آحمد صبحي منصور
في
الإثنين ٠٢ - سبتمبر - ٢٠٢٤ ١٢:٠٠ صباحاً
نص السؤال
آحمد صبحي منصور
الإجابة :
1 ـ هناك من لا يصلى أبدا مستثقلا الصلوات الخمس ، أو غافلا عنها . لا يؤمن إيمانا حقيقيا بالله جل وعلا ولا باليوم الآخر . ينطبق عليه قوله جل وعلا :
1 / 1 : ( فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى (31) وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (32) القيامة ) .
1 / 2 : ( إِلاَّ أَصْحَابَ الْيَمِينِ (39) فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ (40) عَنْ الْمُجْرِمِينَ (41) مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47) المدثر )
2 / 1 ـ أسوأ منه ذلك المتدين المتاجر بدينه والذى يرائى بصلواته ، الساهى عن أن الصلاة وسيلة للتقوى ، ينطبق عليه قوله جل وعلا : ( أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3) فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُون الْمَاعُونَ (7) الماعون ) .
2 / 2 ـ كان هذا حال قريش التى إحترفت التجارة الدينية وإستغلال البيت الحرام لمصلحتها إقتصاديا ، وبسبب ذلك كذّبت بالقرآن الكريم فقال جل وعلا فيهم : ( أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ (81) وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ (82) الواقعة ) .
2 / 3 ـ توارثت قريش ملة ابراهيم ومنها الحج ، والصلوات الخمس والصيام . كانت قريش تؤدى هذه الصلوات دون ( كلمة حنيفا ) . حنيفا أى عبادة الله جل وعلا وحده ، والخشوع له وحده ، وعدم الوقوع فى الشّرك . قريش أشركوا بالله جل وعلا ، فجعلوا المساجد شركة بين الله جل وعلا وأوليائهم ، فأقاموا قبورا مقدسة فى مساجدهم وحول الكعبة . وعندما تصدّى لهم رسول الله محمد عليه السلام كادوا يفتكون به . نقرأ قوله جل وعلا: ( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً (18) وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً (19) قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً (20) قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلا رَشَداً (21) قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنْ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (22) إِلاَّ بَلاغاً مِنْ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً (23) الجن ) .
2 / 4 ـ فى تجارتهم الدينية إرتكبوا المعاصى وصدُّوا عن سبيل الله جل وعلا والمسجد الحرام . فقال جل وعلا عنهم وعن صلواتهم : ( وَمَا لَهُمْ أَلاَّ يُعَذِّبَهُمْ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (34) وَمَا كَانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلاَّ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ (35) الأنفال ). صلاتهم الشيطانية . هى ( مكاء ) أى صياح وصفير ، و ( تصدية ) يعنى صدُّ عن سبيل الله جل وعلا والمسجد الحرام .
2 / 5 ـ وفى حربها للاسلام أرسلت جواسيسها مهاجرين ليكونوا الأقرب للنبى فى المدينة ، وهو مكر تزول منه الجبال كما قال جل وعلا : ( وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ (46) ابراهيم ) . وأصبحوا أصهاره والأقرب اليه ، وقد أدمنوا النفاق ، ولم يصدر عنهم قول أو فعل يفضحهم كالمنافقين العاديين . قال جل وعلا عنهم ( وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ (101) التوبة ) المنافقون العاديون هناك إحتمال لتوبتهم . قال جل وعلا : ( إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنْ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً (145) إِلاَّ الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً (146) النساء ) . أما أولئك الذين مردوا على النفاق فقد أخبر الله جل وعلا مقدما أن النبى لا يعلمهم ، وأنهم لن يتوبوا، وأنه جل وعلا سيعذبهم مرتين فى الدنيا ثم ينتظرهم عذاب عظيم يوم الدين . إنهم صحابة الفتوحات الذين إستولوا على الدولة الاسلامية بمجرد موت النبى ، وإرتكبوا حروب الردّة والفتوحات الكافرة الظالمة وحروبهم الأهلية نزاعا حول المال إلاههم الأكبر.
2 / 6 ـ هم الذين أرسوا بعملهم أن تأدية الصلوات هدف فى حد ذاته . فإذا صلى الصلوات الخمس فلا عليه إن عصى . بهذا لا تكون الصلاة وسيلة للتقوى بل وسيلة للبغى والإجرام . وهذا هو السائد حتى الآن بين متدينى المحمديين . لا يقيمون الصلاة خشوعا فيها ولا يقيمونها تقوى فى التعامل مع الناس ، وصلاتهم لا تنهاهم عن الفحشاء والمنكر ، بل تجعلهم فعّالين للفحشاء والمنكر. الارهابيون يؤدون الصلاة ويقتلون الأبرياء ، ويجعلون هذا دينا وجهادا . لا فارق بين أبى بكر ( الصديق / الزنديق ) و ( أبى بكر البغدادى الداعشى ) .
3 ـ أتحفنا عصرنا الردىء بنوع جديد ، يزعمون أنهم قرآنيون . وخسئوا . يجعلون دينهم أن الصلوات إثنتان فقط ، ومنهم من ينكرها تماما ويسميها الصلاة الحركية . وفى أمثال هؤلاء يقول جل وعلا : ( قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كَانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ (52) فصلت ) . لوكان لديهم شكّ فى عدد الصلوات خمسا أو أقل ، لماذا لا يقيمون الصلوات الخمس ليكونوا فى الأمان ؟ إن كانت الصلوات إثنتين فهم قدموا نوافل ، أى زيادة . وإن كانت خمسا فقد أدوا المطلوب . الجريمة الكبرى هو أنه يشرّعون من عندهم تشريعا ما أنزل الله جل وعلا به من سلطان .
4 ـ هناك من يصلّى الصلوات الخمس وعقله شارد يفكر مشغولا بكل شىء عدا ما يقوله فى صلاته قياما وركوعا وسجودا . يؤديها بالتعود باللسان والحركات . ويظنُّ أنه بحركاته هذه قد أصبح من السابقين المقربين . هذا مرجعه للرحمن جل وعلا .
5 ـ هناك من يصلى وهو يتحرّى الخشوع ما إستطاع ، ويحرص على أن تنهاه صلاته عن الفحشاء والمنكر ، وهو يتهم نفسه بالتقصير ويلومها يخشى أن يفقد ثوابها . هذا ينطبق عليه قوله جل وعلا : ( إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ (57) وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ (58) وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لا يُشْرِكُونَ (59) وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ (60) أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ (61) المؤمنون ). اللهم إجعلنا منهم يا رب العالمين .!!