أولا : وصمة الاستقواء بالخارج فى ثقافة العبيد
1 ـ ثقافة الاخوان المسلمين توجب الوقوف مع الحاكم المسلم الظالم مهما بلغ عداؤهم له ومهما بلغ ظلمه ومهما بلغ جهادهم ضده . وفى كل الأحوال فلا يجوز الاستعانة عليه بأجنبى ( أى غير مسلم ). وتعتنق التيارات القومية و الناصرية نفس المبدأ ، مع تغيير طفيف هو وضع كلمة (عربى ) مكان كلمة مسلم . أى فهم مع كل حاكم عربى مهما بلغ عتوه وظلمه ، ولا يجيزون الاستعانة عليه بغير العربي.
2 ـ يجمع الفريقين ;ن أنها معا ثقافة استبداد لا تؤمن بالديمقراطية وحق الشعب فى أن يحكم نفسه بنفسه ،بل تؤمن بحق المستبد فى استعباد الشعب ، وبالتالى هى ثقافة الاستعباد ( من أعلى ) وثقافة العبيد (من أسفل )..
ويجمعهما أنهما معا ضد المعسكر الديمقراطى الذى تتزعمه أمريكا . وبالتالى فإن الاستقواء بالخارج (اى أمريكا والغرب ) هو خيانة للوطن لأن الوطن عندهم هو الحاكم المستبد .
لا يؤرقهم أن يستطيل المستبد عليهم وعلى الشعب قهرا وبغيا و عدوانا ، فهى عندهم مسألة وقت تنتهى بموت المستبد ليأتى مستبد آخر يأملون أن يكون عروبيا أو اخوانيا ، أى إن الذى يؤرقهم فى الحقيقة أن يتم تدمير ثقافة الاستبداد وتوابعها مثل تجريم الاستقواء بالخارج ،لأن لهم أملا فى الوصول للسلطة ،وأن يحكموا مستبدين وفق ثقافة الاستبداد والاستعباد.
يجمع الفريقين معا أنهم نشأوا على تلك الثقافة وأنهم نشروا تلك الثقافة منذ ظهر الاخوان المسلمون عام 1928 ومنذ أن أسهموا فى قيام انقلاب العسكر عام 1952 ..وحتى الآن . ومع وجود عداء تاريخى بين الاخوان و الناصريين إلا إن ما يجمع الاخوان و الناصريين و القوميين أكثر مما يفرقهما ، وبالتالى جرت وتجرى محاولات لتصفية الأجواء واعتبار النزاع بين الاخوان وعبد الناصر مرحلة تاريخية انتهت ، ولا بد من طى صفحتها للوقوف معا ضد أمريكا والغرب ( أى معسكر الشر لدى القوميين و الناصريين ) و( دار الحرب لدى الاخوان والسلفيين ). التيار القومى الناصرى هو الساعى أكثر للتآلف مع الاخوان لأنه بدا واضحا أن الاخوان هم البديل الواضح لحكم العسكر . بينما يمارس الاخوان كعادتهم اللعب على الحبال السياسية لتحقيق مصلحتهم ولتأكيد زعامتهم على الجميع من وفد وناصريين وهامشيين .
ثانيا : البرادعى ( المنتظر )
1 ـ بظهر البرادعى تبلور حلم العثور على البديل الثالث بعيدا عن العسكر و الاخوان . ومن هنا التف الناصريون والقوميون حول البرادعى ، وأيده الاخوان مع الاحتفاظ بمسافة بينه وبينهم انتظارا لما تسفر عنه الظروف. استغل الناصريون حاجة البرادعى الى أرضية مصرية وهو الذى هبط بالبراشوت على أرضية السياسية المصرية يحمل معه ( وصمة ) أنه من ( الخارج ) وما تعنيه هذه الوصمة من وصمة أكبر وهى احتمال الاستقواء بالخارج .
