفتح ما يهدى إليه من مصاحف ويقرأ فيها ماتيسر وهو ينتظر أذان المغرب أو أذان الفجر أو حتى وهو يقوم الليل إذا أحسنّا به الظن إلى أبعد مدى، فهل مر يومًا ما على آية «إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذى القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغى»، وهى آية لو تأملت لوجدت أن الحكام العرب لا يلتزمون منها إلا بإيتاء ذوى القربى؟

 

اجمالي القراءات 3179