2 ـ كون البرادعى موظفا دوليا محترما على مستوى العالم وحائزا على جائزة نوبل لا يكفى لانجاحه فى التربة المصرية السياسية التى جرى تسميمها خلال ثلاثة ارباع القرن ، ومن أعراض هذا التسمم الفكرى أن المصرى الذى يعيش فى الغرب هو عميل للغرب الى أن تثبت براءته . ليس مهما إن كان موظفا دوليا محترما كالبرادعى أو كان مصلحا سياسيا ومناضلا فى سبيل الديمقراطية والاصلاح السلمى ، وعانى من السجن و التشرد مثل سعد الدين ابراهيم أو أحمد صبحى منصور.
3 ـ ممنوع هنا أن تفكر أو تقارن بين تبعية مبارك وخدمته لأمريكا و المساعدات التى تلقاها من أمريكا وتبلغ نحو مائة بليون دولار وبين حياة أحمد صبحى منصور فى أمريكا منذ عشر سنوات تقريبا بدون عمل خلال أكثر من سبع سنين .
ممنوع ان تقارن بين غضب امريكا على البرادعى وهو غضب موثق ومعروف ومنشور وبين رضا امريكا عن حسنى مبارك واهمالها نصرة دعاة الديمقراطية المصريين المقهورين امثال سعد الدين ابراهيم مراعاة لخاطر مبارك .
4 ـ لسنا حسنى مبارك الذى قهر وسرق وعذّب وأذل وقتل وسجن ملايين المصريين ، بل نحن الذين وقفنا ضد حسنى مبارك بسبب فساده واستبداده وعجزه وخيبته وكراهيته لمصر والمصريين ولأنه الذى هبط بمصر الى مكانة اقل من مكانة موزمبيق .
ومع ذلك فان الشعب الذى صنعه حسنى مبارك خلال ثلاثين عاما يعتبرنا عملاء للغرب متناسيا أن العميل الأول للغرب وأمريكا واسرائيل هو حسنى مبارك ، ومتناسيا أن السياسة الأمريكية تفضل التعامل مع من يملك القوة على أرض الواقع ـ وهو حسنى مبارك ـ أما أمثالنا من ضحايا حسنى مبارك فلا نستحق أكثر من الشفقة وقبولنا لاجئين سياسيين نمارس حريتنا فى المعارضة .
5 ـ الأهم هو ذلك الذى نطالب نحن به والذى نقدمه لمصر دون مقابل .
نحن نطالب بما يطالب به المصريون فى الداخل، نطالب بالغاء قانون الطوارىء والافراج عن المسجونين ظلما و وإقرار حرية القضاء واستقلاليته ، واصدار قانون العبادة الموحد واصلاح الدستور ..الخ ، وكلها مطالب مصرية سبق أن وعد مبارك من قبل بتحقيقها ثم حنث بوعده كالعادة. ولما طولب بها ثانية أرسل جيشه يضرب المتظاهرين .هى مطالب أولية لتأكيد أسس الاصلاح السياسى فى مصر. الفارق بيننا وبين الداخل المصرى أننا نتمتع بالحرية فى القول وفى الحركة وفى التظاهر ، ومعنا الامكانات التى تجعل الصوت الوطنى المصرى يصل الى العالم من داخل عاصمة العالم ( واشنطن ).
لو كان هناك أمل بنسبة واحد فى المائة فى ان يستجيب مبارك للمعارضة فى الداخل لسكتنا ووفرنا وقتنا الغالى لما ينفعنا فى غربتنا ، ولكن يعلم من فى الداخل المصرى أنه لا أمل فى مبارك ، وأنه قام باغلاق كل الطرق السلمية المؤدية للاصلاح فى مصر ، وأنه يتعامل مع المعارضة فى الداخل بلغة البطش و الجبروت .. لذا كان حتما علينا وعلى وطنيتنا المصرية أن نرفع صوت من لا صوت لهم من المعذبين والمقهورين فى مصر.
ولا يجوز لنا أن نستأذن أحدا فى الداخل أو الخارج ، خصوصا وأن منا من وهب حياته للنضال فى سبيل الاصلاح و عانى السجن والقهر فى مصر الى ان أنجاه الله تعالى من القوم الظالمين فأصبح حرا طليقا فى الخارج ، وضميره الوطنى يرفض الراحة فى أجمل بلاد العالم لأنه يحمل مصر وجعا فى قلبه أينما سار ، وهو بما يفعل من أجل مصر متطوعا لا يريد جزاءا ولا شكورا ، وبينما تطمح المعارضة فى الداخل للحكم ، ومن أجل الحكم تناور و تحاور و تتغير مواقفها فإننا نعانى ونجاهد بسواعدنا العارية وبدون أى طموح سياسى على الاطلاق . أقول هذا عنه نفسى و من أعرفهم من أشراف المصريين فى الخارج.
هذه حقائق تنفى الشائع عنا ، من أن من يتعاون معنا يكون مستقويا بالخارج . ومع ذلك فان الناصريين والقوميين يرتعشون خوفا ورعبا من أى تعاون محتمل معنا لأننا نستقوى بالخارج .
ثالثا :(الاستقواء بالخارج ) هو الحل الوطنى الوحيد للأزمة المصرية .
1 ـ نحن لا نستقوى بالخارج ضد مصر ، ولكن ضد العدو الأكبر لمصر ، وهو حسنى مبارك .
هل يستطيع أحد أن ينكر مسئولية حسنى مبارك عن كل ما حدث للمصريين ومصر منذ تولى السلطة مستبدا معاندا للاصلاح من عام 1981 وحتى الآن ؟ أحوال المصريين فى الفقر والجوع و التعذيب و الفساد أصبحت حديث العالم واستهجان واستنكار منظمات حقوق الانسان ، وكلما ارتفعت الصرخات تطلب الرحمة و العدل والحرية إزداد حسنى مبارك عنادا وتعنتا وبطشا وتجبرا . لا أمل فى اصلاح يأتى على يديه لأنه منبع الفساد والاستبداد ، ولأن الاصلاح لا يمكن أن يبدأ أو أن ينجح فى وجوده ، لا بد أن يرحل ليبدأ الاصلاح .
ولكى يرحل سلميا لا بد من تدخل المجتمع الدولى ممثلا فى الأمم المتحدة و امريكا و الغرب . بدون وساطة هؤلاء لا يمكن حل الأزمة المصرية . وهذا يعنى حتمية التدخل السلمى السياسى من الخارج ليسد عجز الداخل .
2 ـ أكره أن أكرر ما أقول ، ولكن التكرار هنا دليل على عناد الرئيس و على جمود الوضع المصرى مع تفاقم الأحوال الاقتصادية باضطراد بحيث أصبح التخوف من انفجار الوضع يتردد هنا وهناك . ولذلك كانت ـ ولا تزال دعوتى المتكررة لوساطة خارجية تنهى حكم مبارك سلميا وتتيح للمصريين تداولا سهلا وسلميا للسلطة يوفر سنوات من الحرب الآهلية والتدمير والخراب و حمامات الدم ، ودرس العراق والصومال وافغانستان ليس عنكم ببعيد .
هل يكون الاستقواء بالخارج تهمة وهو الذى يهدف الى حقن الدماء وارساء اصلاح تشريعى سياسى وديمقراطى ودينى وحقوقى. ؟
وفى اول كتاب بالانجليزية قدمته أثناء عملى للوقفية الأمريكية عن ( جذور الديمقراطية فى الاسلام ) عام 2002 اقترحت فى دمقرطة مصر سلميا عدة مقترحات منها ما يجب أن تقوم به أمريكا وما يجب أن تقوم به الأمم المتحدة فى سبيل التحول الديمقراطى السلمى فى مصر . والبحث منشور فى موقع الوقفية الأمريكية وفى موقعنا :
http://ahl-alquran.com/English/show_article.php?main_id=4145
و تكررت مقالاتى بالعربية والانجليزية فى دعوة المجتمع الدولى الى تدخل سلمى فى مصر لصالح مصر ولانقاذها مهاجما فكرة ( هيبة الدولة ) لأنها هيبة المستبد وارهابه للشعب ، ولأن مقولة ( عدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول ) أصبح ركيزة لاستبداد وانفراد شخص واحد بالتحكم فى شعبه ، يتخذ من الشعب رهينة وأسيرا يقتل من يشاء ويعذب من يشاء ويسرق وينهب كيف شاء ، مستعملا كل القوة ضد الشعب . وفى النهاية يدفع المجتمع الدولى الثمن فى صورة ارهاب . فالاستبداد يصنع الارهاب و يصدر الارهاب . تكرر هذا فى مقالات عديدة و فى ندوات فى واشنطن أؤكد فيها ان اصلاح الشرق الأوسط يبدأ باصلاح السياسة الأمريكية فى الشرق الأوسط لتكون مع شعوب الشرق الأوسط وليس مع مستبدى الشرق الأوسط.
2 ـ وقلت ولا أزال أقول إن الاستقواء بالخارج هو الحل الوحيد والمتاح للأسباب الآتية :
2 / 1 : إننا أمام حالة فريدة : شخص واحد هو حسنى مبارك يعطيه الدستور المصرى كل السلطات بدون أن يكون مساءلا أمام الشعب ، ويجعله القائد الأعلى للقوات المسلحة و للبوليس و المجلس العلى للقضاء ،أى يحتكر السلاح كله لنفسه ، ثم يجعل مجلس الشعب ومجلس الوزراء مجرد سكرتارية له ، تشرع له ما يريد وتنفذ له ما يريد ، ثم يقوم بالتجارة فى السلاح وابناؤه معه ويصبح الفساد فى مصر سياسة عليا مرفوعة الرأس ، لا يتوقف الحديث عنه فى مصر وخارجها ، فاذا تحرك عشرة أفراد فى مظاهرة أنزل لهم مبارك آلاف الجنود بعرباتهم المصفحة ، أى يستخدم معظم الجيش وقواته المسلحة و البوليس فى ارهاب الشعب وحماية نفسه واسرته تاركا الجرائم تسود الشارع المصرى ، بل يتم الاستعانة بالمجرمين و البلطجية فى ضرب المتظاهرين المطالبين بالحرية ، أى أن الشعب المصرى أسير فى يد مبارك داخل مصر .أفلا يحق لهذا الشعب الأسير المقهور أن يستنجد بالخارج ؟ خصوصا إذا كان مبارك تابعا وخادما لذلك الخارج ؟ وخصوصا إذا كان ذلك الخارج يملك ـ لو أراد ـ أن يضغط على مبارك ليرحل فى سلام متمتعا بما سرق ونهب مقابل أن يترك المصريين فى حالهم يصلحون ما أفسده مبارك فى سنوات عمره ؟
2 / 2 : الخوف من تكرار تجربة العراق لا مكان لها هنا ، بل العكس ، فإن تجربة العراق وافغانستان هى التى تحتم التدخل الخارجى السلمى . كنا قد حذرنا من التدخل العسكرى فى العراق وتنبانا بأنه سيكون فشلا يتضاءل أمامه فشل أمريكا فى فيتنام ، كل ذلك مسجل فى ندوات أمريكية عامى 2002 ، 2003 . أمريكا الآن لا يمكن أن تعيد نفس الخطأ بالتدخل العسكرى فى مصر مهما حدث . بل أنها من قسوة الدرس العراقى عازفة أيضا عن التدخل السياسى لحل الأزمة المصرية . وهو موقف أمريكى خاطىء ولكن يظل دليلا على أن التدخل الأمريكى المسلح فى مصر مستحيل .
2 / 3 . تحول العالم الآن الى قرية كونية واحدة ، وظهرت العولمة وبدأ تطور فى دور الأمم المتحدة و المجتمع الدولى اهتزت معه مقولة عدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول المستقلة ، بعد أن اتضح ان تلك الدول التى تحررت من الاستعمار الأجنبى قد وقعت تحت استعباد واستبداد عسكرى محلى أفظع من الحكم الأجنبى ، ويتذرع هذا الاحتلال المحلى بمبدأ عدم التدخل فى استبداده معتبرا أن الحاكم الفرد المستبد هو الوطن و هو الشعب.
شهدنا تدخل الأمم المتحدة والولايات المتحدة فى البلقان وقيام المحاكم الجنائية الدولية بمحاكمة مستبدين سابقين من الصرب والارجنتين ، وتدخلها فى محاكمة قتلة الحريرى فى لبنان وتدخلها لانقاذ أهل دارفور من المذابح و طلبها القبض على البشير . ولا ننسى الملاحقات الدولية لبعض القادة الاسرائيليين فى أوربا . أى إن الاستقواء بالخارج أصبحت له شرعية دولية وقانونية وواقعية ، وفيها تم تطبيق الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ، ولأن مصر وغيرها من البلاد العربية قد وقّعت ـ بل أسهم علماؤها ـ فى صياغة ميثاق الأمم المتحدة فمن حق الشعب المصرى أن يستقوى بالعدالة الدولية وهو يعانى التعذيب و الاذلال و الاستعباد من شخص واحد هو حسنى مبارك .
2 / 4 : الاستقواء بالخارج له مشروعية تاريخية ، مصطفى كامل استقوى بأحرار بريطانيا ضد بريطانيا ، واستعان بفرنسا ضد انجلترة ، ومحمد فريد مات غريبا فقيرا فى أوربا حيث قضى أواخر عمره يستعين بأوربا ضد الاحتلال الانجليزى . ولقد تأكد لنا الآن ان المستبد المحلى العسكرى أسوأ ألف مرة من الاحتلال الفرنسى ( حملة نابليون ) والانجليزى ..
2 / 5 : الاستقواء بالخارج أصبحت له مشروعية مصرية ، فالكثير من المنظمات والجمعيات والنقابات تهدد باللجوء الى المحاكم الدولية و الأمم المتحدة بسبب تعنت مبارك وإصراره على الظلم ، ومنذ بداية عهد مبارك تعودت منظمات حقوق الانسان المصرية الاستغاثة بالخارج ، وجعلت لها مشروعية مصرية برغم اتهامات مبارك لها بالاستقواء والعمالة للخارج . بدأ الاستقواء بمنظمات حقوق الانسان العالمية ، وستبدأ الاستعانة بالمحاكم الجنائية الدولية لمعاقبة مبارك، وهذا ما يؤرقه فعلا ـ لو كنتم تعلمون .!!
2 / 6 :الاستقواء بالخارج هو الحل الوحيد . الأزمة المصرية فى تداول السلطة لا تزال بدون حل منذ مطلع القرن الحالى . مبارك حائر بين التوريث والتمديد ، وآخر تصريح له أوكل المهمة لله جل وعلا قائلا إن من يعلم من سيحكم مصر بعده هو الله . مبارك أعرب مرات عن أمله فى الرحيل و العيش مع أسرته فى هدوء ما تبقى له من عمر ، ولكنه بسبب جرائمه وفساده وسرقاته يخشى من الملاحقة وأن يدفع الثمن لو تخلى طواعية عن السلطة بدون مقابل . وهو لا يأمن أى مصرى ولا يثق بأحد من (أخلص ) المطيعين له ، لأنه متأكد أنهم سيفعلون به ما فعله هو بالسادات ، ونفس ما فعله السادات بعبد الناصر ، هذا مع الفارق الكبير بين جرائمه وجرائم السادات وعبد الناصر. مبارك يثق فى الاسرائيليين والأمريكيين والأوربيين فقط . وبالتالى فلا بد من تدخل خارجى ، يكون وسيطا يثق فيه مبارك ويحس بالأمن معه . فالاستقواء هنا يعنى الوساطة الخارجية الأمريكية التى تتوسط لحلّ أزمة يعجز مبارك نفسه عن حلها .
الخروج الآمن لمبارك هو الحل الأمثل والذى يجنب مصر خطر الوقوع فى حرب أهلية تفجر مصر من الداخل ، ويدفع ثمنها فقراء الأقباط وفقراء المسلمين على السواء . ففى مقابل قتل مبارك وبعض أتباعه ستضيع حياة ملايين المصريين بلا ثمن .
الخروج الآمن لمبارك هو الحل الأمثل لضمان تغيير للأفضل ، ولكن هذا يستلزم وساطة أى تدخلا خارجيا يضمن لمبارك ولأسرته و كبار حاشيته الأمن . ولأن مبارك لا يثق فى المصريين فلا بد ان تكون الوساطة أمريكية غربية اسرائيلية حسب ما يريد مبارك لا حسب ما نريد نحن .
2 / 7 : وفى النهاية فإن للاستقواء بالخارج مشروعية قرآنية اسلامية .
فالانتصار للمظلوم ضد الظالم واجب اسلامى ، يقع ضمنا فى دائرتى (الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر ) و( التعاون على البر و التقوى وليس على الإثم و العدوان ). والعدل ونجدة الضعيف المقهور من أوائل القيم الاسلامية المتعارف عليها ، كما أن الظلم والبغى و العدوان والفساد والسرقة والاستبداد من أخسّ أنواع المنكر .
والانتصار للمظلوم ضد الظالم يقع مباشرة فى تشريع قتال الفئة الباغية المعتدية ( الحجرات 9) فإن تقاتلت طائفتان من المؤمنين فيجب التدخل من طرف مؤمن ثالث ليصلح ما بينهما ، فإن بغت إحدى الطائفتين فعلى الطرف الوسيط أن يتحالف مع الطرف المعتدى عليه ضد الفئة الباغية حتى ترجع عن عدوانها .
هنا تشريع بالتدخل المسلح لوقف عدوان مسلح قامت به فئة باغية على فئة أخرى مسلحة معتدى عليها .
فما بالكم ـ دام فضلكم ـ إذا كنا لا نريد التدخل المسلح بل التدخل السلمى تفاديا لحرب أهلية قادمة نحونا تكشّر عن أنيابها ؟
فما بالكم ـ دام فضلكم ـ إذكانت تلك الفئة الباغية تغير بجيوشها على شعب مسكين مقهور مسالم منزوع السلاح ؟
ما بالكم ـ دام فضلكم ـ بقوات الأمن المركزى و فرق الكراتيه والعربات المصفحة و ميليشيات الحزب الوطنى من البلطجية وعساكر البوليس و قيادات الشرطة تحتشد بالآلآف لتضرب بكل قسوة مجموعة صغيرة من الشباب النقى الطاهر من الذكور والاناث يحملون الزهور يرجون الحرية بالتى هى أحسن فتتناولهم كلاب الشرطة وكلاب حراسة مبارك بالضرب ، وينادى عضو فى برلمان مبارك بضربهم بالرصاص ، ويصرخ لواء شرطة من كلاب حراسة مبارك يأمر أتباعه مشيرا الى فتاة مصرية فى سنّ بناته قائلا : هاتوا البنت المومس بنت ..هل هناك بغى أكثر من ذلك ؟
وطالما لا يوجد بين مسلمى اليوم من يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ، وطالما لا يوجد فيهم من يهب لنجدة المظلوم المقهور وطالما أن الغرب وحده هو الذى يقوم بنجدة المسلمين فى الزلازل و المآسى والبراكين فلا بأس بأن نتوجه له طالبين أن ينقذ ملايين المصريين من بغى مبارك .. اللعين .
أخيرا :
هل لديكم حلّ آخر ؟